أبعاد الخفجى-اقتصاد:
البنوك هي الركيزة الأساسية لأي اقتصاد وتعافي البنوك دليل على تعافي الاقتصاد والأرقام التي اظهرتها البنوك السعودية خلال الفترة السابقة أرقام جيدة في ظل تراجع اقتصادي حاد وضعف في الانفاق وانكماش في السيولة ومع ذلك حافظت البنوك على ملاءتها المالية وجدارتها الائتمانية فهي تحافظ على نسب هي الأدنى من ناحية التعثر في القروض وكذلك تتميز بمعدلات عالية في نسب كفاية رأس المال.
ومع ذلك فقد تأثرت ربحية البنوك خلال الربع الثالث مقارنة مع الربع المماثل من العام 2015 وتراجعت الأرباح المجمعة للبنوك بحوالي 5% ولكنها مقبولة في ظل التراجع الاقتصادي ولم يحقق نموا في الأرباح الا مصرف الراجحي الذي نمت أرباحه بحوالي 17% وبنك البلاد الذي حقق هو الاخر نموا بحوالي 12%.
واذا رجعنا الى ارقام مصرف الراجحي نجد أن ودائع العملاء لم تنمُ الا بنسبة بسيطة جداً بينما محفظة التمويل نمت في حدود 8% وهي أقل بكثير من النمو الذي تحقق خلال السنوات الماضية. اذاً ماهي الأسباب التي جعلت مصرف الراجحي يحقق هذه الأرباح العالية؟
هنالك سببان الأول نتيجة لرفع أسعار الفائدة على القروض وفي المقابل ليس لديه ودائع مكلفة الا بنسبة بسيطة جداً والسبب الآخر أن مصرف الراجحي يعتمد كثيراً على تمويل الافراد وخلال هذا العام اعتمد على برنامج إعادة التمويل الذي يتيح للعميل سداد قرضه القديم والحصول على قرض جديد وبذلك يستفيد المصرف من نسبة الفائدة المرتفعة وكذلك من الرسوم الإدارية المقدرة ب1%من اجمالي مبلغ القرض.
اما بنك البلاد فان سبب نمو أرباحه هو نجاحه في رفع الودائع خلال هذا العام وكذلك تحقيق نمو في محفظة التمويل في حدود 8% وارتفاع المصاريف كان أقل من متوسط البنوك ويعود ذلك الى تراجع مخصصات خسائر التمويل التي أثرت بشكل سلبي على أداء البنك خلال الربع الأول. اما أكثر البنوك تراجعاً في الأرباح فجاء البنك السعودي الهولندي بنسبة 47% ثم بنك الاستثمار في حدود 38% وكان السبب الرئيسي لهذا التراجع هو زيادة المصاريف ولعل مخصصات خسائر التمويل هي التي رفعت المصاريف بشكل ملفت حيث زادت مصاريف البنك الهولندي بنسبة 67% وبنك الاستثمار بنسبة 64%.
أما ما يخص اجمالي الإيرادات فقد حقق مصرف الراجحي أعلى إيرادات والسبب كما ذكرناه أنفاً ويليه مصرف الانماء بنسبة نمو في حدود 17% الا أن المصرف تأثر في صافي الأرباح بسبب زيادة المصاريف التي ارتفعت في حدود 55% ويعزى ذلك الى أن نصف ودائع المصرف مكلفة حيث إنه يدفع عائدا عليها وارتفع العائد مع ارتفاع الفائدة على الريال كما أن مخصص خسائر التمويل أيضا كان لها تأثير على صافي الأرباح بينما لم يحقق بنك ساب وبنك الرياض أي نمو في الإيرادات بينما ارتفعت المصاريف لدى البنكين مما أثر على ربحيتهما.
الودائع تراجعت بنسبة 3% وهذا التراجع ليس سيئا في ظل تراجع السيولة في الاقتصاد الكلي وتراجع الانفاق الحكومي وقد حقق مصرف الانماء نمواً كبيراً في الودائع بحوالي 28% وقد يكون للمنتجات المتوافقة مع الشريعة والتي تعطي عائدا على الودائع هي أحد أسباب الارتفاع، أما البنك الأهلي كان أكثر البنوك تراجعا في حجم الودائع بحوالي 56 مليار ريال وبنسبة 15% من حجم الودائع لدي البنك ويعود سبب ذلك الى حسابات الجهات الحكومية التي تراجعت ارصدتها مع تراجع الانفاق الحكومي.
أما محافظ التمويل فقد نمت بنسبة 7% وكان الطلب على التمويل خلال هذا العام مرتفعا بسبب حاجة بعض الشركات للتمويل لتسيير اعمالها والتي تأثرت بسبب تراجع مستوى التدفقات النقدية وقد ساهم قرار مؤسسة النقد برفع نسبة القروض الى الودائع من 85% الى 90% الى توفير مساحة كافية للبنوك في التوسع في حجم الإقراض الا أن بعض البنوك استنفذت هذه النسبة مثل بنك الرياض والاستثمار والسعودي الفرنسي والسعودي الهولندي وحقق مصرف الانماء أعلى نمو في محفظة الإقراض بنسبة نمو 30% الا أنه لن يستطيع التوسع في الإقراض خلال الفترة القادمة لوصوله الى نسبة 90% التي حددتها مؤسسة النقد ، والبنك الوحيد الذي تراجعت لديه محفظة الإقراض هو البنك الفرنسي بنسبة تراجع -3% مما كان له الأثر في تراجع مخصصات خسائر التمويل لديه.
الاستثمارات هي الذراع الآخر التي تستخدمه البنوك لتنويع مصادر الدخل ومع أنه أقل ايرادا من القروض الا أنه أقل مخاطرة، ولذا فان معايير كفاية رأس المال تصنف مخاطر الاستثمار بنسبة 0% وخصوصاً عندما تستثمر في سندات حكومية الا ان هذه الاستثمارات تراجعت خلال الربع الثالث بنسبة 17% وكان أكثر البنوك تراجعا هو بنك ساب حيث تراجعت استثماراته بحوالي 33% بينما حقق بنك الجزيرة نموا في الاستثمارات في حدود 45% وربما يعود سبب الارتفاع في الاستثمارات لديه هو ضعف النمو في محفظة التمويل التي لم تتجاوز 2%.