أبعاد الخفجى-اقتصاد:
الصناعة الحربية من أهم الصناعات التي تساهم في تطور التكنولوجيا والاقتصاد معها، وتكفي الإشارة إلى أن الإنترنت في البداية كان مقتصرا على المجال العسكري قبل أن ينتقل عام 1983 إلى الاستخدام المدني، ولكن الوصول إلى هذه الصناعة ليس من الأمور اليسيرة، فهذه الصناعة مكثفة للعلوم والتكنولوجيا ورأس المال، وهي بالتالي قد أصبحت حصرا على البلدان المتطورة.
ونتيجة لخطورة المنتجات الحربية فإنها لا تصدر عادة إلا ضمن شروط وضوابط معينة، أما تكنولوجيا إنتاجها فإن الحصول عليها من أصعب الأمور، فهذه الصناعة بالإضافة إلى خطورتها تدر على البلدان المنتجة لها عشرات المليارات سنوياً؛ وهي بالتالي لا ترغب في فقدانها.. وربما تكون الهند من ضمن البلدان القلائل التي تمكنت من إقامة صناعة عسكرية متطورة مشتركة مع روسيا في بعض المجالات.
ورغم ذلك فإن هناك ظروفا معينة تمكن البلدان المراقبة لها من انتهاز الفرص التي تتيحها بعض التطورات المؤاتية، ومن ضمن تلك التطورات كان احتلال العراق 2003 الذي أدى إلى خراب البصرة والصناعة الحربية العراقية، الأمر الذي أضطر العلماء والعاملين في تلك الصناعة للبحث عن فرص للعمل في البلدان الأخرى، ويقال أن إيران كانت من أكبر المستفيدين، فقد تلقفتهم مثلما عملت بعد انهيار الاتحاد السوفيتي على توظيف العديد من الخبراء والعلماء السوفيت في مصانعها الحربية.
وها هي الظروف المؤاتية تضحك لنا هذه المرة وتفتح الأبواب أو بالأصح فها نحن بجدنا وجهدنا نقتنص الفرصة السانحة، لأن الأبواب لا تنفتح هكذا، وهي إن انفتحت لبرهة فإنها تحتاج من يقتنص تلك الفرصة النادرة قبل أن تفوت، وأعني بذلك تأزم العلاقات بين أوكرانيا وروسيا ودخول الأولى في أزمة اقتصادية اضطرتها للخضوع لشروط صندوق النقد الدولي الصعبة.
والأوكرانيون يقال عنهم إنهم متمرسون وواسعو الحيلة، ففي ظل المصاعب المالية التي يتعرضون لها حاولوا تسويق الطائرة السوفيتية التي عادت لهم، أنتونوف إيه أن – 225، على المملكة، وهي تعتبر أثقل وأضخم طائرة نقل في العالم، ولكون المملكة لا تحتاج هذا النوع من الطائرات فقد تم الاتفاق بخصوصها مع الصين.
ولكن هذا لا يمكن أن نقوله عن بقية عائلة أنتونوف ومن ضمنها أنتونوف -132 أو تدليعًا “أن-132″، وهي نسخة مطورة عن الطائرة السوفيتية أن-32 المتعددة الأغراض التي ابتكرها المخترع الروسي أنتونوف، وتستخدم هذه الطائرة، التي تصل حمولتها إلى أكثر من 9 أطنان، في الأساس للنقل الخفيف، ولكن يمكن تهيئتها لنقل الجنود والركاب أو إعدادها كطائرات استطلاع وحرب إلكترونية.
وطائرة أنتونوف ليس هو المجال الوحيد للشراكة مع أوكرانيا وإنما أيضًا صناعة الصواريخ “جروم” أي الرعد والتي يشاع إن المملكة بالتعاون مع أوكرانيا يطوران أحدث طرازاتها “9 كيه 720” البالستي، فهذه الصواريخ يمكن أن تكون مشابهة للصواريخ التي باعتها روسيا لإيران “إس 300″، وهي صواريخ دفاعية -هجومية من الطراز الأول.
ولذلك دعونا نتفاءل وأن نتمنى أن يؤدي هذا التعاون الحربي، وربما الاقتصادي لاحقًا، بيننا وبين أوكرانيا إلى تلك النتائج التي نطمح فيها وعلى رأسها تطوير مجمعنا الصناعي الحربي في المستقبل، الأمر الذي سوف يكون له عائده الاقتصادي خصوصًا إذا ما تم ربط الإنتاج الحربي بالإنتاج المدني.