انتخب المرشح الوسطي ايمانويل ماكرون أمس رئيساً للجمهورية الفرنسية إثر فوزه على منافسته مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبن بنسبة تراوح بين 65,5% و66,1% من الأصوات بحسب تقديرات معهدي الاستطلاع “ايفوب” و”هاريس انتراكتيف”.
وبذلك يصبح ماكرون (39 عاماً) أصغر رئيس في تاريخ فرنسا مع تحقيقه فوزاً كبيراً على مرشحة حزب الجبهة الوطنية (48 عاماً).
وماكرون الذي لم يكن معروفاً لدى الفرنسيين قبل ثلاث سنوات ويصف نفسه بأنه لا ينتمي “لا إلى اليمن ولا إلى اليسار” هزم منافسته لوبن التي نالت بحسب أولى التقديرات 33,9% الى 34,5% في ختام حملة قاسية كشفت انقسامات عميقة في فرنسا.
ومنيت لوبن مرشحة الجبهة الوطنية المناهضة للهجرة ولأوروبا بذلك بهزيمة كبرى بعدما حققت أداءً تاريخياً لحزبها مع اقتراع شهد نسبة امتناع عن التصويت عالية (بين 25,3% و27%)، بحسب معهدي ايفوب وهاريس انتراكتيف.
وأثارت هذه الانتخابات انتباهاً عالمياً شديداً لأنها اعتبرت بمثابة اختبار أمام تصاعد النزعات القومية وبسبب تداعياتها على مستقبل أوروبا، لكن أيضاً بسبب صغر سن مرشح لا يتمتع بخبرة سياسية كبرى. شهدت الفترة بين دورتي الانتخابات عمليات انضمام واسعة لمعسكر ماكرون، وحصل في الدورة الأولى على 24,01%، بهدف قطع الطريق على لوبن التي كانت حصلت على 21,30% في الدورة الأولى في 23 أبريل.
وللمرة الثانية في 15 عاماً يصل اليمين المتطرف الذي ما انفك يكسب أصواتاً في الانتخابات، إلى الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية. لكن بخلاف ما حدث في 2002 بدت التعبئة الشعبية شبه غائبة وكذلك في صفوف اليسار الراديكالي حيث يرفض البعض “الاختيار بين الطاعون والكوليرا”.
وتوقعت تقديرات مراكز استطلاع الرأي أن تراوح نسبة الامتناع بين 26 و27%. وبلغت هذه النسبة في الدورة الأولى 22,23% في حين بلغت 19,65% في الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية في 2012.
وأدلى المرشحان بصوتيهما قبيل ظهر أمس في شمال فرنسا، ماكرون في منتجع توكيه ولوبن في معقلها العمالي في اينان- بومون.
وانتهت الحملة الانتخابية الجمعة بعد نشر مواقع التواصل الاجتماعي عشرات آلاف الوثائق الداخلية لفريق ماكرون عبر رابط نشره موقع ويكيليكس وروجه اليمين المتطرف عبر “تويتر”. ووصف ماكرون الأمر بأنه محاولة “زعزعة”.
وفتح القضاء تحقيقاً في “دخول نظام أوتوماتيكي لمعالجة البيانات خلافاً للقانون” و”انتهاك سرية المراسلة”.
ودعت اللجنة الانتخابية وسائل الإعلام إلى الامتناع عن إعادة نشر الوثائق التي قالت إنه تم الحصول عليها من طريق “الاحتيال” و”أضيفت إليها معلومات كاذبة”.
وشهد الأسبوعان الأخيران توتراً شديداً في الحملة الانتخابية بلغ أوجه مساء الأربعاء مع مناظرة تلفزيونية بين المرشحين كانت أقرب إلى حلبة ملاكمة. وانتقد بشدة أداء مارين لوبن حتى في معسكرها.
وأجرى الرئيس الفرنسي الجديد ايمانويل ماكرون ومنافسته الخاسرة مارين لوبن اتصالاً هاتفياً قصيراً وودياً مساء أمس. وقال المصدر من أوساط ماكرون إن الاتصال جرى قبل عشر دقائق من الإعلان الرسمي للنتائج.
وذكرت لوبن في بيان إنها اتصلت بماكرون لكي تتمنى له “النجاح” في مواجهة “التحديات الكبرى”، مشيدة بنتيجة تاريخية وكبيرة لحزبها الجبهة الوطنية.
وأعلنت أنها ستقود الجبهة الوطنية إلى الانتخابات التشريعية المقررة في يونيو، وأنها ستكون قوة المعارضة الرئيسية لماكرون.
بدورها، اعتبر المتحدث باسم المستشارة الألمانية انغيلا ميركل مساء أمس أن انتخاب ماكرون رئيساً لفرنسا “هو انتصار لأوروبا قوية وموحدة”.
وكتب شتيفن سايبرت على حسابه على موقع “تويتر”: “تهانينا.. إن انتصاركم هو انتصار لأوروبا قوية وموحدة وللصداقة الفرنسية الألمانية”. وأعلن أيضاً متحدث باسم رئيسة الوزراء البريطانية أن تيريزا ماي تهنئ بحرارة ماكرون بفوزه.
وقال المتحدث إن “فرنسا هي أحد حلفائنا المقربين ونحن نرحب بالعمل مع الرئيس الجديد حول مجموعة واسعة من الأولويات المشتركة”.
وكانت الشرطة الفرنسية قد أخلت بعد ظهر أمس باحة متحف اللوفر لوقت قصير إثر إنذار أمني. واكتفى مصدر في الشرطة بالقول إنه تم إغلاق المنطقة وتفتيشها من قبل فريق للشرطة “لتبديد أي شكوك”. وأضاف أنه قبيل الساعة 12,30 بتوقيت غرينتش تم إنجاز عمليات التحقق ما أتاح استبعاد أي تهديد.
من جهته، قال متحدث باسم حملة ماكرون أن عملية الإخلاء تمت بعد “رصد طرد مشبوه”.