تحمل المؤشرات الإيجابية التي شهدها القطاع العقاري والسكني خلال الأيام الأخيرة الكثير من التفاؤل والأمل للمواطنين السعوديين، وتؤكد من جانب آخر حرص الدولة على دفع ملف السكن إلى الأمام، ودعمه بما يحتاج إليه من متطلبات مالية وفنية ومعنوية إلى جانب التشريعات والأنظمة اللازمة، بهدف تسريع خطوات حل أزمة السكن في المملكة في أسرع وقت ممكن. ولا يستبعد الكثيرون من العقاريين والمحللين الاقتصاديين أن يشهد القطاع العقاري، حراكاً غير عادي، في الشهور المقبلة، يثمر عن طرح منتجات عقارية جديدة وكثيرة، مدعومة من الدولة، بخلاف ما يساهم به القطاع الخاص، وتعمل جميعها في رفع نسبة التملك في صفوف المواطنين، وهو ما أشارت إليه رؤية المملكة 2030، وبرنامج التحول الوطني 2020، الذي أعلن أنه يهدف إلى رفع نسبة التملك من 47 في المئة إلى 52 في المئة.
أبرز المؤشرات الداعمة للقطاع العقاري والسكني، وإن كان بشكل غير مباشر، هو قرار خادم الحرمين الشريفين بعودة البدلات والمكافآت لموظفي الدولة، بعد وقفها قبل نحو أقل من عام، وهو ما ينعكس على في صورة رفع السيولة المادية لدى الموطنين، مما يمكنهم من الحصول على القروض العقارية التي يريدونها، ويمكنهم من سداد الأقساط التي يحصلون عليها لشراء مساكن أو بنائها. ومن أبرز المؤشرات المباشرة، ما أعلنه صاحب السمو الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد في حواره منتصف هذا الأسبوع في القناة السعودية، عندما عبر عن ارتياحه وتفاؤله بانفراج أزمة السكن قائلاً: “نحن متفائلون بحل مشكلة الإسكان قريباً”، معلناً في الوقت ذاته أنه “ستكون هناك مئات الآلاف من الوحدات السكنية المجانية تماماً خلال وقت قريب، وسيكون هناك أكثر من مليون وحدة سكنية بقرض ميسّر”. في الوقت ذاته.
ويشير حديث ولي ولي العهد إلى توجه جديد للدولة، بتوفير السكن المجاني الجاهز بهذه الأعداد الهائلة، وتوزيعها على غير القادرين من أبناء المملكة، وسيستفيد من هذا التوجه الآلاف من الأسر ذات الدخل المحدود وفوق المحدود، وأصحاب الحالات الإنسانية الصعبة غير القادرة على سداد أقساط المساكن، هذا بخلاف المليون وحدة ذات القرض الميسر”. ويؤكد المحللون أن هذا التوجه يشير إلى حرص الدولة اليوم أكثر من أي وقت مضى، على تأمين أكبر عدد من المساكن، وحل الأزمة بأي شكل كان، حتى وإن كلفها الأمر أموالاً طائلة، في إنشاء مئات الآلاف من الوحدات السكنية وتوزيعها بالمجان، وسوف يساهم هذا التوجه في الوقت نفسه على تخفيف تكاليف المعيشة على الأسر ذات الدخل المحدود، ليس هذا فحسب، وإنما سيساهم في رفع نسبة التملك في صفوف المواطنين، وهذا هو ما تسعى إليه رؤية المملكة 2030.
ولم تمر ساعات على حديث ولي العهد، بشأن قطاع الإسكان ومستقبله، إلا وأقر صندوق التنمية العقارية صرف التمويل المدعوم لمن دخله 14 ألفاً ريال وما دون من المستفيدين، دون أي أرباح للتمويل. وقال الصندوق إنه سيتكفل بأرباح التمويل بنسبة 100 في المئة لجميع أصحاب الدخل الشهري من 14 ألفا أو أقل، تسهيلاً عليهم، ولاستيعاب أكبر عدد من المستفيدين، مشيراً إلى أنه “سيتم صرف النظر في عملية الدعم عن شرط عدد أفراد الأسرة، وربط الدعم بالدخل الشهري فقط، بهدف تسهيل آلية الدعم وجعلها واضحة لجميع المواطنين، وحتى يشمل الدعم الكامل أكبر عدد ممكن من المستفيدين. وبحسب الصندوق، فإن القرار الجديد سيشمل 85 في المئة من المستفيدين، الذين سيحصلون على تمويل بهامش ربح صفر في المئة، ومن تنطبق عليه شروط الدعم الجديدة، وقد سبق له دفع جزء من الأرباح، فسيتم إرجاع الفرق لحسابه مع الدفعات القادمة من الدعم الشهري.
ويحقق هذا الإجراء الجديد -بحسب محللين- هدفين رئيسيين، الأول زيادة عدد المشمولين بالحصول على دعم الصندوق، والثاني التخفيف عن كاهلهم بإعفائهم من أي فوائد كانوا سيتكلفون بها، إن كان راتب الشخص منهم يتجاوز الـ14 ألف ريال، فيما كانت الراتب السابق المعفي من الفوائد يقل عن 11 ألف ريال، وهو ما أربك ميزانيات الأسر الحاصلة على دعم الصندوق.
وتتزامن هذه المؤشرات الإيجابية في القطاع العقاري والسكني مع مؤشرات أخرى، شهدتها مناطق المملكة تتلخص في إقامة عدد من المزادات العقارية، بعضها سيكون في العاصمة الرياض وجدة والأحساء وعدد من المناطق الاخرى، إلى جانب طرح مزادات على أصول عقارية وأراضٍ بأسعار معقولة.. حيث إن نشاط المزادات العقارية أصيب بنوع من الجمود في الفترة الماضية، بسبب عدم وضوح الرؤية في القطاع العقاري والسكني في السنوات الماضية.
في الوقت ذاته، كانت وزارة الإسكان اتبعت آلية جديدة في الإعلان عن منتجاتها العقارية، وطرحت الوزارة حتى الآن ثلاثة مراحل من منتجاتها العقارية، تتضمن وحدات جاهزة وأراضٍ ومنتجات تمويلية، وذلك في شكل مراحل، تعلن كل مرحلة في منتصف كل شهر ميلادي، وتتسم هذه الآلية بالشفافية والمصداقية في إطلاق الوعود، وهو ما حرص عليه برنامج التحول الوطني 2020 حيث بعث البرنامج الأمل مجدداً في العاملين والمستفيدين من القطاع العقاري بصفة عامة، والقطاع السكني بصفة خاصة، وحدد ما يمكن تقديمه في هذا الجانب، مستخدماً لغة الأرقام والإحصاءات الدقيقة، وذلك عندما أعلن عن مساعيه لإيجاد حلول سكنية جذرية، ترفع نسبة تملك المواطنين للمساكن.