أبعاد الخفجى-رياضة:
التعاون والرائد، أو الرائد والتعاون تاريخهما ومكانتهما وجماهيرهما أكبر من نتيجة مباراة وارفع من المهاترات والاتهامات، وأكبر من الشحن الذي يوقده بعض الإداريين والشرفيين والإعلاميين عبر البرامج والصحف والمواقع وشبكات التواصل نحو مسار لا يرتقي بمستوى المنافسة وقيمة الرياضة وعلاقة ابناء الوطن فيما بينهم، من الممكن أن يتحدث الرئيس والإداري والشرفي واللاعب عن الأداء وأسباب الخسارة والتعادل وحتى التحكيم، هذا أمر مباح عندما يكون بلغة راقية ونقد يهدف للعلاج وتقويم الأخطاء وتقديم سبل الإصلاح، ولكن أن يصل الأمر إلى اتهام النادي المنافس بتعاطي المنشطات كما جاء على لسان شرفي رائدي قبل لقاء الفريقين، ثم يرد الطرف الآخر بأن التحكيم وقف مع المنافس، ويتلو ذلك رئيسا الناديين بمحاصرة حكم مباراة فريقيهما أول أمس بعد نهاية المباراة مباشرة، فهذا يعني أن فكر من يفترض أن يكون”القدوة” لا يختلف عن فكر المشجع المحتقن والإعلامي المتعصب والإداري الذي لا يضبط اعصابه والشرفي الباحث عن الأضواء.
كان منظر محاصرة الحكم الدولي مرعي عواجي مقززا ولا يعكس وعي مسؤول أوكلت إليه مهمة قيادة ناد رياضي كبير يمثل جزءا من الشباب ويضطلع بمسؤولية تأسيس التنافس الشريف ورفع شعار “تواضع عن الفوز وابتسم عند الخسارة وتبادلوا السلام والمحبة عند التعادل”، هذا مالم يفعله محمد القاسم في التعاون ومنصور الرسيني في الرائد، الكل منهما كان في ذهنه الاحتكاك بالحكم وكأنه سبب رئيس في التعادل، فيما مباريات بصافرة محلية وأجنبية طرفها الفريقان كانت خالية من الأخطاء التحكيمية ولم يفلح أي منهما للفوز بالنتيجة، صحيح أن التحكيم العادل مطلب لكل الرياضيين، ولكن من سوء حظ كرة القدم وعشاقها أن هذه اللعبة لا تخلو من الأخطاء التحكيمية وهناك مباريات نهائية في كأس العالم لم تحسم باقدام اللاعبين انما حسمتها صافرة خاطئة، والشواهد كثيرة.
هنا لا ندافع ولا نشجع على تمادي الحكام في الأخطاء وإيجاد الأعذار لهم، ولكن ننادي بقليل من العقل والوعي وإدارك العواقب الوخيمة لبعض الاحتجاجات ومحاولات الاعتداء والنزول إلى الملعب بعد نهاية المباراة وسط منظر لا يليق بالتنافس الشريف ومعاني الأُخوة وعلاقة ابناء الوطن الواحد والمنطقة الواحدة الذين عليهم مسؤوليات أكبر من الانجراف خلف الاستفزازات والغضب في مباريات كرة القدم.
ما يحدث من رئيسي التعاون والرائد يدعونا للتأكيد على ضرورة إدارك المسؤول لمكانته وقيمة الجهة التي يقودها، وضرورة أن تكون تصرفاته وتصريحاته مسؤولة ومنسجمة ما يصب في سياق تقارب الرياضيين وتلاحم المجتمع كلل، لا أن يسابق البعض الريح نحو التهجم على الحكام وتقديم رسالة سلبية عنوانها التعصب وعدم التحكم بالاعصاب، وتأجيج الشارع الرياضي وشحن انصار فريقه والدعوة إلى الفوضى على نحو ما حدث من رئيسي التعاون والرائد.
تعادل التعاون ولم يكسب الرائد، فهل هذا نهاية المطاف وخراب الرياضة وانهيار الناديين؟، الأمر عادي جدا، ومن لا يحسن إدارة الأمور والتحكم باعصابه فعليه ترك القيادة لمن يتقنها، ويساعد على ترسيخ مبدأ التنافس الشريف والعلاقات الأخوية التي يفترض أن تسود الرياضيين وابناء المجتمع، فما قدمه الرسيني وبعض الشرفيين والإعلاميين والجماهير في الناديين الكبيرين رسالة سلبية من الممكن أن يقدمها، مشجع صغير في السن أو مصاب بمرض التعصب لا يدرك مصلحته وقيمة من حوله، ولكن لا يقدم عليه مسؤول مهم وعضو شرف يفترض أن يرتقي بمكانته ويتجنب ما يسيء ويؤثر على علاقة ابناء المنطقة الواحدة التي تفرض عليهم ظروف حياتهم اليومية التلاقي والتعامل في مختلف شؤون هذه الحياة ولا يمكن أن تؤثر عليها نتيجة مباراة، ولو كان هناك مسؤول قوي في رعاية الشباب واتحاد الكرة لما تم التمادي من رئيسي الرائد والتعاون وغيرهم من المسؤولين والشرفيين ومنسوبي بعض الأندية، ولكنهم استغلوا التهاون وغياب الحزم فكان الانفلات الذي شاهدناه على طريقة القاسم والرسيني بكل اسف.