شهد شهر فبراير الماضي ارتفاعا ملفتا لاستهلاك المملكة للنفط اذ وصل اجمالي الاستهلاك العام الى حوالي 2.13 مليون برميل باليوم، بعد ان سجل فى شهر فبراير 2016م 2.07 مليون برميل، ومع هذا الارتفاع، الا انه لا يزال اقل من الاستهلاك فى فبراير 2015.
أوضح ذلك د. سليمان صالح الخطاف مدير مركز التميز البحثي للتكرير والبتروكيماويات بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن، وقال: بنظرة سريعة لقراءة الاستهلاك المحلي فى شهر فبراير الماضي، نجد ان البنزين قد ارتفع الى 600 الف برميل باليوم مرة اخرى، وهو يقارب استهلاك فبراير 2015، وهذا يعكس حقيقة الطلب على البنزين بالمملكة، وهو طلب حقيقي له اسبابه المعروفة من نمو بعدد السكان وكبر مساحة المملكة، وعدم وجود وسائل نقل بديلة للسيارة، بالاضافة الى الاسعار الحالية التي تشجع على الاستهلاك.
واما الطلب على الديزل، فهو مختلف ويخضع لقوانين مختلفة بسبب تعدد استخدامات الديزل من وقود للشاحنات، وفى قطاعات اخرى مثل الزراعة وفي توليد الكهرباء. ولقد لوحظ انخفاض الاستهلاك المحلى للديزل فى فبراير الماضى الى 600 الف برميل باليوم ليتعادل مع استهلاك البنزين لاول مرة، وقد يكون سبب انخفاض استهلاك الديزل الى خفض استهلاكه بالكهرباء، والى الاجراءات الصارمة على الحدود لمنع التهريب، وبهذا الاستهلاك تحتل المملكة المرتبة الثامنة عالميا باستهلاك البنزين بعد امريكا والصين واليابان وروسيا وكندا والبرازيل والمكسيك رغم الفرق الكبير بعدد السكان.
وفى نفس الوقت يبدو واضحا، الانخفاض الكبير فى الاستهلاك المحلي للديزل، ويكفي ان نعلم ان المملكة استهلكت فى فبراير 2015 نحو 740 الف برميل باليوم اي أن الانخفاض يعادل 140 الف برميل فى سنتين. ولكن فى المقابل سجل زيت الوقود، وهو مشتق بترولي يستخدم بتوليد الكهرباء ارتفاعا ملفتا للنظر. فلقد ارتفع الاستهلاك المحلي لزيت الوقود من 322 الف برميل باليوم فى فبراير 2016 الى 456 الف برميل باليوم، وهي زيادة كبيرة تعادل الانخفاض باستهلاك الديزل. وهذا يوحي بأن سبب انخفاض استهلاك الديزل ربما يعود لاستبداله بزيت الوقود فى قطاع توليد الكهرباء. وبهذا اصبحت المملكة مع امريكا والصين اكبر ثلاثة دول بالعالم باستهلاك زيت الوقود. واما استخدام الحرق المباشر للنفط الخام لتوليد الكهرباء فلقد ارتفع فى فبراير 2017م الى 280 الف برميل باليوم. وتعد المملكة والعراق الذي حرق 200 الف برميل نفط خام باليوم فى شهر فبراير اكبر دولتين بالعالم باستخدام حرق الخام لتوليد الكهرباء.
وقال الخطاف: في الحقيقة فإن ارتفاع حرق السوائل البترولية لتوليد الكهرباء ونمو الطلب على التكييف فى فصل الصيف يدل على انه قد حان الوقت للتغير الاستراتيجي فى توليد الكهرباء بالمملكة، وانه لا يمكن الاعتماد على النفط او حتى الغاز الطبيعي وهما مصدران ناضبان الى الابد. ويكفى ان نعلم انه في فصل الصيف الماضي اي فى شهر اغسطس من عام 2016م تم حرق يوميا 740 الف برميل نفط خام و620 الف برميل زيت وقود بالاضافة الى حوالي 750 الف برميل مكافئ من الغاز الطبيعى لتوليد الكهرباء لتبريد حرارة الصيف. وبذلك تصبح المملكة فى فصل الصيف اكبر مستهلك لزيت الوقود بالعالم وضعف استهلاك امريكا. وفى هذا الاطار فلقد تم الاعلان مؤخرا على النية على توليد 0.7 جيجاوات من الطاقة المتجددة حيث أعلن وزير الطاقة المهندس خالد الفالح مؤخرا أن المملكة تسعى لانتاج 10% من مجموع حاجتها للكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة بحلول العام 2023، ضمن مشروع تحول اقتصادي كبير وطموح. والاكيد ان هذه الخطوة قد جاءت في وقتها لتأسيس مرحلة جديدة بتاريخ الطاقة بالمملكة، وهو الاستغناء التدريجي والمرحلي عن النفط فى توليد الكهرباء كباقي دول العالم الصناعي، حيث لا يستخدم النفط او مشتقاته الا بتوليد اقل من 5% من كهرباء العالم، ومعظم هذه النسب القليلة هي لدول اوبك، ولاشك ان هذه الخطوة لها مميزات كثيرة اولها تخفيف التلوث والتخطيط لمستقبل مليء بالطاقة المتجددة النظيفة والتي لاتنضب.