أبعاد الخفجى-اقتصاد:
يُعد القطاع المصرفي السعودي، أحد ابرز القطاعات المصرفية على مستوى العالم، لاسيما حين النظر إلى تاريخ النهضة المصرفية في المملكة العربية السعودية، التي بدأت خطواتها النظامية الحديثة والمتطورة، عندما أنشئت مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما)، في عهد جلالة الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه في عام 1952م، وتم اعتماد وثيقة النظام الأساسي للمؤسسة ووضعه موضع التنفيذ، وقد ساند وجود مؤسسة النقد العربي السعودي في أدائها لأعمالها، وبالتحديد فيما يتعلق بالمراقبة والإشراف على أعمال القطاع المصرفي والبنوك التجارية العاملة في المملكة، صدور نظام مراقبة البنوك، الذي حدد الإطار العام لمجال أعمال البنوك وأنشطتها المصرفية المختلفة.
واليوم بفضل الإدارة والرقابة الحكيمة لمؤسسة النقد العربي السعودي على أعمال البنوك وأنشطتها، ومن ثم الإدارة الاحترافية للبنوك على كافة المستويات الإدارية، استطاع القطاع المصرفي السعودي، أن يحقق نجاحات ملحوظة في مجال العمل المصرفي، ليسبق بذلك الكثير من الدول في عالمنا سواء في العالم العربي أم العالم الإسلامي على حدٍ سواء، بل وحتى وعلى مستوى العالم الغربي، حيث قد صنفت وكالة «فيتش» العالمية العام الماضي القطاع المصرفي السعودي كرابع أقوى قطاع مصرفي في العالم، والذي يسبقه في ذلك ثلاثة أنظمة مصرفية على مستوى العالم، وهي النظام المصرفي في دولة أستراليا، وكندا، وسنغافورة على التوالي.
وما تحقق من نجاحات على مستوى القطاع المصرفي السعودي، ما كان له أن يتحقق دون وجود سياسات مصرفية مدروسة لمؤسسة النقد العربي السعودي، التي تعتبر المرجع الرئيس للقطاع البنكي وبالذات على مستوى تنمية الموارد البشرية، والتوطين، والسعودة بالقطاع، حيث قد أصبح لدى القطاع المصرفي اليوم خبرات وكفاءات وطنية يشار إليها بالبنان، وأصبحت تحتل مواقع ومناصب عليا أسهمت في تطوير القطاع المصرفي، في مختلف المجالات الإدارية والتشغيلية والتمويلية.
ويعتبر القطاع المصرفي من بين أكثر القطاعات المالية حساسية، وهو في حاجة ماسة إلى أن يُدار بأيدٍ سعودية لتحقيق الأمن المالي والاقتصادي، إضافةً إلى حماية هذا القطاع من أي اختراقات أو ممارسات مالية قد تؤثر سلباً على كفاءة واستقرار القطاع المصرفي مستقبلًا.
مقومات نجاح السعودة في البنوك السعودية
من أهم وأبرز أسباب نجاح السعودة في البنوك السعودية، استنادها إلى منهجية مرتبطة بتنمية القوى العاملة في المملكــة، وفقاً لمتطلبات خطط تنميـة القوى البشريـة في المملكة، حيث اعتمـدت البنوك في منهجيتها في السعودة، على زيادة فرص توظيف القوى العاملة الوطنية بمختلف مجالات العمل المصرفي، كما أنها سعت من خلال اتباعها لعدد من برامج السعودة، المواءمة بين احتياجات مجالات العمل المصرفي المختلفة، وفرص التدريب والتأهيل المتاحة في مجال العمل المصرفي سواء كان ذلك بداخل المملكة أم بخارجها، واستندت أيضاً سياسات السعودة في البنوك السعودية على تحقيق الاستخدام الأمثل للقوى العاملة، وتحفيزها على الإنتاجية، إضافة إلى ترشيد استقدام العمالة من الخارج وربط استقدامها بالحاجة الفعلية لها، وبما يُمكن من الاستفادة منها في عمليات الإحلال والسعودة وزيادة وتيرة توطين الوظائف.
وبذلك احتل القطاع المصرفي أحد أعلى نسب السعودة المطلوب تحقيقها بين القطاعات الاقتصادية والأنشطة المالية في السوق، ويتوقع للقطاع أن يحافظ على نسب سعودة مرتفعة في المستقبل، وذلك إيماناً من القائمين على إدارات البنوك بأهمية تحقيق هذا المطلب الوطني، والتعامل معه بالجدية والحزم المطلوب، لما في ذلك من مصلحة كبيرة للاقتصاد وللمواطن ولسوق العمل على حد سواء.
التدريب والتأهيل
وعلى خطٍ موازٍ لجهود البنوك السعودية في مجال السعودة والتوطين، قد بذلت البنوك جهوداً كبيرة للغاية في مجال تدريب وتأهيل العاملين بالبنوك على مجالات العمل المصرفي المختلفة، واستعانت بذلك بالقدرات والمعاهد المحلية ومراكز التدريب الخاصة بها، إضافة إلى إتاحة فرص الابتعاث والتدريب بالخارج في أرقى المعاهد والجامعات المعروفة على مستوى العالم، فعلى سبيل المثال لا الحصر، وبالتحديد على مستوى التدريب المحلي، قد استعانت البنوك بالمعهد المالي -المعهد المصرفي سابقاً- التابع لمؤسسة النقد العربي السعودي لتدريب العاملين لديها على كافة الأعمال والتخصصات المصرفية.
ارتفاع نسب التوطين
من بين أبرز وأهم المجالات التي أبدع فيها القائمون على إدارة القطاع المصرفي السعودي، عملية التوطين وسعودة الوظائف المصرفية بمختلف أنواعها على مستوى كافة القطاع وعلى مستوى أيضاً كافة البنوك، حيث قد بذل القطاع جهوداً كبيرة في ذلك، والتي انعكست بشكل إيجابي للغاية ليس فقط على مستوى البنك فحسب، وإنما على مستوى خدمة وراحة العملاء، ولا تزال البنوك حتى يومنا هذا وهي تواصل بجد واجتهاد سعودة الوظائف، وبالذات القيادية منها والتي تشمل الجنسين. وتُعد عملية سعودة وتوطين الوظائف بالقطاع المصرفي السعودي، إنجازاً وطنياً رائعاً لإدارات البنوك، لاسيما وأن ذلك يؤكد على إصرار وجدية إدارات وأقسام الموارد البشرية في البنوك بالالتزام بتوجيهات الحكومة الرشيدة في المملكة بضرورة سعودة وتوطين الوظائف التي يمكن توطينها وسعودتها، هذا بالإضافة إلى أن اهتمام البنوك بالسعودة والتوطين يتماشى تماماً مع توجيهات مؤسسة النقد العربي السعودي المستمرة بإلزام البنوك المحلية بوضع برامج توطين للوظائف في البنوك السعودية.
وقد سجل عدد العاملين في القطاع المصرفي في عام 2015م، ارتفاعاً بلغت نسبته (4.2%) مقارنة بالعام 2014م، ليبلغ عدد الموظفين (49.563) موظفاً وموظفةً، في حين ارتفع عدد الموظفين السعوديين من الجنسين في عام 2015م ليبلغ (44.688) موظفاً وموظفة، بنسبة نمو بلغت قرابة (4.5%) مقارنة بالعام 2014م.
ونتيجة لجهود السعودة والتوطين المدروسة للبنوك السعودية، فقد حققت البنوك على مستوى القطاع بل وحتى على مستوى البنوك نسب توطين وسعودة تفوق ما حققته قطاعات وأنشطة اقتصادية أخرى في المملكة التي لا تقل من حيث الأهمية والمكانة الاقتصادية عن القطاع المصرفي، حيث قد قاربت نسبة التوطين من الجنسين على مستوى القطاع المصرفي (90.2%)، بل إنها تجاوزت هذه النسبة في بعض البنوك المحلية لتصل إلى (96%) من إجمالي موظفي البنك، في حين بلغت نسبة العاملين السعوديين الذكور حوالي (77.6%) من الإجمالي، مقارنة بنسبة (9.7%) من العاملين الذكور غير السعوديين.
ســـــــؤال؟
- قام البنك الذي أتعامل معه بتغيير البنود والشروط الخاصة بالخدمات والمنتجات التي أحصل عليها، فهل يجوز للبنك القيام بذلك؟
- يتوجب على البنك إبلاغ العميل صاحب الشأن أولاً بأي تغيرات تطرأ على البنود والشروط قبل تنفيذ هذا الأمر بثلاثين يوم عمل على الأقل.
توسيع مجالات عمل المرأة
في القطاع المصرفي
وقد تميز القطاع المصرفي مقارنة بغيره من القطاعات والأنشطة الاقتصادية الأخرى، بتوسيع مجالات عمل المرأة السعودية، التي أصبحت تعمل في جميع الأنشطة المصرفية المتخصصة دون استثناء، لتشمل ذلك إدارة الخزينة، وإدارة الالتزام، وإدارة تمويل الشركات، وإدارة الاستثمار وغيرها من مجالات العمل المصرفي المتخصص، كما قد أصبحت المرأة اليوم بالقطاع المصرفي، تشغل أعلى المناصب الإدارية، حيث على سبيل المثال لا الحصر، تشغل إحدى السيدات منصب عضو مجلس إدارة بأحد البنوك المحلية، في حين تشغل أخرى منصب الرئيس التنفيذي للذراع المالي والاستثماري لأحد البنوك، وتشغل أخرى مسؤول ومدير إدارة الالتزام على مستوى البنك، وقد ارتفع عدد الموظفات السعوديات اللاتي يعملن بالقطاع خلال نفس الفترة بنحو (188%)، حيث قد بلغ إجمالي عدد السعوديات، اللاتي يعملن بالقطاع في عام 2005م نحو (2.156) موظفة، وارتفع هذا العدد ليصل إلى (6.208) موظفة بنهاية عام 2015م، وبلغت نسبة العاملات الإناث السعوديات حوالي (12.5%) من الإجمالي، مقارنة بنسبة (0.1%) من العاملات الإناث غير السعوديات.
يعتقد البعض…
ان التوطين والسعودة هو جزء من عمل البنوك ويخدم مصالحها بنهاية المطاف وتنفيذها لأعمالها (Doing Business)، وليس له علاقة أو ارتباط مباشر أو غير مباشر بشكل أو بآخر بمفهوم المسؤولية الاجتماعية للبنوك، وهذا المفهوم فيه شيء من المغالطة وعدم الدقة، باعتبار أن المسؤولية الاجتماعية للبنوك أو لغيرها، تعبر عن مدى التزام المنشأة بالمساهمة في التنمية الاقتصادية المستدامة، والعمل مع المجتمع على تحسين مستوى نوعية الحياة فيه، وغالباً ما ينظر إلى المسؤولية الاجتماعية من خلال التطورات في إحداث تغييرات إيجابية في مجال التنمية البشرية وجعلها أكثر شمولاً، بحيث تحقق الموازنة بين مصالح جميع الأطراف، وهذا بالفعل ما تقوم به البنوك المحلية في المملكة من خلال إعطاء جل اهتمامها وتركيزها على العنصر البشري وتنمية إمكانياته العلمية والعملية، بما في ذلك المحافظة على الموارد البشرية وتنميتها، باعتبارها المورد والعنصر الأهم بالنسبة للبنك، وبهذا فهي تحقق التوازن المطلوب بين خدمة أغراضها وتلبية احتياجات عملائها، وفي نفس الوقت قيامها بمسؤوليتها الاجتماعية تجاه المجتمع ككل، من خلال توليد الوظائف للمواطنين من الجنسين، والحرص على التدريب والتأهيل والارتقاء بأداء العاملين لديها، ولعل تحقيق القطاع المصرفي في مجمله والبنوك المحلية كل على حدة لنسب سعودة وتوطين، تعد الأعلى على مستوى القطاعات والأنشطة الاقتصادية الأخرى في المملكة، لخير دليل وبرهان على موازنة البنوك بين احتياجات العمل ومتطلبات المسؤولية الاجتماعية تجاه المجتمع ككل على وجه العموم وتجاه المواطنين من الشباب من الجنسين على وجه الخصوص.