فيما كانت مقاتلات التحالف العربي الداعم للشرعية تحلق في أجواء مدينة تعز لمساندة قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية، كانت قناة الجزيرة في ملف الحصاد تستضيف أحد قادة المقاومة وهو العقيد يحيى الريمي قائد الجبهة الشرقية بتعز وتحاول أن تجره للحديث عن غياب التحالف العربي، لكنه احرج القناة عندما تحدث بأن طائرت التحالف وجهت للتو ضربات موجعة لمواقع الانقلابيين الحوثيين والمخلوع صالح في “تبة سوفتيل” المطلة على القصر الجمهوري التي تمكنت قوات الشرعية بمساندة من التحالف العربي بقيادة المملكة من السيطرة عليه الاثنين الماضي.

تكشف هذه الحادثة طبيعة الدور القطري في اليمن، كما أنها تضع علامات استفهام كبيرة، وتفتح باب التساؤلات حول الفائدة التي يمكن لقطر أن تجنيها من وراء التشكيك بدور التحالف العربي الداعم للشرعية في اليمن ولماذا غابت قطر على صعيد الدعم العسكري والإنساني والاقتصادي لليمنيين وسلطتهم الشرعية، وفي المقابل أطلقت لقناة الجزيرة العنان في التشكيك بدور التحالف العربي الداعم للشرعية وخدمة الانقلاب المدعوم من إيران ؟.

بالتأكيد أن أي محاولة لإضعاف التحالف العربي في اليمن، يصب في صالح إيران بدرجة أساسية، والمهمة التي فشلت فيها إيران وهي محاولة تشويه طبيعة ودوافع تدخل التحالف العربي لإنقاذ اليمن واستعادة الدولة والحفاظ على وحدة اليمن، يحاول الإعلام القطري أن ينجح فيها.

منذ انطلاق عاصفة الحزم في الـ26 مارس من العام 2015، تخلت قطر عن دعم القوى اليمنية والسلطة الشرعية وتعتقد أن دور تلك المكونات السياسية اليمنية تماهت مع التحالف العربي وبالأخص مع المملكة كونها المعنية بملف اليمن بحكم الجوار والمصالح الوجودية المشتركة، غير أن ذلك أزعج قطر ومنذ ذلك الحين يتساءل اليمنيون عن ما وراء غياب الدور الإيجابي لقطر في حين يعاني سكان اليمن من مجاعة تلتهم بعض المناطق جراء حرب الانقلاب وتدمير المليشيات للاقتصاد ونهب مقدرات الدولة.

ثمة خذلان قطري لليمنيين وللتحالف العربي، وتخلي عن دعم السلطة الشرعية على الصعيد العملي، إذ لا يكفي مجرد الحديث عن دعم الشرعية، وعدم الاستجابة للرئيس هادي الذي طلب وديعة قطرية في آواخر يناير للمساهمة في إنقاذ وضع الخدمات في المحافظات المحررة.

ويتهم اليمنيون قناة الجزيرة القطرية بمحاولة خلق عداوات لتعز وتفكيك الجبهة اليمنية المقاومة للحوثيين وصالح، إذ يقول الناشط اليمني عمر النهاري “أن تعز ليست بحاجة لمزيد من العداوات ويؤكد على أن الجزيرة سقطت مهنياً من خلال ما قامت به من حشر لخلافاتها السياسية مع الوضع في تعز”.

أما الصحفي اليمني ورئيس تحرير صحيفة يافع نيوز ياسر اليافعي فيقول “للأسف قطر تغرد خارج السرب ولا نعلم الأسباب ولا سيما في مرحلة تأريخية حاسمة كالتي تمر بها اليمن والمنطقة اليوم”.

ومع تزايد اللمز الإعلامي بالدور القيادي للمملكة العربية السعودية في اليمن، تعالت الأصوات اليمنية الرافضة لأي محاولة للنيل من استهداف المملكة، حيث يؤكد الناشط اليمني وعضو مؤتمر الرياض محمد المحيميد “أن السعودية بالنسبة لليمن وللشرعية اليمنية خط أحمر، وعند الخيار بين قطر والسعودية سيختار اليمنيون السعودية، ونثق أن السعودية أكثر الدول حرصاً على شرعية ووحدة واستقرار اليمن لأنه من أمنها واستقرارها”.

وعن خدمة قطر للأجندة الإيرانية في اليمن، ينتقد اليمنيون الدور القطري في التسهيل لجماعة المتمرديين الحوثيين في التحول إلى قوة مسلحة وازنة من خارج الدولة منذ وقت مبكر، وكانت زيارة الأمير القطري السابق حمد بن خلفية في الثامن من مايو 2007 للوساطة بين الحوثيين والحكومة المركزية قد مثلت اعترافاً اقليمياً صريحاً بالحوثيين، ونقضاً قطرياً للمواثيق الدولية في تعاملها مع جماعة طائفية مسلحة ومتمردة على الدولة ووضعها كطرف مقابل للدولة الشرعية، وكان من أبرز بنود وثيقة الإتفاق التي احتضنتها الدوحة، العفو عن المعتقلين الذين قادوا التمرد على الدولة، وسحب القرار من الأنتربول الدولي ضد شقيق مؤسس جماعة الحوثيين يحيى بدر الدين الحوثي الذي يعمل حالياً وزيراً للتربية والتعليم في حكومة الإنقلاب الغير معترف بها دولياً، وكانت أول قرار اتخذه في الوزارة تغيير المناهج الدراسية وفقاً لتوجهات الجماعة الطائفية.

كما ساهمت الوساطة القطرية في العام 2007 في انقاذ الحوثيين واتاحت لهم فرص ثمينة للمناورة وإعادة ترتيب أوراقهم، لاسيما بعد أن كانت قوات الحكومة اليمنية على وشك الإجهاز الكامل على بؤر التمرد في محافظة صعدة.

الوساطة القطرية بين الحوثيين والحكومة اليمنية لم تكن طلبا يمنياً آنذاك، وإنما جاءت بمبادرة قطرية، ما يشير بحسب مراقبين يمنيين إلى أنها كانت بإيعاز من إيران لإنقاذ وكلائها الطائفيين في اليمن.

وعلى خلفية الموقف الجديد لدولة قطر وتحالفها مع إيران هاجم نجيب غلاب مستشار وزير الإعلام اليمني الحكومة القطرية، وأكد أنها تخطط لهدم شامل باستخدام الإرهاب والعنف وتعلن حرب ضد العالم.

وشهدت مواقع التواصل الإجتماعي في اليمن موجة انتقادات واسعة للموقف القطري الأخير، مؤكدين على أن موقفها من إيران يجعلها في صف الانقلابيين في اليمن، وفي الضد من الشرعية اليمنية والتحالف العربي.