أبعاد الخفجى-سياسة:
أعلنت الامم المتحدة امس الأربعاء أن أحياء حلب الشرقية باتت مصنفة “محاصرة” بسبب تطويقها وتعذر ايصال المساعدات اليها وتقييد حركة المدنيين فيها، فى وقت أعلن الجيش السورى مساء “تقليص” ضرباته على مواقع الفصائل فى المدينة.
وبعد يومين على تعليق الولايات المتحدة محادثاتها مع واشنطن بشأن سوريا، اعلنت موسكو ارسال سفينتين حربيتين للانضمام إلى قواتها فى المتوسط، فى وقت تعتزم فرنسا طرح مشروع قرار فى مجلس الأمن قبل نهاية الاسبوع، فى مسعى لوقف اطلاق النار فى حلب وإيصال المساعدات.
من جهة اخرى، اعلنت الأمم المتحدة الأربعاء أن صور الأقمار الصناعية لديها تؤكد تعرض قافلة مساعدات انسانية فى ريف حلب الغربى الشهر الماضى لغارة جوية، من دون أن تحدد المسؤول عن تنفيذها، وكان ناشطون معارضون وواشنطن اتهموا روسيا ودمشق بتنفيذها، الأمر الذى نفاه الطرفان.
وقال الناطق باسم مكتب الامم المتحدة لتنسيق المساعدة الانسانية ينس لاركى الأربعاء أن احياء شرق حلب أصبحت تتوافر فيها الآن المعايير الثلاثة لمنطقة محاصرة: تطويق عسكرى، وعدم وصول مساعدات انسانية، وحرمان المدنيين من حرية التنقل.
وتحاصر قوات النظام السورى منذ نحو شهرين الاحياء الشرقية تحت سيطرة الفصائل المعارضة بشكل مطبق، ويعيش نحو 250 الف شخص ظروفا مأساوية فى ظل نقص كبير فى المواد الغذائية والطبية.
وتتعرض المدينة منذ اعلان الجيش فى 22 سبتمبر بدء هجوم هدفه السيطرة على شرق المدينة، لغارات روسية وسورية كثيفة اوقعت 270 قتيلا بينهم 53 طفلا، وفق حصيلة للمرصد السورى الاربعاء.
وأعلنت قيادة الجيش السورى الاربعاء قرارها بتقليص ضرباتها، وقالت فى بيان نشرته وكالة الأنباء السورية الرسمية “سانا”، “بعد نجاحات قواتنا المسلحة فى حلب وقطع جميع طرق إمداد المجموعات الإرهابية فى الأحياء الشرقية للمدينة قررت القيادة العامة للجيش تقليص عدد الضربات الجوية والمدفعية على مواقع الارهابيين“.
ويخوض الجيش منذ أسبوع معارك عنيفة ضد الفصائل المعارضة، على ثلاثة محاور فى شمال ووسط المدينة وجنوبها، وتمكن من تحقيق تقدم على أطراف الأحياء الشرقية.
وبحسب مدير المرصد رامى عبد الرحمن، فان قوات النظام تخوض “حرب شوارع” وابنية وتتقدم تدريجيا متبعة سياسة “القضم” لتضييق رقعة سيطرة الفصائل المقاتلة.
ومساء الاربعاء اعلن عبد الرحمن لفرانس برس أن “الجيش السورى تقدم من حى الميدان شمالا وسيطر على المعهد الرياضى فى حى بستان الباشا“.
وأضاف “هذه أول مرة تدخل فيها قوات النظام حى بستان الباشا منذ أكثر من ثلاث سنوات. هناك اشتباكات عنيفة لكن دون غارات الجوية. تتركز الغارات الجوية الآن على حى الشيخ سعيد فى أطراف حلب الجنوبية“.
وفى ريف حلب الشمالى الشرقى، حيث تخوض فصائل معارضة هجوما تدعمه انقرة ضد الجهاديين، قتل 19 مدنيا على الأقل الاربعاء بينهم ثلاثة اطفال جراء غارات استهدفت قرية تحت سيطرة تنظيم داعش، وفق ما اعلن المرصد السورى لحقوق الانسان.
كما قتل جندى تركى وأصيب ثلاثة آخرون بجروح خلال مواجهات مع تنظيم داعش فى شرق بلدة الراعى شمال حلب، وفق ما نقلت وسائل اعلام تركية.
غارات استهدفت القافلة
وبعد أقل من ثلاثة اسابيع على استهداف قافلة مساعدات انسانية مشتركة بين الامم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الاحمر والهلال الاحمر السورى فى بلدة اورم الكبرى فى ريف حلب الغربى، اعلن برنامج الامم المتحدة لصور الاقمار الصناعية الاربعاء أنه تم استهداف القافلة التى ضمت 31 شاحنة بغارة جوية.
وادت هذه الغارات فى 19 سبتمبرالى مقتل 18 شخصا بينهم المسؤول المحلى للهلال الأحمر وتدمير 18 شاحنة مساعدات.
واتهم ناشطون معارضون وواشنطن كلا من روسيا والنظام السورى بتنفيذ الغارة على القافلة، لكن الطرفين نفيا ذلك وشككا فى أن تكون تعرضت لغارة جوية.
وشكل ادخال المساعدات إلى المناطق المحاصرة بندا رئيسيا فى اتفاق اميركى روسى لوقف اطلاق النار فى سوريا استمر اسبوعا قبل انهياره فى 19 سبتمبر. لكنه لم ينفذ. وتبادل الطرفان الاتهامات بعرقلة وقف اطلاق النار من دون أن تثمر محادثاتهما الثنائية فى اعادة احيائه.
وبعد يومين على تعليق واشنطن محادثاتها مع موسكو بشأن الملف السورى جراء التباين الكبير فى وجهات النظر، اعلنت روسيا الاربعاء ارسال سفينتين حربيتين للانضمام إلى قواتها فى البحر المتوسط.
وقال متحدث روسى باسم اسطول البحر الاسود لوكالات انباء روسية أن السفينتين غادرتا ميناء القرم الثلاثاء فى اطار “تناوب مخطط له” للقوات البحرية الروسية فى المنطقة.
وياتى ارسال السفينتين غداة اعلان موسكو انها نشرت انظمة دفاع جوى من نوع اس-300 فى طرطوس فى شمال غرب سوريا، حيث تملك منشآت بحرية عسكرية.
مباحثات رغم التعليق
ولكن قرار واشنطن تعليق المباحثات الثنائية لم يمنع وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى من أن يجرى اتصالا هاتفيا بنظيره الروسى سيرغى لافروف للتباحث فى الازمة السورية.
وحاولت الدبلوماسية الأمريكية التأكيد على أن هذا الاتصال لا يمثل تراجعا من قبل واشنطن عن موقفها ازاء موسكو، مشددة على أن “المباحثات الثنائية” بشأن سوريا لا تزال معلقة ولكن “الاتصالات لا تزال قائمة” بين البلدين.
وقال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية مارك تونر “انه سيكون امرا غير مسؤول أن نقطع ببساطة أى حوار مع وزير الخارجية الروسى لافروف ومع الروس فى المستقبل“.
وفى محاولة للتهدئة، اعلن المتحدث باسم الحكومة الفرنسية ستيفان لو فول الاربعاء فى ختام اجتماع لمجلس الوزراء أن بلاده ستطرح مشروع قرار فى مجلس الامن “قبل نهاية الاسبوع حول الوضع فى حلب وفى سوريا“.
وأعلنت الخارجية الفرنسية الاربعاء أن وزير الخارجية جان مارك آيرولت سيتوجه الخميس إلى موسكو والجمعة إلى واشنطن لبحث الازمة السورية والدفع بمشروع القرار.
وقالت الوزارة فى بيان أن “هذه الجولة تندرج فى اطار جهود فرنسا لضمان تبنى مجلس الامن الدولى قرارا يمهد لوقف لاطلاق النار فى حلب وايصال المساعدة الانسانية إلى من يحتاجون اليها من سكان“.
ونددت الرئاسة الفرنسية أيضا فى بيان الاربعاء بـ”التعديات غير المحتملة” التى يرتكبها النظام السورى المدعوم من “الطيران الروسي” بحق الشعب السورى.
وكان الاعضاء الخمسة الدائمو العضوية فى مجلس الامن الذين يتمتعون بحق النقض (الولايات المتحدة وروسيا والمملكة المتحدة وفرنسا والصين) اجتمعوا الجمعة لمناقشة هذا الاقتراح. ولم ترفضه روسيا من حيث المبدأ، وطلبت مهلة لدرسه بالتفصيل.
ويهدد مشروع القرار باتخاذ “مبادرات اخرى” إذا لم يحترم، لكنه لا يتحدث عن الفصل السابع لميثاق الامم المتحدة الذى يجيز استخدام القوة وفرض عقوبات