أبعاد الخفجى-اقتصاد:
أحدث تأسيس الهيئة العامة للغذاء والدواء، قبل نحو 14 عاماً، تحولاً هائلاً في الوعي المجتمعي وطرق التعامل مع الدواء والغذاء، والمحيط الحيوي للصحة العامة، فأصبحت الهيئة “مرجعية” لا غنى عنها، تتولى جميع المهمات الإجرائية والتنفيذية والرقابية التي تقوم بها الجهات القائمة لضمان سلامة الغذاء والدواء للإنسان والحيوان وسلامة المستحضرات الحيوية والكيميائية وكذلك المنتجات الإلكترونية التي تلامس صحة الإنسان.
وهذه المهام المرجعية جعلت من الهيئة مركز دفاع متقدم يذود عن الوطن وموارده البشرية والاقتصادية، بالانطلاق من الصحة وأهم مدخلاتها (الغذاء والدواء).
ولذلك ليس بمستغرب أن المواطن متابع لصيق للهيئة ونشاطاتها، والأكثر إدراكاً لرسالة الهيئة ومهامها لا يروق لهم التعامل مع أي منتج له علاقة بالدواء أو الغذاء إلا أن يكون ممهوراً باعتماد الهيئة وموافقتها. ولشدة تصاعد سقف الوعي، ونمو الرصيد المعرفي الذي أوجدته الهيئة منذ تأسيسها وحتى اليوم، بات كثيرون من ذوي الحساسية المفرطة في الاستجابة لأي أسلوب ترويجي لمنتج دوائي أو غذائي، وبعضهم يبادر بإبلاغ الهيئة لتضع حداً لما هو مشكوك فيه، أو تطمئن الناس بسلامة المنتج.
هذه المعطيات المجيرة لصالح الهيئة العامة للغذاء والدواء تفسر اهتمام المواطن بأي تغيير يحدث في الهيئة، سواء على مستوى الإدارة أو الأنظمة الجديدة، أو التحديث في الأنظمة القائمة، فكل تغيير يطرأ على أي من هذه المستويات يتبعه بالضرورة تغيير يلمس المواطن أثره في نشاطات الهيئة. وعليه فقد تساءل المواطنون عن الجديد الذي يحمله الدكتور هشام الجضعي بعد صدور الأمر الملكي إمس الأول بتعينه رئيسا لهيئة الغذاء والدواء. وقبل تناول التغيير الذي يتوقع أن يتبع هذا التغيير في قيادة الهيئة، الواضح أن الخلفية المهنية والإدارية للدكتور الجضعي متسقة مع بيئة الهيئة، فهو في صميم مهام الهيئة، وقد عمل عميدا لكلية الصيدلة ومشرفا على الخدمات الصيدلية بالمدينة الطبية بجامعة الملك سعود، ومشرفاً على كرسي أبحاث الأمان الدوائي.
وهذه الخبرات التي يتكئ عليها الجضعي من شأنها أن تسهم في إعلاء صرح الهيئة نحو تعزيز مصداقيتها لدى المواطن، وقد أكد الرئيس الجديد بتأكيد الهدف الإستراتيجي للهيئة، وهو أن “سلامة الغذاء والدواء والأجهزة الطبية لها أولوية قصوى للرفع من مستوى صحة المواطن والمقيم.
وفضلاً عن هذا الهدف الذي بالتأكيد نشط فيه المسؤولون السابقون، فإن الهيئة، لتحافظ على حضورها القوي، تحتاج إلى التفاتة مهمة لأنظمة بعض النشاطات والمهن التي تدخل في دائرة مهامها، ومن ذلك نظام الصيدليات، الذي وصف بأن يقع في “منطقة تنازع” بين الهيئة ووزارة الصحة، بما لا يجعل للهيئة القول الفصل في ممارسات تحط من مهام الصيدلية، والصيدلة، ويرى بعض المتابعين لتطبيقات أنظمة الهيئة أن بعض استجابات الهيئة يعوزها الحسم بعقوبات رادعة. وهناك موضوع الغذاء بتداخله بين الهيئة ووزارة البيئة، وكذلك الإشراف على الرقابة على المبيدات.
وداخليا فإن منسوبي الهيئة لديهم مطالبهم وتطلعاتهم في إنجاز سلم وظيفي محفز على العمل المنتج، وإلى جانب كل ذلك فالهيئة، وهي بهذه الأهمية، وقد بنت لها مكانة في ذهنية المواطن والمقيم، ألا تستحق مبنى يكون من علامات العاصمة ورموزها العمرانية؟ على كل فالناس في كل المناشط التي تلامسها مهام هيئة الغذاء والدواء يترقبون جديد الدكتور الجديد.