كلما ضربت الخليج موجة ركود اقتصادي، تحسس كثير من العرب في بلدان عدة جيوبهم خوفاً من انعكاس ذلك الركود على مداخيلهم، حتى وإن كانوا ليسوا من العاملين في إحدى دول الخليج العربي، فقلما تجد بيتاً في الدول العربية لم يعمل أحد أبنائه في دولة خليجية، الأمر الذي يجعل أحوال دول الخليج الاقتصادية تنعكس بشكل مباشر على اقتصاديات البلدان العربية خاصة الفقيرة منها، فتحويلات المغتربين في الخليج وإن كانت آسيا تأخذ منها نصيب الأسد، إلا أن دولاً عربية كمصر والأردن واليمن ولبنان والسودان تظفر بحصة لا يستهان بها، مما يعزز من التأثير الإيجابي لطفرات الخليج الاقتصادية على الدخل القومي العربي.

وعلى الرغم من تراجع أرقام تحويلات الوافدين العام المنصرم، بعد تصاعدها المستمر طيلة العقد المنصرم، وتراجعها بنسبة 3% خلال عام 2016 عن العام السابق عليه، إلا أنها لازالت تشكل أرقاماً كفيلة بأن تحدث تأثيرها في المستوى المعيشي لكثير من أسر المعاملين في الخليج من الدول العربية، فقد بلغت تحويلات الوافدين عام 2016، مبلغ 151.9 مليار ريال، مقارنة بـ156.9 مليار خلال العام السابق 2015، مما مكن المملكة من الاحتفاظ بموقعها كثاني أكبر بلد في العالم بعد الولايات المتحدة الأميركية من حيث حجم الحوالات المالية للمغتربين.

وعلى الرغم من سيطرة الهند من حيث الاستحواذ على أكبر تحويلات على مستوى العالم، حيث حول لها مواطنوها المغتربون في مختلف دول العالم عام 2013 مبلغ 70 مليار دولار، تتبوأ مصر المقدمة عربياً بواقع 17 مليار دولار، يحولها أبناؤها العاملون في الخارج.

وفي ظل تراجع أسعار النفط، وعلى الرغم من تفكير الحكومات الخليجية جدياً في التوجه إلى فرض ضرائب على المقيمين مثلما فعلت المملكة في فرض رسوم على المرافقين للمقيمين، إلا أنه لم تصدر أحد من دول الخليج العربي رسوماً على مبالغ الحوالات المالية للمقيمين إلى بلدانهم حتى حينه.

وتأتي المملكة ثاني أكبر دولة في العالم بعد أميركا من حيث حجم تحويلات الأجانب، وتتبوأ المرتبة الأولى بين دول الخليج بقيمة 43 مليار دولار، تليها الإمارات بـ33 مليار دولار، والكويت بـ15 مليار دولار، وقطر بـ11 مليار دولار حسب مصادر صحفية.

وتتحسس دول عربية من تراجع الوضع الاقتصادي في الخليج، فبلد كالأردن مثلاً، يخشى أن تنعكس مرحلة الركود الاقتصادي التي يعشها الخليج على اقتصاده الهش، وخاصة عودة المغتربين العاملين في دول الخليج الست، والبالغ عددهم حسب البنك الدولي حوالي نصف مليون شخص.

وقالت دراسة إن غالبية المغتربين الأردنيين يعملون في دول مجلس التعاون الخليجي، حيث كان عدد الأردنيين في المملكة العربية السعودية وحدها حوالي 300 ألف، وفي الإمارات العربية المتحدة حوالي 141 ألفاً، وفي الولايات المتحدة الأميركية حوالي 76 ألفاً.

وبحسب تقرير حديث للبنك الدولي فإن تحويلات المغتربين في الأردن شكلت ما نسبته 10% من الناتج المحلي الإجمالي في العام 2014.

فيما يمثل المصريون أكبر الجاليات في المملكة العربية السعودية، وقد بلغت حوالاتهم السنوية 5 ,7 مليار دولار في عام 2015م.

وكانت مجموعة البنك الدولي للهجرة والتنمية قد أكدت أن الحوالات المالية من دول مجلس التعاون الخليجي إلى سائر أرجاء العالم ما زالت قوية رغم التقلبات الاقتصادية.

وأشارت المجموعة إلى أن مجلس التعاون الخليجي يتمتع باقتصاد متين وفعال ومتوسع، ما يؤهله لاستقطاب المواهب والقوى العاملة من جميع أرجاء العالم خاصة من المنطقة العربية.

ولا يقتصر تأثير الركود الاقتصادي في الخليج على الدول العربية بمسألة الحوالات فقط، فقد شهدت صادرات بعض الدول العربية إلى دول الخليج انكماشاً خلال العامين المنصرمين في ظل تراجع الطلب والقوة الشرائية في أغلب دول الخليج.