أبعاد الخفجى-رياضة:
لم يكن أكثر السعوديين تشاؤماً يتوقع الا يقترب من التأهل إلى الدور الثاني من دوري أبطال آسيا ٢٠١٦م سوى فريق سعودي واحد، واقتراب خروج ثلاثة فرق من دور المجموعات، وأضحى خروج الاتحاد والأهلي والنصر من الدور الأول مسألة وقت، كونهم بحاجة إلى أشبه ب”المعجزة” حتى يخطف أي منهم بطاقة التأهل ويصعد إلى دور ال١٦ قياساً على اوضاعهم ومستوياتهم في المجموعات الأربع، وصدم السعوديون في النسخة الآسيوية الحالية من المستويات والنتائج الباهتة التي كانت عليها الفرق السعودية، والحديث هنا عن متصدر الدوري السعودي الأهلي، فخلال الأربع جولات الماضية التي لعبوا فيها ١٢ مباراة لم يحققوا سوى انتصارين فقط وهو الرقم ذاته الذي حققه الهلال من أربع مباريات فقط، وهو ما يعكس الفرق الشاسع بين “الزعيم” والفرق الثلاثة، إذ تعتبر المشاركة السعودية في هذه النسخة هي الأسوأ منذ أعوام عدة، ولا نتذكر على الأقل خلال العشرة أعوام الأخيرة أن يكون التأهل إلى دور ال١٦ اقتصر على فريق سعودي واحد.
الدوري أولاً
الأهلي لم يقدم نتائجه الآسيوية المتواضعة بسبب سوءه هذا الموسم، بيد أن مدربه السويسري غروس وصناع القرار في النادي قرروا التركيز على “دوري عبداللطيف جميل” على حساب دوري ابطال آسيا، وهو قرار وجد ترحيبا لدى الأهلاويين الذين يفضلون لقب الدوري على الآسيوية في هذه المرحلة خصوصاً وأن مبارياتها انطلقت في وقت “الحصاد”، لكن كمتابعين رياضيين محايدين كنا نتمنى ان يوازن “الراقي” بين الجبهتين، ويحاول قدر الإمكان الا يظهر بالصورة التي ظهر عليها في الجولات الأربع الماضية وبعدته كثيراً عن التأهل وادخلته حسابات معقدة.
تدهور اتحادي
الاتحاد الذي كانت تزعم الجماهير بأن آسيا “لعبته” لم يفاجيء انصاره والسعوديين بل أن الآسيويين تفاجأوا من التدهور الكبير في مستوياته ورددوا “ليس هذا الاتحاد الذي نعرفه”، وهم محقون في ذلك، ف”العميد” لم يظهر بهذه الصورة في دوري ابطال آسيا منذ مشاركته فيها، حتى أنه كان يتألق فيها ولو كان سيئا في المسابقات السعودية، وكان بإمكان “الأصفر” أن يقدم أفضل مما كان لاسيما وأن مجموعته ليست بتلك القوة في ظل تواجد لوكوموتيف الأوزبكي والنصر الإماراتي وسباهان الإيراني، لكن المشاكل الموجودة في الاتحاد الفنية منها والإدارية القت بظلالها على مشواره الآسيوي وجعلته خصما سهلا لفرق المجموعة، إذ عجر عن تحقيق اي انتصار، واكتفى بتعادلاته الثلاثة.
معاناة صفراء
وماحدث مع النصر آسيوياً هو امتداد لما يعانيه محلياً، فالفريق البطل في اخر موسمين انقلب حاله رأساً على عقب، وتحول إلى محطة تزود بالنقاط محلياً وآسيوياً، وعلى الرغم من بدايته الجيدة في البطولة الآسيوية، إلا أن لخويا القطري كشف حال النصر خصوصاً في آخر مباراة جمعتهما عندما فاز عليه برباعية كانت قابلة للزيادة والوصول إلى نتيجة تاريخية بثمانية أو تسعة أهداف.
نتائج ممثلي الوطن الهزيلة في المشاركة الآسيوية اثبتت بما لا يدع مجالاً للشك بأن الكرة السعودية في تراجع مخيف، وأنها إن تقدمت خطوة فإنها تتراجع عشر خطوات للخلف، وهو ما يعني تطور أقراننا من غرب آسيا وتفوقهم علينا، في وقت كنا نهيمن على مواجهتنا معهم ونبسط نفوذنا عليهم، بل نقارع فرق شرق القارة الصفراء ونفوز عليها، لكن اليوم اصبحنا “حملا وديعا” للقارة بأكملها من شرقها إلى غربها.
تراجع الأندية والمنتخبات
كانت الكرة السعودية في فترة سابقة تعاني من تراجع في الأداء والنتائج قارياً على مستوى المنتخبات، وكان يقابلها نتائج مميزة للفرق السعودية في البطولة الآسيوية، لكن الحال اختلف اليوم، فعلى الرغم من أن طموحاتنا كانت رؤية منتخب يحقق نتائج مميزة مثلما كانت تفعل فرق الهلال والاتحاد والشباب والأهلي اسيوياً صدمنا بفرقنا “باستثناء الهلال” تنتكس وتتراجع نتائجها ومستوياتها وأصبح حالها مثل الأخضر السعودي وأسوأ، وهو ما يطرح علامات تعجب واستفهامات لا حدود لها، وبحكم أن احمد عيد هو المسؤول الأول عن الكرة السعودية فنسأله عن برنامجه الانتخابي الذي قدمه خلال ترشحه هل كان من ضمنه تطوير منتخبنا وجعله متفوقا مثل الأندية أم دهورة الأندية إلى المستوى الذي كان يقبع فيه الأخضر؟.
مستويات متباينة
الفروقات الفنية الكبيرة بين الفرق السعودية والآسيوية أحبطت اللاعبين وحتى إدارات أندية تلك الفرق، لأنهم مؤمنون بأن التتويج باللقب الآسيوي صعب للغاية إن لم يكن مستحيلاً لذلك نجدهم يختصرون المشوار ويركزون على المسابقات المحلية، وابلغ دليل على ذلك مافعله الأهلي هذا الموسم والنصر في النسخة السابقة، ولا يمكن تجاهل الأزمة المالية التي تعاني منها الرياضة السعودية وبالتحديد الأندية، إذ ألقت بظلالها على نتائج الفرق المشاركة آسيوياً، سواءً على اللاعبين وروحهم القتالية التي غابت بسبب مشاكلهم المادية مع ادارة النادي ومطالباتهم بحقوقهم المالية، أو من نوعية استقطابات اللاعبين الأجانب، فلا يمكن أن نقارن بين لاعبي ممثلينا الأجانب، وبين أجانب لخويا القطري والعين الإماراتي على سبيل المثال، فالفرق القطرية والإماراتية في غرب اسيا تدفع عشرات الملايين من أجل نيل خدمات لاعب واحد، وفي شرق آسيا جلبت الفرق الصينية لاعبين عالميين ودفعت لهم مئات الملايين، والمنطق يقول بأننا نحتاج إلى مجاراتهم، وأن يدعم كل فريق مشارك في آسيا مادياً من مسؤولي الرياضة لدينا بميزانية تسمح له بجلب لاعبين أجانب يصنعون الفارق مثلما نرى في صفوف منافسينا، ولو رجعنا للجولات الأربع الماضية لرأينا بصمات اللاعبين الأجانب في شباكنا.
الهلال لوحده
على الطرف الآخر لابد أن نعطي الهلال حقه، كونه حفظ ماء وجه الكرة السعودية بنتائجه حتى الآن، وهو المرشح الوحيد للوصول إلى الأدوار النهائية على الرغم أنه يصارع على أكثر من جبهة، فكأس ولي العهد كان من نصيبه، وينافس على لقب الدوري، إضافة إلى البطولة الأغلى كأس خادم الحرمين الشريفين، ليس كذلك فحسب بل أنه لم يستسلم للإحباطات التي تعرض لها آسيوياً بسبب الظلم التحكيمي الذي واجهه في آخر نسختين، خصوصاً نهائي “نيشيمورا” الشهير، كل ذلك لم يمنعه من فرض اسمه منافساً قوياً على اللقب هذه المرة ايضاً، كل ذلك يثبت بأن الهلال “كبير آسيا وزعيمها”، لكن عليه الا يستسلم لبعض حملات “التخدير” وأن يدرك جيداً بأن المشوار لم ينته بعد، والمستقبل أصعب مما مضى في البطولة الآسيوية التي سيعانقها يوماً ما، لأن محاولاته لم تتوقف بعد ولم يستسلم لكل الظروف الصعبة التي عانى منها.
«آسيا» صعبة قوية
رئيس الهلال السابق الأمير عبدالرحمن بن مساعد كان محقاً في تعليقه على البطولة الآسيوية عندما قال بأنه مقتنع بأنها “صعبة قوية” على فريقه والفرق الخليجية بالنظام الجديد، لكنها إن كانت صعبة على الهلال فهي أصعب بمراحل على غيره من الفرق، ونتائج فرقنا خلال النسخ الأخيرة اثبتت ذلك، فالزعيم وحده من ينافس ويقاتل ويصل إلى الأدوار النهائية، ولولا إرادة الله ثم الظلم التحكيمي الذي كان يتعرض له باستمرار لتوج باللقب الآسيوي أكثر من مرة. نقطة أخيرة لابد من الإشارة لها وهي موجهة للاتحاد الآسيوي لكرة القدم، وتخص نظام المسابقة الذي طبق لأول مرة في هذه النسخة بلعب الفريقين ذهاباً وإياباً بشكل مباشر وكأنه دور إقصائي، بدلاً من النظام السابق بلعب دوري ذهاب وآخر إياب، النظام الجديد قتل البطولة والمنافسة فيها، فالإثارة فيها لم تعد حاضرة مثل قبل، ولابد من إعادة النظر في هذا النظام وإعادة السابق.