توقع اقتصاديون، أن يكون دفع المملكة من خلال شراكتها الضخمة مع الولايات المتحدة الأميركية بشركات محلية للشراكة مع شركات عالمية، خطوة ناجحة ورائدة وإضافة نوعية للاقتصاد السعودي، ما سيحقق نسبة التوطين حسب الأنظمة وسيدعم السعودة ويخلق فرصاً وظيفية نوعية تستوعب التخصصات التي يدرسها الطلبة المبتعثون، إضافة الى ان بعض الشراكات ستدخل في نفس المسار، بعد أن تم توقيع اتفاقيات بين البلدين بقيمة 280 مليار دولار من ضمنها مستشفيات وقطاع عسكري ومعلوماتي وأنشطة اخرى مختلفة.
وقال الاقتصادي ناصر القرعاوي: “مما لا شك فيه أن المملكة حريصة على علاقتها بالولايات المتحدة الأميركية وتعطيها الأولوية بحكم العلاقة القديمة بينهم منذ أكثر من سبعين عاماً، وهي تشهد تطوراً من الثقة وتبادل المصالح وأحياناً تمر ببعض الشوائب ولكن سرعان ما تذوب لحرص الحكومتين على جودة العلاقة السياسية، والمملكة في الوقت الحالي هي من تدير عجلة التوازن في المنطقة، على رغم توترها بالاضطرابات السياسية، ولا يجب أن نغفل الدور الكبير لسمو ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الذي يمكن وصف زيارته لأميركا ولقاء الرئيس الأميركي ترامب بالبداية الحقيقية للوجه الجديد لهذه العلاقة الدبلوماسية بكل أشكالها ومحورها، الذي تفهم فيه رسالة الحكومة السعودية وأهمية العاصمة السعودية الرياض”.
وأضاف: “إن لقاء الرئيس الأميركي ترمب مع خادم الحرمين وأركان الدولة وحضوره لثلاث قمم تاريخية رسالة سعودية أقوى تأكيد وتصديق على النية السعودية بالوصول بالعلاقة بين البلدين لبر الأمان”، مؤكداً أن أكبر حشد رئاسي رافق الرئيس الأميركي وهو الأول من نوعه أثناء زيارته الرياض برفقة زعماء الاقتصاد وأصحاب وصناع القرار السياسي والاستراتيجي في الحكومة الأميركية، ورأوا ان الرياض تستطيع أن تعقد مثل هذا اللقاء الكبير في اسرع وقت من الزمن وفي اعلى درجة من التنظيم وجاءت تصريحات وزير التجارة الأميركية بان لا تستطيع دولة في العالم ان تنظم لقاء على اعلى درجة من التنظيم غير المسبوق من الجودة والإدارة العالية”.
وزاد القرعاوي، “ان توقيع اتفاقيات اقتصادية بهذا الحجم التاريخي بين الدولتين يشكل ثقلاً نوعياً لمستقبل الأفق الاقتصادي، الذي سيخلق آلاف الوظائف للسعوديين وسيسهم في التوطين، مضيفا “اننا جميعاً تحت جناح المملكة التي تسعى مع دولة أميركا لإخراج المنطقة من التوتر والصراع الطائفي بمختلف اشكاله واننا كشعب وحكومة وقيادة نلتف حول هذا التصور السعودي والأميركي لإخراج العالم من الأزمات السياسية والاقتصادية التي يعاني منها وتسببت في بطء الاقتصاد الدولي ومزيدا من التوتر”.
ولفت الى إن الاستثمار بقيمة تريليون و150 مليار عبر الشركات الكبرى من الولايات المتحدة الأميركية 23 اتفاقية في قطاعات مختلفة، إضافة الى شراكات أخرى مع أرامكو ونقل التقنية والصناعات الحديثة والشراكة مع أمريكا عبر شركاتها الضخمة وعبر هذه المنظومة من الشراكة، هي بالتأكيد دعم للاقتصاد السعودي سواء بما يتعلق استثمار مواردها الطبيعية من الغاز والبترول وايضا من الدولارات أو الريالات السعودية من خلال خزينة الدولة او صندوق الاستثمارات العامة، الذي يعتبر حاليا من أكبر الصناديق، وسيكون خلال العاميين المقبلين اكبر صندوق استثمار في العالم. وقال: “عندما يأتي طلبتنا المبتعثون في مختلف انحاء العالم وهم اكثر من 170 الف طالب و طالبة من 27 دولة سيجدون لهم مواقع في اكبر الشركات الأميركية، إضافة الى ان لدينا شراكة من خلال صندوق الاستثمارات العامة في البنية التحتية الأميركية وعندما يعرف ذلك المواطن الأمريكي سيكون ردة الفعل ايجابية تجاه المملكة ومواطنيها وستبدد الصورة السلبية عنها”.
ويرى الكاتب الاقتصادي خالد السهيلي، أن خطوة المملكة تسعى لتفعيل الشراكات مع الشركات العالمية، مع رؤية المملكة 2030 وتتماشى معها. وقال: “في هذا الإطار نحن ننظر إلى مدينة جازان الاقتصادية باعتبارها امتداد للجبيل وينبع الاقتصاديتين، وهي أيضا تكمل الخطوات الواثقة التي بدأت تظهر من خلال مدينة رابغ الاقتصادية. هنا تظهر الشراكات مع كبريات الشركات العالمية الأميركية والصينية واليابانية والسنغافورية وسواها من الشركات لتمثل محطة مهمة في توطين التقنية واستيراد المعرفة وفتح فرصا وظيفية للسعوديين والسعوديات. المملكة من خلال رؤية المملكة 2030 تعالج تقصيراً عانينا منه في السنوات الماضية، وكانت جولات خادم الحرمين الشريفين وجولات الأمير محمد بن نايف والأمير محمد بن سلمان في مختلف أرجاء العالم وتوقيع الاتفاقيات تتويجاً لهذا التوجه. لقد جاءت الاتفاقيات التي تم توقيعها مع الشركات الأميركية إبان زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب للمملكة لتأكيد هذه المسألة، ولقد أعطت رؤية المملكة 2030 إشارة البدء من أجل الخروج من الاعتماد الكامل على النفط إلى تنويع مصادر الدخل وخلق فرص استثمارية جديدة تفتح أسواق جديدة للمملكة من خلال احتضان صناعات مختلفة تنطلق صوب إفريقيا وآسيا وبقية قارات العالم”.
وزاد أن القطاع الخاص لدينا فيه من المرونة ما يجعله قادر على التكيف مع الفرص الواعدة التي بدأت تظهر في الأفق، والجودة تمثل أبرز الاشتراطات التي يمكن أن تراهن عليها منشآتنا، وهذه الجودة تأتي من خلال الالتزام بالمواصفات العالمية التي تضمن للصناعات المحلية مكانا متميزا، مضيفا “هذا الأمر ليس جديداً بالنسبة لنا. منتجاتنا في سابك على سبيل المثال، وغيرها من الصناعات الأخرى، ضمنت مكانة عالمية كبرى. والمنشآت المحلية الخاصة كانت ولا تزال تضخ كفاءات وخبرات ليس فقط في القطاع الخاص ولكن أيضا في القطاع الحكومي. وإيقاع العمل في القطاع الخاص، يتطلب أن يكون الأداء على أعلى مستوى، وهذا الأمر يصدق على الشركات الكبرى”. وأشار إلى أن المنافسة العالية هي عامل محفز للتجويد ولتقديم الأفضل، خصوصاً وإن سوقنا الاقتصادي يتهيأ لأن يصبح أكثر احترافية في الأداء وفي النتائج والمخرجات، وهذه أيضا من الثمرات التي أسست لها “رؤية المملكة 2030″، فهي تعتبر القطاع الخاص شريكاً ولاعباً أساسياً في منظومة التحول الوطني، ومن هنا فإن الكل يستشرف في المستقبل القريب نمو مشاركة القطاع الخاص والسعي لاستيعاب المزيد من الكفاءات المحلية من أجل تطوير عجلة الانتاج. فلا خوف أبداً على الشركات المحلية، هي قادرة على أن تواكب هذه المرحلة وتستفيد منها وتفيد المجتمع أيضا من خلال ضخ مزيد من الوظائف.