أبعاد الخفجى-اقتصاد:
دشنت منظومة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية في الرياض، أمس، عدداً من مبادراتها ضمن مسار “تطوير الصناعات الاستراتيجية”، وذلك ضمن مجموعة مبادرتها التي تبلغ مئةً وثلاث عشرة مبادرة، في إطار برنامج التحول الوطني الذي يُعد الخطوة الأولى نحو تحقيق رؤية المملكة 2030. وستكون المبادرة الرئيسة لهذا المسار هي “تطوير الصناعات الدوائية”، بينما تدعمها مبادرات مساندة في نفس المسار أبرزها مبادرة “إطلاق المركز الوطني للمعلومات الصناعية” ومبادرة “تطوير البنية الأساس لمدينة السيارات”، وكذلك مبادرة “توطين صناعة المطاط”.
وفي إطار تعليقه على إطلاق هذه المبادرات، أشار وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية، المهندس خالد بن عبدالعزيز الفالح إلى أن مسار “تطوير الصناعات الاستراتيجية” يمثل أحد أهم جانبي الاسترايجية التنموية في القطاع الصناعي، فيما يُمثّل تطوير الصناعات التحويلية الجانب الآخر، كما أن هذين الجانبين معاً هما امتداد وتعزيز للنمو الذي شهده القطاع الصناعي السعودي، ودفع به نحو القوة والثبات والاستدامة، مشيراً معاليه إلى أن عدد المصانع المنتجة في المملكة قفز من 198 مصنعاً في عام 1974، إلى أكثر من 7000 مصنعٍ في عام 2015، وبالتالي ارتفع رأس المال المستثمر في هذا القطاع من حوالي 12 بليون ريال في عام 1974، إلى أكثر من تريليون ريال في عام 2015.
كما بين الفالح أنه نتيجةً لهذا النمو ارتفعت نسبة إسهام القطاع الصناعي، عموماً، في الناتج المحلي الإجمالي للمملكة من 3% في عام 1974، إلى 12% تقريباً بنهاية عام 2015م. كما ارتفعت نسبة إسهام قطاع الصناعات التحويلية في الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي من 15% في عام 1974 إلى 21% في عام 2015م. مؤكِّداً أن الهدف من المبادرات ذات العلاقة بالقطاع الصناعي، التي تُطلقها منظومة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية، هو البناء على هذا النمو وتعزيزه وزيادته لترسيخ واستدامة قواعد الاقتصاد الوطني السعودي.
من جانبه، بين رئيس البرنامج الوطني لتطوير التجمعات الصناعية؛ المهندس أحمد السالم، أن توطين وتطوير الصناعات الدوائية يحقق الأمن الوطني تصنيعياً، في هذا الجانب ذي الأهمية الحيوية للجميع، فضلاً عما يحققه من أبعاد اقتصادية مهمة، خاصةً إذا ما عرفنا أن القيمة السوقية للدواء المُستهلك في المملكة اقتربت من 30 مليار ريال سعودي، تشكل الأدوية المستوردة منها حوالي 80 في المئة، الأمر الذي يستوجب عملاً جاداً لإيجاد بدائل دوائية محلية عالية الجودة وذات تكلفة مناسبة.
وذكر السالم أن مبادرة تطوير قطاع الصناعات الدوائية تأتي على رأس المبادرات في منظومة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية، ضمن مسار تطوير الصناعات الاستراتيجية، لما تنطوي عليه من أثر واضح؛ ليس على مستوى إجمالي الإنفاق الدوائي فحسب، بل بامتداد أثرها للمواطن والمُقيم، من خلال توفير الأدوية المحلية والبديلة،التي خرجت من نطاق حماية براءة الاختراع.
وأشار رئيس البرنامج الوطني لتطوير التجمعات الصناعية إلى أن الصناعات الدوائية في المملكة تواجه العديد من التحديات التي يمكن حصرها في ثلاثة محاور رئيسة: الأول هو ارتفاع فاتورة الدواء على الدولة، نظراً لاعتماد المملكة بشكل كبير على استيراد الأدوية ذات العلامات التجارية المسجلة والمعروفة بأنها عالية التكلفة، ومن هذا المحور، ينبثق تحدٍّ كبير يتمثل في أهمية تشجيع ودعم صناعة الأدوية البديلة، ذات التركيبة الأساس، محلياً، وتحدٍّ آخر يرتكز على رفع الوعي عند المستهلك بكفاءة هذه الأدوية العلاجية، التي تماثل الأدوية ذات العلامات التجارية المسجلة المعروفة عالمياً.
وواصل السالم حديثه مُشيراً إلى أن المحور الثاني للتحديات التي تواجهها صناعة الدواء يتمثل في ضعف تدفق الاستثمارات العالمية في هذا القطاع، مما يؤدي لنقص إمدادات بعض الأدوية المهمة، التي قد لا تشكل أولوية استثماريةً لبعض المصنعين الأجانب نظرا لضعف الجدوى الاقتصادية للاستثمار في بعض الأصناف الدوائية. أما المحور الثالث كما بيّنه السالم، فيتمثل في عدم وجود منتجين محليين للاحتياجات الدوائية الحساسة ذات البعد الحيوي في المملكة؛ كاللقاحات، ومشتقات الدم “البلازما”، والإنسولين.
يذكر أنه فضلاً عن استهدافها تطوير قطاعٍ اقتصادي حيوي، فإن مبادرة تطوير وتوطين صناعة الأدوية تعمل على دعم استعداد المملكة لمواجهة أي أمراض وبائية، لا سمح الله، خصوصاً في مواسم الحج والعمرة، كما تهدف لتطوير منظومة إجراءات القطاع الدوائي، وإيجاد البيئة المناسبة للابتكار فيها، واستقطاب الشركات الدوائية العالمية، ونقل خبراتها للمملكة، وذلك عن طريق التنسيق مع العديد من الجهات الحكومية ذات العلاقة بالصناعات الدوائية، للعمل على تحسين الأنظمة والسياسات الخاصة بالقطاع الدوائي والسعي إلى تطبيقها.
وكهدفٍ استراتيجي، تسعى المبادرة لزيادة إسهام التصنيع المحلي الدوائي، في إجمالي القيمة السوقية لقطاع الأدوية، بنسبة 50% بحلول عام 2020م ، الأمر الذي سيشكل نقلة قوية نحو اقتصاد مزدهر ومتنوع غير معتمد على النفط، كما سيخلق بيئة مناسبة للقطاع الخاص للإسهام في دفع عجلة التنمية في المملكة، في ميدانٍ على جانبٍ كبيرٍ من الأهمية، هذا فضلاً عن جعل المملكة بيئة جاذبه لاستثمار الشركات الدوائية العالمية ونقل خبراتها للملكة.
الجدير بالذكر أن مسار تطوير الصناعات الاستراتيجية، يتضمن مبادراتٍ مساندةً منها مبادرة “تطوير صناعة المطاط في ينبع الصناعية”، التي تهدف إلى توطين صناعة المطاط، لزيادة القيمة المضافة للمواد الخام وزيادة المحتوى المحلي. كما ترمي المبادرة إلى توليد أكثر من 1400 وظيفة بحلول عام 2020م، وبناء صناعات تحويلة متكاملة مع مصانع مزج المطاط، تتضمن إنتاج احتياجات رئيسة مثل سيور النقل وعوازل الأنابيب، وإنتاج سبعة ملايين إطار سنوياً، فضلاً عن إسهامها في توطين 50 في المئة من واردات دول مجلس التعاون الخليجي من المطاط.
وفي نفس المسار تأتي، كذلك، مبادرة “تطوير البنية الأساس لمدينة السيارات”، التي تهدف إلى استحداث 6200 فرصة عمل بحلول عام 2020م، وجذب استثمارات تقدر بأحد عشر مليار ريال. وكذلك مبادرة “المركز الوطني للمعلومات الصناعية”؛ وهو مركز وطني متكامل يحوي معلومات صناعية دقيقة وصحيحة، ويشمل مركز الترميز السعودي، الذي يعمل على ترميز وتصنيف المنتجات بناء على المواصفات الفنية، وتهدف هذه المبادرة، تحديداً، إلى تحفيز القطاع الخاص لتصنيع السلع وتوفير الخدمات محلياً، وتشجيع القطاعين العام والخاص للاعتماد عليها.
ويتضمن المسار كذلك مبادرة “تطوير التجهيزات الأساسية والتحويلية للمناطق الصناعية في مدينة جازان الاقتصادية” والتي تسعى إلى استقطاب شراكات استراتيجية جديدة في مجالي صناعة السيلكون والطاقة المتجددة ومصهر للنحاس بالتعاون مع البرنامج الوطني لتطوير التجمعات الصناعية.