قبل سبعة وثلاثين عاماً من اليوم وقعت أول حادثة إرهابية في التاريخ قام بها شرق أوسطيون ضد المصالح الأميركية في المنطقة، وهي حادثة اقتحام السفارة الأميركية في طهران واحتجاز الأسرى في نوفمبر عام 1979، حيث اقتحم مئات الإيرانيين السفارة الأميركية في طهران واحتجزوا 52 مواطناً أميركياً لمدة 444 يوماً حتى عشرين يناير 1981.

وبعد فشل محاولات الولايات المتحدة للتفاوض على إطلاق سراح الرهائن، نفذت الولايات المتحدة عملية عسكرية لإنقاذهم في 24 من أبريل 1980، لكنها فشلت وأسفرت عن مقتل ثمانية جنود أميركيين. وعلى الرغم من شعار الموت لأميركا الذي اتخذ منه نظام الملالي عنواناً لهويته السياسية، عزمت طهران منذ التسعينات إلى تشكيل مجموعة ضغط (لوبي) في واشنطن مؤلفة من عدة مؤسسات من أجل حشد الدعم لمصالح نظامها الحاكم، ولعل تصريح حسن روحاني خلال زيارته الأولى للولايات المتحدة في العام 2013 يعبر بشكل جلي عن الحلم الذي يداعب مخيلة ساسة إيران، وهو نيل رضا وصداقة الولايات المتحدة، حيث كان روحاني قد دعا الجالية الإيرانية المؤيدة للنظام بأن تقوم بدور وطني، وتشكل مجموعات ضغط فعالة للتأثير على الرأي العام الأميركي لمصلحة إيران.

ويواجه “المجلس الوطني الإيراني الأميركي” المؤسَس من مقربين من نظام الحكم في طهران مشاكل عديدة في واشنطن لأنه يُعرف نفسه على أنه منظمة غير ربحية وغير حزبية (لا يحق لها الترويج السياسي بسبب العقوبات على إيران) إلا أن الدعاوى المرفوعة ضده في واشنطن تشي بزيف الواجهة التي يختبئ خلفها هذا المجلس الذي يدعي عدم تسيسه بينما هو يماشي في الواقع خط طهران العدائي وتوجهاتها بدقة ليقوم بمهمة أساسية وهي الترويج لنظام الملالي في أروقة الكونغرس وغرف الساسة الأميركيين من خلال دفع الأموال الطائلة لشركات العلاقات العامة لتدخل شخوصا إيرانية مقربة من نظام الملالي إلى الأروقة السياسية الأميركية.

ويتفاوت نشاط جماعات الضغط الإيرانية في واشنطن بتفاوت مواقف الرؤساء الأميركيين من نظام الحكم في طهران، حيث تعاظم دور اللوبي الإيراني بالولايات المتحدة في فترة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما بشكل غير مسبوق، فأصبح الوسيط العلني بين طهران وواشنطن، فكان له دور بارز في توقيع الاتفاق النووي بين طهران والدول الست الكبرى، حتى وصول الرئيس دونالد ترمب إلى البيت الأبيض الذي “أعاد الأمور إلى نقطة الصفر”، بحسب تعبير هوشنك أمير أحمدي مؤسس المجلس الوطني الإيراني الأميركي إحدى جماعات الضغط الإيرانية في واشنطن. كما صرح هوشنك أمير أحمدي، الذي يعتبر أحد أبرز شخصيات اللوبي الداعم لطهران أن علاقات إيران والولايات المتحدة رجعت لنقطة الصفر بعد وصول ترمب للرئاسة.

وأضاف أنه “بعد وصول ترمب للرئاسة انتهى شهر عسل العلاقات بين إيران والولايات المتحدة، فجميع من كانوا يسعون إلى إيجاد علاقات بين البلدين وإجراء حوار بين طهران وواشنطن في الإدارة الأميركية ذهبوا”.

ومن المؤسسات الأخرى التي تنضوي تحت لواء اللوبي الإيراني في الولايات المتحدة مؤسسة “بيناد مستضعفان” ومقرها نيويورك ويشرف عليها جواد ظريف، إضافة إلى مؤسسة “أميركان إيرانيان أورغ” وجميعها تروج لنظام طهران.

وتزامناً مع الحملة الإعلامية الإيرانية المحرضة على التقارب الأميركي – السعودي وقمم الرياض وإنجازاتها بدأت جماعات الضغط الإيرانية في واشنطن حملة حشد لمحاولة إصلاح العلاقة المتهاوية بين إيران والولايات المتحدة في عصر ترامب، حيث شرعت بالتجهيز لفعالية كبرى يجريها المجلس الوطني للعلاقات الإيرانية الأميركية في سياتل في 15 يوليو للترويج لنظام الملالي في أميركا، وجمع التبرعات لدفع عمل جماعات الضغط الإيرانية في واشنطن.

وأخبر الرياض السيد دوج باندو من معهد “كاتو” للدراسات الخارجية في واشنطن بأن إيران محرومة من ممارسة نشاطات الضغط السياسي في واشنطن كأي دولة أخرى وذلك بسبب العقوبات المطبقة عليها، وكل النشاطات التي تقوم بها اللوبيات الإيرانية في واشنطن هي نشاطات غير مرخصة وغير قانونية ما عرّض عدد من المنظمات المدافعة عن إيران في أميركا للمحاكمة والمسائلات القضائية”.

وقالت السيدة ليديا دونيت الخبيرة بشؤون جماعات الضغط في أميركا: صحيح أن إيران تصرف أموالاً طائلة للتأثير على القرار السياسي الأميركي إلا أن هذا التأثير يكاد يكون صفريا في عصر الرئيس ترامب المصمم على السير في خط قريب من حلفاء أميركا في الشرق الأوسط الذي لا يريدون أن يروا إيران نافذة، كما يعلم ترامب جيداً مما يراه من الجالية الإيرانية في الولايات المتحدة بأن نظام ولاية الفقيه غير مرضي عنه إيرانياً بسبب صرفه مقدرات البلاد على مصالح ضيقة للإبقاء على حكم الملالي بينما تغرق إيران في الفقر والبطالة، إضافة إلى انتهاكات هذا النظام بحق مواطنيه الذين يأتون للكونغرس والبيت الأبيض ليطالبوا أميركا بمساعدتهم على خلعه بدلاً من تثبيته وتوقيع الاتفاقيات معه ما عدا بعض المأجورين والمقربين من النظام الذي يعملون للترويج لنظام طهران في واشنطن.