عامر المالكي 

أبعاد الخفجي -عبدالمحسن ماهل,تصوير- يوسف العنزي:

ذكريات الزمن الجميل دائماً مايكون لها وقع  وطابع خاص حينما تروى من  مصدرها الصحيح ومنبعها العذب المتمثل  فيمن عاشوا تلك المرحلة,,العم مبارك بن دحيم بن درعان الدوسري المكنى بأبي دحيم أو أبا سعيد, شاهد على العصر كأحد أهالي الخفجي الأقدمين الذين عاشوا وعاصروا تفاصيل محافظة الخفجي بين الأمس واليوم , صحيفة «أبعاد الخفجي» إلتقت بضيفنا الكريم وخرجنا بهذا اللقاء الذي عرض لكثير من التواريخ والأحداث.

المولد والنشأة :

لايتذكر أبوداحم تاريخ محدد لولادته لكنه يربط ميلاده بأنه أتى عقب إنتهاء حرب المملكة مع الأدارسة (أومايسمى حرب جازان) أي في حوالي عام 1934 م  بمعنى أن عمره شارف على العقد التاسع ..ولد العم مبارك بوادي الدواسر وعاش فيها بداية حياته ثم تنقل عقب عقدين من عمره مابين الدمام والظهران ومن ثم دولة قطر طلباً  للمعيشة حتى إستقر به الحال في مطلع الستينات الميلاديه  بمحافظة الخفجي وكان عمره  حينها يناهز الثلاثين.

زواج العم ابو داحم:

تزوج ضيفنا لكنه لايحضره بالتحديد تاريخ زواجه إلا أنه يربط ذلك الحدث الخاص بتاريخ هام وحدث مهم وهو وفاة الملك عبدالعزيز حيث تزوج قبل وفاته طيب الله ثراه بعام ولديه من الذريه ثلاث أبناء وخمس بنات أكبرهم سعيد متقاعد من شركة عمليات الخفجي المشتركة.

 بداية علاقة الود والإستيطان بالخفجي :

يقول أبوداحم: ضمن محاولاتي ومسعاي الحثيث في طلب الرزق وبحكم ذهابي وترددي مابين الفينة والأخرى بين الدمام و الكويت لإيصال الركاب وأثناء مروري بمحافظة الخفجي لأكثر من مره بدأت أرى بأنني سأجد فرصه سانحة للعيش والإستقرار وبالفعل رجعت إليها في العام 1961 م بحثاً عن عمل في  وقت لم يتجاوز تعدد سكانها مائة نسمه ويضيف بأنه أثناء البحث عن فرصة للعمل كان هناك مقاول كويتي الجنسية يدعى عبدالله فرحان (متعاقد مع شركة الزيت العربية) من خلال كراج لإصلاح سيارات الشركة حيث وجدت مجالاً لي للعمل بمهنة ميكانيكي وبراتب يومي قدرة عشرون ريال وكانت تلك فرصة وطيفية ممتازة لم أفوتها

حكام وأمراء في ذاكرة العم مبارك :

حينما أتى وإستقر في محافظة الخفجي حينها كان

ملك المملكة العربية السعودية  هو الملك سعودرحمه الله

وكان أمير المنطقة الشرقية هو الامير سعود بن عبدالله بن جلوي آل سعود رحمه الله

وكان أمير دولة الكويت هو الشيخ صباح السالم رحمه الله

طبيعة السكن:

يذكر العم مبارك بأن سكنه كان في محيط  شبك (NCC) مقابل حي عشيرق حالياً وبالتحديد في المكان الذي يوجد به الآن جامع  عثمان بن عفان (جامع الفرشان) حيث كان السكن عبارة عن مجموعة خيام والسكان قليل لم يتجاوز عددهم حوالي سبعين شخص ثم تطور الوضع وبنيت الصنادق بديلاً عن الخيام.

بعضاً من الأسماء كانت موجودة آن ذاك في الخفجي :

يشير ضيفنا إلى أن هناك مجموعة من الأفراد و الأسر كانوا موجودين وقتها إلا انه لايحضره  إلا بعض الأسماء مثل ابن مدعج ابو خليفة و محمد بن مبخوت و الشاوي وحامد القحطاني والمجدوعي وابن صنيتان وابو زيد عبدالعزيز العتيبي وكان أول إمام يؤوم بالمصلين في مسجد داخل NCC الشركة الوطنية.

مسؤولو الحكم الإداري في ذاكرة العم مبارك في ميناء سعود وفي الخفجي :

يوضح ابوداحم بأن هناك كثير من الأسماء تعاقبت على الحكم الإداري سواء في الخفجي أو ميناء سعود والذي كان  يطلق على من يتبوء ذلك المنصب لقب أمير حيث جاء شخص لا يحضرني أسمه يدعى البقعاوي (الذين كان والده أميراً في القطيف) وابن عطيشان كان امير في ميناء سعود  ثم شخص من الحسا  ثم حماد الغريري ثم  السماري.

الدوائر الحكومية :

يشير ضيفنا إلى أنه لم يكن هناك دوائر حكومية إلا انه في غضون سنوات قليلة ومع بداية قدوم الناس للخفجي من أجل المعيشة  بدأ إفتتاح بعضاً من الدوائر الحكومية كالشرطة ومكتب للمحكمة( يحضر القاضي إنتداب يومين في الإسبوع من الدمام) ومكتب العمل وللبلدية والأمارة ومدرسة عمورية الإبتدائية كما أن المرور حينها كان قسمين مرور سعودي ومرور كويتي

ويضيف بأن أول رئيس بلدية للخفجي كان شخص يدعى الفريان وأول بنك كان بتك الرياض وكان عبارة عن مرتبل قرب كراج الشويعر ,كما كان أول مستشفى مرتبل داخل شركة الزيت السعودية اليابانية

الكهرباء  والماء والمواد الغذائية :

يقول العم مبارك :كانت المواد الغذائية تباع علينا عبر موزعين مابين الفينة والأخرى أو إذا ذهب أحدنا للكويت بالإضافة إلى محل  لحامد القحطاني ومن ثم توالى النشاط التجاري شيئاً فشيئاً

بالنسبة للكهرباء كانت شركة الزيت تقوم بتوصيل التيار الكهربائي  للدوائر الحكومية فقط  أما سكان الخفجي فقد كان يتم توصيل التيار إليهم عن طريق شخص اردني يدعى سلامة وكذلك عن طريق المجدوعي حيث كان كل واحد منهما لديه مولد كهربائي يقوم بتوصيل التيار لمن أراد بثلاثة دنانير في الشهر اما الماء فكان يمول لنا عن طريق شركة NCC( الشركة الوطنية للمقاولات) المتعاقدة مع شركة الزيت

خط السير إلى الدمام والوقت المستغرق :

يقول أبو داحم بأنهم كانوا يستغرقون مايقارب الخمس الى الست ساعات كي يصلوا إلى  الدمام  عن طريق سيارات البريد قبل أن تأتي سيارات الآجرة وكان خط السير يبدأ بالكويت ثم الوفرة وميناء سعود فالخفجي ثم السفانية فالنعيرية ومن ثم إلى الدمام كما أن قيمة الأجرة في حدود 10 ريالات

حوادث عالقة في الأذهان:

يشير ضيفنا  أبوداحم بأن هناك بعضاً من المواقف والحوادث التي  لاتنسىى منها على سبيل المثال لا الحصر

عاصفة الخفجي : يذكر أنه في يوم الخميس 11/1/1403هـ 28 أكتوبر 1982وفي حوالي الساعة الرابعة عصراً ، حدثت ظاهرة نادرة حيث اكتسح  المحافظة إعصار قوي جداً مخلفاً إصاباتدماراً كبيراً ,, مناظر رهيبة ومخيفة , عاصفة رعدية شديدة وغبار اصفر اللون وبرق متواصل ورعد وأمواج البحر هائجة ,وكانت تلك الرياح أو ذلك  الإعصار  مصحوباً بأمطار غزيرة  نتج عنه  تدمير وتلف كثير من الممتلكات (سيارات ومباني ) وقد استنفرت جميع أقسام مستشفى الخفجي لاستقبال الإصابات وتم نقل الإصابات الحرجة  إلى دولة الكويت وأعتقد أنها سجلت حالات وفاة

حرب الخليج  في العام 1411 هـ ـ  1990 م : وما صاحبها من  تفاصيل مختلفة ومتسارعة ومتلاحقة ووقوف الناس في دهشه وحيرة  غير مصدقين مايجري ,,قلق وإستنفار ومغادرة لمحافظة الخفجي حتى أصبحت شبه خاوية  حيث أعلن بأن الخفجي منطقة حرب ومن ثم دخول القوات العراقية ,, إلى أن تم تحريرها بتوفيق الله وقدرته و الرجوع للخفجي وتحرير الكويت وماصحب تلك العودة  من مشاهدات ومعايشة لآثار الحرب لعدة أشهر كالسحب الدخانيه وتلوث مياه البحر  .

في ختام حديث العم مبارك وجه عدة نصائح أفرزتها كل الظروف التي عاصرها وعايشها قال فيها:

أشكر الله عز وجل على نعمه التي لاتعد ولاتحصى وأسأل الله أن يديم علينا ما أنعم به علينا.وأود أن أهمس في أذن أبنائي المتابعين وأقول لهم إحرصوا على طاعة الله في السر والعلن والله الله في والديكم وعليكم بحسن الخلق والتسامح ,وإحرصوا على وطنكم وامنكم وأحذروا من تقلب النعم والأحوال وإشكروا الله على ما وهبكم من نعم وتذكروا أنه بالشكر تدوم النعم وإنتبهوا من أن يؤتى الدين أو  الوطن وأمنه من خلالكم . ولكم الشكر في صحيفة أبعاد الخفجي على هذه اللفته الكريمة وصلى الله على نبينا محمد.