أبعاد الخفجى-اقتصاد:
اختتم المؤتمر السعودي الثالث للاستثمار والأوراق المالية أعماله أمس، والذي تنظمه غرفة الرياض ممثلة في لجنة الاستثمار والأوراق المالية، بالتعاون مع هيئة السوق المالية السعودية ويعقد تحت رعاية صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض.
وأكد عضو مجلس الإدارة ورئيس لجنة الاستثمار والأوراق المالية محمد الساير في كلمته الختامية أن نجاح المؤتمر كان للمشاركة الواسعة من قبل نخبة من الخبراء الاقتصاديين والماليين والمستثمرين ورجال الأعمال، ونتطلع إلى أن يكون للمؤتمر في المستقبل القريب نتائج مثمرة وبناءة ستسهم في تحقيق المزيد من الخطوات التطويرية التي تدعم تعميق آليات الشفافية والحوكمة للسوق، بما يتواءم ويدعم مرحلة التحول الاقتصادي التي أطلقتها المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- بإعلان رؤية 2030، وبرنامج التحول الوطني 2020.
وقدم الساير بالغ شكره لراعي المؤتمر ورئيسه الفخري صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض، الذي كانت لرعايته وتشريفه بافتتاح المؤتمر أقوى عوامل الدعم والنجاح لأعماله.
واشتمل اليوم الثاني على عدد من جلسات النقاش التي شارك فيها نخبة من المتخصصين والخبراء، وكانت الجلسة الأولى تحت عنوان “أنظمة السوق المالية وأثرها على القطاع الخاص”، والتي اكد خلالها المحامي د. فهد العرفج أن من أهم عوائق الاستثمار في المملكة تعدد جهات التقاضي وتشمل المحكمة العامة وديوان المظالم و100 لجنة متخصصة للتقاضي مثل لجان الأوراق المالية والجمارك، لافتا إلى أن هذا التعدد يحدث نوعا من التضارب في الاختصاصات، وهو ما يتسبب في إعاقة الاستثمار سواء المحلي أو الأجنبي.
وقال العرفج في الجلسة التي أدارتها خلود الدخيل عضو لجنة الاستثمار إنه قد يلجأ شخص للتقاضي أمام إحدى الجهات القضائية ويستمر في التقاضي لمدة طويلة ثم يكتشف أنه ليس أمام الجهة القضائية المختصة، وهو ما يحدث إرباكا شديدا له ويتسبب في إيجاد بيئة استثمار غير جاذبة وخصوصاً بالنسبة للاستثمار الأجنبي، كما أشار إلى إشكالية أخرى تتعلق بعدم وضوح كثير من الأنظمة وصعوبة فهمها من جانب الكثير من شركات القطاع الخاص والمستثمرين، بل أحيانا تكون صعوبة الفهم على المحامين الذين يضطرون للتوجه للجهة الحكومية المختصة للاستفسار عما استشكل بشأنها.
ومن جانبه نوه م. محمد العقيل من شركة جرير بآليات إدارة هيئة السوق المالية لأعمال السوق بأنظمة جيدة وصارمة اعتبرها جاذبة للاستثمار بالسوق السعودية التي قال إنها أكبر سبعة مرات من حجم السوق المصرية وأكبر أربع مرات من السوق الإماراتية، لكنه اشتكى من بعض الصعوبات الخاصة بأنظمة الهيئة والعقوبات الكبيرة بحق الشركات، وضرب أمثلة بفرض عقوبات في حال قيام الشركة بإبرام أي عقد دون موافقة الجمعية العمومية، كما اشتكى من النسخة الجديدة من نظام الحوكمة معتبرا إياه مكلفا بصورة كبيرة للشركة.
فيما تحدث د. عبدالعزيز الجزار رئيس الملز كابيتال فتناول معوقات التمويل للشركات الصغيرة والمتوسطة نتيجة ضعف الصناديق التمويلية ومحدودية تنوع منتجاتها، وفسر ذلك بأنه قطاع صعب لكنه واعد، لافتا إلى أن الصناديق تحجم عن تمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة خوفا من ضياع أموالها نتيجة المخاوف من تعثرها، وقال “إننا ما زلنا في طور تأسيس وإكمال أنظمة هذه الصناديق”، مؤكدا حاجة السوق للمزيد من هذه الصناديق وتنوع منتجاتها التمويلية.
ومن جهته أكد المتحدث محمد بن سليمان الرميح مدير إدارة العامة للمبيعات والتسويق بشركة السوق المالية “تداول” على أهمية إطلاق سوق الأوراق المالية الموازية لتنشيط حركة السوق، وقال إنها تجتذب نوعية جديدة من الشركات لم يكن بوسعها الادراج في السوق الرئيسية، وقال ان برنامج التحول الوطني 2020 يركز على إعطاء الشركات الصغيرة والمتوسطة لتجد فرصة للانضمام للسوق الموازية.
ثم عقدت جلسة حول ثقافة الادخار في المملكة تحدث فيها وائل ميرزا من الأهلي كابيتال، وبدر الجارد من بنك التنمية الاجتماعي، وأدار الحوار عاصم الرحيلي المدير الإقليمي لشركة سدرة المالية، وأكد المتحدثان ضعف ثقافة الادخار والتخطيط المالي لدى المجتمع السعودي، وشيوع ثقافة الإنفاق المفرط، وقال الجارد إن بنك التنمية الاجتماعي يتبنى استراتيجية خاصة بنشر وتشجيع ثقافة الادخار والتوازن المالي، تتوافق مع بيئة وثقافة المجتمع السعودي والشريعة الاسلامية، لافتا إلى أن معدل الادخار في المملكة لا يتجاوز 16% من مجموع السكان بينما تصل النسبة في دول الخليج 29% وفي الدول المتقدمة تصل 52%، وأن البنك إقترح تأسيس لجنة وطنية للادخار تأسست بالفعل من ممثلين لعدة جهات معنية، وهي بصدد إصدار استراتيجية الادخار.
وتابع الجارد أنه ثبت من واقع الدراسات أن الرياض والمدينة المنورة هما الأكثر إنفاقا في المملكة، بينما كانت نجران الأقل إنفاقا، وقال إنه بصفة عامة وجد أن معظم المواطنين ينفقون دخولهم، ولا يدخرون منها، بل يوجد عجز في دخل الأسرة يصل إلى 1750 ريالا شهريا، ووجد أن 45 دولة ليس بينها المملكة تبنت ثقافة الادخار.
أما وائل مرزا فقد اقترح تأسيس صندوق للتمويل من أموال الادخار بحيث تحقق فائدتين مزدوجتين الأولى تشجيع ثقافة الادخار والثانية مساعدة المواطنين في الحصول على قروض ميسرة، وقال إن البنوك عليها أن تشارك في إيجاد منتجات إدخارية تشجع المجتمع على الادخار، لافتا إلى أن البنوك تتجه إلى ما يحقق لها الفائدة، وأنها تركز على القروض وبطاقات الائتمان.
فيما أجمع المشاركون في جلسة نقاش “الاستثمار في التقنية وطريقة تقييم الشركات التقنية” على المستقبل الواعد للاستثمار في التكنولوجيا وتقنية المعلومات، غير أنهم أكدوا أن ضعف نقل المعرفة يبقى إحدى العيوب التي تكنف واقع الاستثمار التقني في المملكة.
وأكد م. مازن الداوود مستشار وزير التجارة والاستثمار على تصاعد النمو في صناعة التقنية وتوظيفها، مشيراً إلى أن النمو الحالي للشركات التقنية تؤكد أنه وفي خلال عشر سنوات ستكون هناك شركات قادرة على المنافسة الإقليمية، لافتا إلى أن التنافس حتى الوقت الحالي هو تنافس محلي.
ولم يخف الداوود تأثير التقنية على الوظائف وبعض الأعمال، وقال إن هناك شركات تقنية كان لها تأثير عالمي قبل سنوات إلا أنها اختفت، مؤكداً أن الواقع التقني له دورات حياة تحث على التجديد والابتكار للاستمرارية، مؤكداً أن الوزارة تدعم المستثمر شركاتهم الأجنبي والمحلي على السواء عند تقديم استثمار تكنولوجي ذو قيمة نوعية وكذلك تدعم صناعات نقل المعرفة.
وقدم كل من عبدالله الداوود الرئيس التنفيذي لشركة الطيار، وعدنان الشبيلي مؤسس فلاي أكيد، وطلال عجينة مدير شركة بي تابس في الجلسة التي أدارها معاذ النعيم عضو لجنة الاستثمار والأوراق المالية بالغرفة أطروحاتهم حول دور ريادة الأعمال والمشاريع الصغيرة والمتوسطة في مجال التقنية والتكنولوجيا، قدموا فيها نبذة عن مشاريعهم التجارية التي أنشؤها مؤكدين فيها على أهمية الابتكارية في استغلال التقنية وجعلها واقعاً مرغوباً وملحاً بالنظر لمتطلبات العميل أو طالب الخدمة.
أما في الجلسة الختامية للمؤتمر والتي عقدت بعنوان “شركات التقييم الأئتماني ودورها في الاقتصاد السعودي، تحدث فيها كل من نبيل المبارك رئيس مجلس إدارة وكالة سمة للتصنيف الإئتماني، وفهد السيف المتخصص في التقييم الأئتماني، وأدارها غانم الغانم الاستشاري في شركة جدوى، حيث أكد المتحدثان على أهمية تصنيف الصناديق التمويلية وتصنيف التمويل الحكومي والمصرفي.
ولفت المبارك إلى أن الدور الحكومي في التمويل سيتراجع في المرحلة القادمة، وأكد على ضرورة الاهتمام بالتصنيف المحلي والذي يتم بناء على تقييم المحفظة الإئتماني للمنشآت، وقال أنه يمكن الاستفادة من تجربة ماليزيا في هذا الخصوص، وأن معيار التصنيف الإئتماني الدولي يعتمد على الشفافية وهو ما يجب الإهتمام به في التصنيف الإئتماني المحلي، وكشف عن أن شركة سمة سوف تتجه إلى التصنيف الإئتماني الإقليمي خلال العام القادم.
من جانبه قال فهد السيف إن وظيفة المقيم الإئتماني لتقييم الشركة أو المنشأة يتوقف على معايير القوى الاقتصادية والمتمثلة في النمو والدخل ومدى تقبل الشركة للتقلبات الإئتمانية ومن ثم يصدر التقييم الإئتماني، مضيفاً أن تجربة التقييم الإئتماني المحلي لم تنجح في المملكة وإن كانت قد نجحت في دول أخرى مثل الهند، كما أن السوق السعودية تحتاج إلى عشرين وكالة تصنيف إئتماني محلية.