أبعاد الخفجى-سياسة:
صرح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بأن عملية “درع الفرات” لا تهدف إلا إلى القضاء على المجموعات الإرهابية، وأن عملية “درع الفرات” لا تستهدف أي بلد وأي شخص، وإنما تهدف إلى محاربة تنظيمات الإرهاب. حيث جاءت هذه التصريحات بعدما ذكرت وسائل إعلام أن الرئيس أردوغان صرح بأن العمليات العسكرية هدفها إسقاط بشار الأسد في سورية.
ويتزامن إطلاق هذا التصريح في وقت قد أتمت فيه العملية العسكرية التركية “درع الفرات” في شمال سورية المئة يوم الأولى من عمرها يوم الخميس الموافق 1 ديسمبر بعد انطلاقها في 24 اغسطس 2016، حيث ظهرت لأنقرة جملة من النتائج الإيجابية والسلبية والانعكاسات التي استوضحت حجم التحديات التي تواجه القوات التركية على الأراضي السورية.
وفي معرض النتائج الإيجابية للعمليات، نجحت القوات التركية في إيقاف الهجمات الصاروخية التي كانت تشنها مجموعات تنظيم (داعش) على المدن الحدودية التركية خاصة مدينة كيليس قبل انطلاق العمليات العسكرية، وقد انخفضت حدة العمليات الإرهابية في تركيا منذ بداية العمليات في ظل استمرار محاولات انقرة إبعاد مجموعات التنظيم ومجموعات مسلحي وحدات لحماية الكردية (التي تصنفها تركيا جماعة إرهابية) من على حدودها نظراً للأضرار الأمنية الداخلية التي تمثلها على الداخل التركي.
أيضاً استطاعت تركيا إزاحة الشبهات الغربية التي كانت تتهمها بعدم القيام بالجهد الكافي لمحاربة تنظيم داعش، فما برح المتحدثون الاعلاميون في التحالف الدولي لمحاربة داعش وفي العواصم الغربية الكبرى بالتثمين على الدور التركي في محاربة التنظيم والتعويل على أنقرة في مستقبل المعارك والحديث عن دور تركي في تحرير مدينة الرقة من أيدي التنظيم.
من جهة أخرى استطاعت الدبلوماسية التركية إذابة الجليد في علاقاتها مع موسكو وفتح قناة اتصال جديدة في الموضوع السوري تقوم على محاربة تنظيم (داعش) في سورية بعدما كانت قناة مستقبل بشار الأسد هي الغالبة في اتصالات البلدين بخصوص الأزمة السورية، كما تمكنت أنقرة من فتح قناة اتصال أخرى مع طهران بخصوص مواجهة التمدد الكردي الذي يمثل عامل قلق لتركيا وإيران بجانب قنوات الاتصال الأخرى المعقدة بين الطرفين بخصوص الأزمة السورية.
في المقابل تظهر مجموعة تحديات وانعكاسات سلبية أمام أنقرة اتضحت في المئة يوم الأولى للعمليات مثل التزايد المستمر في تعقيدات المشهد السوري، حيث باتت أنقرة في قلب التعقيدات الداخلية والاقليمية والدولية للأزمة بشكل أكبر مما كانت عليه قبل 24 أغسطس وأصبح دورها متأثر بأي جديد على المستوى الداخلي والإقليمي والدولي للأزمة بشكل يتطلب أدوات جديدة وفعالة وعلاقات قوية ومتوازنة مع كل أطراف المشهد السوري للحفاظ على سلامة وضعها في سورية.
ويبدو تحدي آخر مرتبط بالجبهات التي تحارب عليها القوات التركية، فقد اشتبكت طوال الفترة السابقة مع مسلحي تنظيم داعش ومع قوات النظام السوري ومع مسلحي وحدات الحماية الكردية، كما لم تستطع أن تضمن فصل تام للجبهات بشكل أدى إلى سقوط قتلى في صفوف الجيش التركي كان اخرهم ثلاث جنود في 24 نوفمبر بغارة اتهمت أنقرة النظام السوري بشنها وأحداث اخرى مثل فقدان الاتصال بجنديان تركيان على حدود مدينة الباب الذي تم الإعلان عنه في 29 نوفمبر.
أخيراً وليس آخراً يظهر تحدي وضع إطار زمني محدد للعمليات العسكرية ومستقبل بقاء القوات التركية في سورية حيث تعيش أنقرة نفس أزمة موسكو في غياب أي مدى زمني لعملية درع الفرات مما يزيد التحديات السابقة حجماً وتعقيداً مع طول المدى الزمني لبقاء القوات التركية داخل الأراضي السورية ويرفع احتمالات التكلفة العسكرية والبشرية للعملية.