اعتبر سفير خادم الحرمين الشريفين في جمهورية إندونيسيا أسامة بن محمد الشعيبي أنّ الإعلام الخارجي للمملكة بحاجة للدعم، حتى يكون قادراً على مواكبة الدور المناط به.

وقال في حواره: “ما حققته المملكة من سمعة مرموقة وحضور فاعل جاء نتيجة للإنجازات السياسية والدبلوماسية الكبيرة، وعدم وجود إعلام قوي مدعوم يهدد هذه المكاسب، لذلك يجب دعم الإعلام السعودي، حتى يكون قادراً على مواكبة هذا الدور، في تُجنّد كثير من الدول جيوشاً إعلامية للدفاع عن حقوقها وخدمة قضاياها”، مثنياً على تعاون الحكومة الإندونيسية، والذي يأتي امتداداً للعلاقات التاريخية الوطيدة التي جمعت جاكرتا بالرياض، وفيما يلي نص الحوار:

تعاون قديم

  • كيف تقرأ تعاون الجانب الإندونيسي مع سفارة خادم الحرمين بجاكرتا؟
  • السفارة تجد كل تعاون من الخارجية الإندونيسية ومن كافة مفاصل الحكومة الإندونيسية، ولا غرابة في ذلك، فعلاقات المملكة وجمهورية إندونيسيا كبيرة وتاريخية، نظراً لما يربطهما من روابط دينية واجتماعية وتجارية منذ أن بدأ انتشار الإسلام في الأرخبيل أوائل القرن التاسع الهجري لتصبح بعدها إندونيسيا أكبر بلد إسلامي.

ملحق تجاري

  • رغم التبادل التجاري الضخم، والاتفاقيات التي وقعت أثناء زيارة خادم الحرمين الشريفين لإندونيسيا، إلا أنه لا يوجد ملحق تجاري مقيم؟
  • من المفترض أساساً وجود ملحق تجاري قبل الاتفاقيات الموقعة، لكن تم التواصل مع وزارة الخارجية والرفع لهم بطلب ذلك لتحقيق الاتفاقيات الموقعة ورفع مستوى التعاون التجاري والعمل جارٍ لتحقيق ذلك، فالتبادل التجاري بلغ في عام 2008م ما يقرب من ستة مليارات دولار أميركي، ومن المهم وجود ملحق تجاري لتسهيل العملية التبادل التجاري وزيادتها، وأيضاً رفعنا طلباً لإيجاد ملحق ثقافي، نظراً للحاجة الماسة له.

عوائق المستثمرين

  • يعاني المستثمر السعودي من حرمانه من حق التملك بإندونيسيا، ألا ترون تعارض هذا مع الاتفاقيات الموقعة؟
  • لا تعارض، وأساساً المستثمر السعودي له حق التملك لكن هناك نظاماًَ إندونيسياً يتوجب اتباعه قبل تحقيق ذلك، أغلب السعوديين لديهم استثمارات عقارية في الجبل مثلاً، لكنها فردية على مستوى فيلا أو اثنتين، لكن هناك من لا يتبعون الإجراءات السليمة لتسجيل استثماراتهم، فيسجلوها بأسماء إندونيسيين، وتكررت حالات كثيرة تمثلت في إنكار الإندونيسيين تملك السعودي ليستحوذوا على العقار، ولذلك دائماً نعيد ما نقوله بضرورة اتباع القوانين وافتتاح مؤسسات أو شركات بطريقة نظامية، وهي أساساً غير مكلفة للمستثمر الجاد، حيث يمكنه تسجيل عقاراته باسم الشركة -كما هو معمول به في أغلب الدول-، لكن للأسف البعض يريد تملكها بجواز السفر، متجاوزاً كل القوانين المعمول بها، فيحاول التهرب من الضرائب وغيره بتسجيلها باسم إندونيسي، وهنا يقع في إشكاليات قد لا تنتهي، ويخسر كل تجارته.

إمكانات استثمارية

  • تطمح المملكة ضمن رؤية 2030 تنويع التجارة وتوسيع مجالات الاستثمار، ماذا ستقدمون في سفارة المملكة بجاكرتا لتحقيق ذلك؟
  • كل جهدنا كسفراء هو تحقيق ما يخدم المملكة ورؤية 2030، التي تسعى للوصول إلى مصادر دخل تغني عن الاعتماد على النفط كمصدر وحيد للدخل، ولله الحمد كان للسفارة دور في الاتفاقيات التي وقعت أثناء زيارة خادم الحرمين الشريفين لإندونيسيا، ولا شك أنّ المملكة تعمل على جذب الاستثمارات النوعية، وتعد جمهورية إندونيسيا من الدول ذات الثقل الإسلامي الكبير، وهي ضمن دول العشرين لأقوى اقتصاديات العالم، ولا شك أن وجودها جاء نتيجة لأهميتها الاقتصادية، ولارتفاع حجم تجارتها الدولية، ولوجود إمكانات اقتصادية وتجارية واستثمارية كبيرة، إلى جانب تميزها كبيئة خصبة للاستثمار، ونسعى للاستفادة من ذلك بما يتوافق مع رؤية 2030.

مشاكل الرعايا

  • من جهة أخرى، هل يمكن أن تحدثنا عن أبرز المشاكل التي تتعرضون لها في خدمة الرعايا؟
  • الحمدلله، قلّت مشاكل الرعايا السعوديين، وكانت الإشكالية في فئة بسيطة من الإندونيسيين تحاول ابتزاز السياح ليس السعوديين فقط بل مختلف الجنسيات، ومع الدعم من الحكومة الإندونسية نجحنا في تقليل ذلك بنسبة كبيرة، وحالياً هناك إشكاليات بسيطة، وما زلنا نعيد ونؤكد في كل مرة على أهمية عدم دفع أي مبالغ لأي شخص، حتى لا تتحول إلى قضية رشوة، ويتعرض المواطن لمحاكمة وإجراءات مطولة، خصوصاً في المطارات، مهما كانت الضغوطات، حيث يمكن التواصل مع السفارة وتفادي تضخيم المشكلة.

عقود الإيجار

  • إندونيسيا مقصد سياحي، لكن أكثر السعوديين يشتكون من وقوعهم ضحية عقود تأجير الفلل وغيره، ماذا عملتم لتفادي ذلك؟
  • نؤكد دائماً على ضرورة العمل بالقوانين في كافة الإجراءات لحماية الحقوق، وكثيراً ما نشدد على الابتعاد عن مجمعات معينة مثل مجمع “كوتابونغا”، ويمكن للسياح حجز ليلة أو ليلتين في فندق ثم يتجول ويأتي ويتفق نظامياً مع المنتجعات والفلل ليضمن حقه، بدلا من الاتفاق بالهاتف، وتحويل مقدم عقد ويصطدم باختلاف الموقع عن الصور التي أرسلت له، كما أنه من الضروري توثيق كل شيء، حتى ولو تسجيل مكالمات وفيديوهات.. كما أنه يجب الرجوع إلى تقييمات السياح والوقوف على تجاربهم قبل التورط في اتفاقيات تدخل الشخص في متاهات لا تنتهي بسهولة، أيضاً عند وجود إشكاليات يجب التواصل مع السفارة لحلها، وعدم اللجوء للحلول الأخرى التي ممكن أن تضاعف المشكلة وتورط صاحبها ليكون الحق ضده.

تأشيرة إندونيسا

  • تشترط الحكومة الإندونيسية في تأشيرتها السريعة الإقامة مدة أقل من شهر، هل هناك مساع لتمديد المدة؟
  • هذه المدة لكل السياح، لكن من يرغب يمكنه شراء تأشيرة سياحية من المطار، أما من يريد البقاء أكثر من ذلك فهو يخرج من دائرة السواح، وعليه العمل للحصول على تأشيرة إقامة، وهذه نقطة يجب أن يتنبه لها الطلاب والقادمون للعلاج والتجارة وغيره.

الإعلام المسيء

  • يروج إعلاميون في وسائل إندونيسية أفكاراً مغلوطة عن المملكة، هل من مساعٍ للتعامل معهم قانونياً؟
  • الإعلام، الثقافة، التجارة.. أهم محاورنا، وحاليا بنينا علاقات جيدة مع الإعلاميين الإندونيسين في مختلف وسائل الإعلام المحلية، ونعمل من خلالها للرد على كل الشبهات والأكاذيب التي تروج من المسيئين، ورغم أنّ هناك توجهات سياسية ودينية مختلفة في وسائل الإعلام الإندونيسي، لكن أؤكّد أننا لم ولن نسكت عن أي أطروحات تسيء للمملكة، ونضع كل ثقلنا في القضايا المتعلقة بذلك.

الإعلام الخارجي

  • كيف تقرأ حال إعلامنا الخارجي؟ وهل ترونه يؤدي الدور المتوائم مع ما تعيشه المملكة والمنطقة؟
  • الإعلام الخارجي للمملكة للأسف ضعيف، وبحاجة للدعم، والإعلام حالياً هو سلاح الحروب الأول، والمملكة تتعرض لحملات إعلامية ضخمة منظمة وموجهة للإساءة لها، وأمام هذه الحملات تأتي الحاجة إلى إعادة صياغة إستراتيجية واضحة وفاعلة لإعلامنا الخارجي لمواجهة ذلك، بدلاً من الموقف الصامت أو تحرك ردة الفعل عندما تتعرض المملكة لمغالطات مكذوبة، وما حققته المملكة من سمعة مرموقة وحضور فاعل جاء نتيجة للإنجازات السياسية والدبلوماسية الكبيرة، وعدم وجود إعلام قوي مدعوم يعزز ذلك يهدد هذه المكاسب، لذلك يجب دعم الإعلام السعودي، حتى يكون قادراً على مواكبة هذا الدور، في وقت لا يخفى على الجميع أهمية الإعلام وتأثيره على الرأي العام، حيث تُجنّد كثير من الدول جيوش آلتها الإعلامية للدفاع عن حقوقها وخدمة قضاياها.