أبعاد الخفجى-رياضة:
يعرف مصطلح “الظاهرة” على أنه الحدث غير العادي، الذي ربما يحدث غالباً مرة واحدة، يلفت معها الأنظار، قبل أن يتلاشى مع مرور الوقت، ولعل هذا المصطلح ينطبق تماماً على حال الفتح المغامر في موسمه التاريخي 2012-2013، الذي لا ينسى عندما فاجأ جميع المتابعين، وحصد لقب “دوري زين”، وأتبعه بأولوية خالدة، بتحقيق اللقب الأول لبطولة السوبر السعودي، ومكمن المفاجأة أن تاريخ الكرة السعودية لم يعرف بطلاً للدوري، خارج فرسانه الستة الكبار الهلال والنصر والأهلي والاتحاد والشباب والاتفاق، إذ ظلت هذه الحقيقة راسخة، قبل أن يخالفها الفريق “النموذجي” قبل نحو أربعة مواسم، ليقتحم قائمة أبطال الدوري بكل جدارة واستحقاق، على الرغم من أن الكثير من المتابعين حينها كانوا ينتظرون نهاية المغامرة بعد كل جولة، حتى أُسدل ستار المشهد الأخير بتتويج الفتح بطلاً لـ “دوري زين” وبأرقام قياسية، ومستويات فنية راقية، صنعتها المنظومة المتكاملة، على الأصعدة العناصرية والفنية والإدارية.
ما حدث بعد ذلك للفتح في المواسم التالية كان محبطاً لمحبيه، وشهد انفراط المنظومة الواحدة، ورحيل عناصرها التي صنعت تاريخاً خالداً في ذاكرة مدرجاته، ونتاج ذلك تراجعت النتائج بصورة كبيرة، إذ حل عاشراً في موسم 2013-2014، ثم اكتفى بالمرتبة السادسة في موسم 2014-2015، وعاد في الموسم الماضي خامساً قبل أن يتذيل ترتيب “دوري جميل” هذا الموسم، ليبصم للمرة الرابعة على التوالي على نهاية الظاهرة في موسمه الذهبي، وأمسى أول المهددين بالهبوط، مع مطلع الدور الثاني من “دوري جميل” هذا الموسم، على الرغم من مشاركته الثانية المنتظرة في دوري أبطال آسيا، وعودة مدربه السابق التونسي فتحي الجبال، إلا أن الفريق لم يحتمل رحيل أبرز عناصره المحلية والأجنبية، وحتى تغير مجلس إدارته، لتهتز أركانه وأضحى كل شيء حول الفريق النموذجي يوحي بأفول اسمه، ليس عن الاستمرارية في تحقيق البطولات فقط، بل حد العودة إلى دوري الدرجة الأولى، حيث كان قبل سبعة مواسم. حال الفتح الذي لا يسر محبيه يمثله الحكمة الشهيرة: “الحفاظ على القمة أصعب من الوصول إليها”، على الرغم من أن قصة النجاح التي سطرها الفتح ستظل ملهمة لبقية الأندية، في التقدم بجسارة نحو المنافسة، ومقارعة الكبار مهما كانت الإمكانات وحجم القدرات، إذ يكفي أبناء الفتح فخراً أن موسمهم الذهبي لم تتعد فاتورته الـ 20 مليون ريال، كما أعلن حينها، وفي ذلك الكثير من الدروس، ولكن أقساها أن تعود بعد كل هذا الإبهار إلى حافة السقوط، ما يتطلب وقفة جادة من شرفيي ومحبي النادي، نحو استعادة توازن الفريق، وتلمس خطواته السابقة، التي نجحت في مغامرتها في موسم 2012-2013، وحفرت اسم الفتح بين الكبار بكل اقتدار.