أبعاد الخفجى-اقتصاد:
لم يكن لدى أوبك سقف أعلى لمستوى إنتاجها الإجمالي، وبالتالي لم يكن لديها نظام لتوزيع الحصص بين أعضائها طوال العشرين سنة الأولى من عمرها (من عام 1961 إلى عام 1981). حيث كان الهدف الأساس من إنشاء منظمة أوبك هو فقط منع الشقيقات السبعة (شركات البترول العالمية) من التصرف الكامل في ثرواتها من البترول مقابل إعطاء حكومات دول أوبك بضع سنتات للبرميل أحيانا تزيدها أو تنقصها فجأة بدون إنذار مسبق حسب رضاها على (أو سخطها من) حكومة الدولة المالكة للبترول. بينما كانت هذه الشركات السبع الكبرى تتقاسم مع حكوماتها الغنية كامل إيرادات البترول.
بنهاية السبعينات وبداية الثمانينات كانت معظم دول أوبك قد بدأت تسترد سيطرتها تدريجيا على بترولها عن طريق تأسيس شركاتها الوطنية وشعرت دول أوبك لأول مرة بأنه بإمكانها الآن أن تتخذ قرار زيادة أو خفض إنتاجها من البترول للتحكم في سعر البترول بدلا من ترك كامل قرارات الإنتاج وتحديد السعر وتوزيع الإيرادات في يد الشركات الأجنبية وفقا لتعليمات وأنظمة وقوانين حكوماتها.
في عام 1982 بعد اجتماعات ومداولات متعددة قررت دول أوبك لأول مرة أن تضع سقفاً أعلى لإنتاجها الإجمالي عند مستوى 18.0 مليون برميل في اليوم. بينما كان إنتاجها الفعلي في نفس السنة 17.4 مليون برميل في اليوم، ومن أجل وضع هذا القرار موضع التنفيذ قررت دول أوبك أن تضع لكل دولة من أعضائها حصة معينة تلتزم بموجبها كل دولة بحصتها المحددة.
لم يكن الاتفاق على وضع سقف أعلى للإنتاج صعبا فغالبا كان يتم الاتفاق عليه بالإجماع، لكن بالعكس لم يكن توزيع الحصص بين الأعضاء سهلا ففي الوقت الذي كانت تتفق فيه جميع الدول الأعضاء على وضع سقف أعلى للإنتاج إلا أن كل دولة كانت تريد أن تحصل على حصة أكبر رغم (كما سيتضح أدناه) أن بعض الدول لم يكن لديها القدرة على إنتاج كامل الحصة التي كانت تطالب بها.
لقد اتفقت دول أوبك أن تضع ثمانية معايير لتحديد حصة كل دولة سنذكر منها ثلاثة معايير فقط هي: حجم الاحتياطي، وعدد السكان، والاعتماد على تصدير البترول. كذلك اتفقت دول أوبك أن الحصص تشمل فقط البترول الخام ولا تشمل المكثفات ولا سوائل الغاز ولا المشتقات الأخرى.
لقد تسبب وضع معيار عدد السكان في أن بعض الدول الكثيفة السكان كنيجيريا وأندونيسيا وفنزويلا حصلت على حصة كبيرة أكبر من قدرتها الإنتاجية مما أتاح الفرصة للدول ذات القدرة الإنتاجية العالية مثل قطر والإمارات والكويت أن تتجاوز حصتها رغم صغر عدد سكانها.
كذلك تسبب وضع معيار حجم الاحتياطي إلى تسابق دول أوبك على المبالغة في مقدار احتياطها فتدافعت دول أوبك دولة بعد دولة عقب وضع نظام الحصص مباشرة إلى مضاعفة احتياطها من البترول فقفز إجمالي احتياطي أوبك في سنة واحدة من 435.2 مليار برميل الى 786.6 مليار برميل، الأمر الذي لا زال يثير الشكوك حول مدى مصداقية هذه الاحتياطات.
ثلاث دول قفزت باحتياطها ثلاثة أضعاف هي العراق من 29.7 مليار الى 100 مليار برميل، والامارات من 32.2 مليار الى 98.1 مليار برميل، وفنزويلا من 20.3 مليار الى 59.1 مليار برميل. بينما قفز احتياطي الكويت من 67.7 مليار الى 96.5 مليار برميل، وقفز احتياطي المملكة من 167.9 مليار الى 260.3 مليار برميل، وقفز احتياطي إيران من 57 مليار الى 92.9 مليار برميل.
المعضلة: واضح أن دول أوبك الآن رغم رغبتهم الشديدة في القضاء على الفائض وإعادة التوازن إلى سوق البترول ووضع سقف أعلى للإنتاج. لكن ليس لدى كل دولة على حدة الرغبة في أن تتقيد بحصة تعتقد أنها غير عادلة وهذه المعضلة تقف حجر عثرة في التوصل إلى الاتفاق.
الأسبوع القادم -إن شاء الله- سنستعرض السيناريوهات المختلفة لحل معضلة الحصة.