طالب صاحب السمو الملكي الأمير د. عبدالعزيز بن سطام بن عبدالعزيز مستشار خادم الحرمين الشريفين، عضو شرف الجمعية العلمية القضائية «قضاء» بتصميم أداه يمكن الإفادة منها في قياس «العدل» وفق رؤية شاملة للإدارة العدلية، بحيث لا تقتصر على المحاكم فقط وإنما تشمل جميع الجهات التي تؤثر في أعمال القضاء بما في ذلك الإدارات الحكومية التنفيذية، مؤكداً أن الإدارة العدلية السليمة يجب أن تؤسس على المساندة لعمل القضاء وليس مجرد الرقابة، وأن تتضمن التمكين العلمي والعملي وليس التدقيق فقط، وذلك لأن الإدارة العدلية لا تصنع العدل وإنما تتيح فقط أفضل الفرص والوسائل والموارد لتحقيق العدل. جاء ذلك خلال محاضرة علمية بعنوان «الإدارة العدلية للتقاضي» والتي ألقاها سموه بالمعهد العالي للقضاء بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض بحضور جمع غفير من منسوبي الجامعة.
وأكد سموه على أهمية موضوع «الإدارة العدلية» باعتباره يجمع بين الإدارة وعلوم الاجتماع والسياسة إلى جانب القضاء، مشيراً إلى أن الإدارة العدلية تشمل جميع الجهات التي تؤثر في أعمال التقاضي وتعمل في الجانب الحقوقي ابتداءً من أجهزة الأمن والشرطة مروراً بالتحقيق والادعاء العام وكذلك وزارة العدل باعتبارها أجزاء من منظومة الإدارة العدلية.
وأشار سمو الأمير إلى أنّ القضية الأهم في موضوع الإدارة العدلية هي «العدل» ومدى تحقق العدل كمنتج من خلال الأحكام القضائية وكذلك مدى تحقق العدل كخدمة باعتبار ذلك الوسيلة التي يمكن من خلالها الوصول إلى العدل، لافتاً إلى أن ذلك يعني أن اتحاد الأقضية المعتبر شرعاً هو طلب الحكم القضائي إبراء للذمة للإلزام به.
وأضاف سموه أن المعنى الدقيق لمفهوم الإبراء للذمة يتطلب بدوره قياس وتقدير وهي معضلة أخرى، انطلاقاً من أن أي عمل إداري لا تستطيع قياسه وتقديره، لا تستطيع إدارته وتدبيره، ومن ثم فإنه إذا لم تستطع قياس وتقدير العدل، فلن تستطيع إدارة وتدبير القضاء. وتطرق سمو مستشار خادم الحرمين الشريفين إلى أن قياس العدل هو جوهر الإدارة العدلية، لافتاً إلى أهمية الوسائل التي تستخدم لإصدار الأقضية ومن ثم فإن أهم أعمال الإدارة العدلية هو قياس وتقدير العدل ودون ذلك لن يكون بالإمكان إدارة وتدبير القضاء، حيث يسهل على أي قاض استحضار المعلومات التي تعكس العدل بين المتقاضين أمامه ولكن معلوماته عن أدائه تكون غير كافية ولا تمكنه من تقويم نفسه بنفسه إلا بطريقة عمدية غير موضوعية.
وعن عوائق قياس العدل قال سموه: إن القضاء وظيفة معرفية والقاضي موظف معرفي والوظائف المعرفية لا يمكن تقيمها من قبل الإدارة، فلا يوجد أعلم من القاضي في موضوع القضية التي ينظرها، مؤكداً أن العمق العلمي من أبرز عوائق قياس وتقدير العدل.
وبين سموه أن التقييم الإداري لأعمال القضاء والإدارة العدلية لا بد أن تكون من خلال منظومة شاملة بما في ذلك الكثافة المعلوماتية من حيث توافر المعلومات ومن حيث النوع والكم والكيف، مؤكداً أن السمة الأساسية لتطبيق هذا القياس هي العدل ذاته، داعياً إلى تصميم أداة لقياس العدل وفق مجموعة من الخطوات منها وضع مؤشرات للعدل مثل الاتساق بمعنى عدم تناقض الأحكام وكذلك مقياس لمؤشرات الثبات الداخلي لقياس عدم تناقض أحكام القاضي مقارنة بأحكامه الأخرى عند تشابه التسبيبات.