استضافة الرياض لقمة العشرين وقيادتها خلال العام 2020 تحدٍ مهم أمام القيادة الاقتصادية في المملكة، كما أنها فرصة مهمة تتضمن مجالات تسويق، وإعلام، وتوظيف، وتشغيل؛ هذا في بُعد المناسبة المحلي؛ أما الدولي فهي رسالة مهمة يجب أن تستغل لتعزيز مكانة المملكة الدولية وقدرتها الاقتصادية والسياسية بما في ذلك اختيار أجندة القمة والمواضيع التي ستتناولها.. وكلا “البُعدين” يحتاج إلى استعدادات مبكرة لإدارة وترويج رئاسة المملكة لأهم 20 اقتصادا عالميا.. بما يتوافق مع خطط التطوير الاقتصادي التي تلخصها رؤية المملكة 2030.
على الصعيد التنظيمي فإن الجهة المنظمة “وزارة المالية” وقطاعات أخرى؛ ستكون أمام مهمات جديرة بالاستعداد لها مبكراً، أهمها، تصميم وإطلاق هوية للمناسبة، بما في ذلك موقع إلكتروني بأكثر من لغة؛ ويمكن أن تكون لجميع اللغات التي تتحدث بها الدول المكونة لـ(العشرين)، بالإضافة إلى تدشين مبكر لمركز إعلامي في موقع يعكس أهمية المناسبة على الصعيد العالمي.
من المعروف أن “نادي العشرين” لا يضم أمانة عامة، وموظفين وسكرتارية عمل.. وبالتالي فإن العمل على تأسيس فريق قمة العشرين بالرياض، سيكوّن آلية تنظيم جيدة يمكن من خلالها إدارة وتنسيق وتنظيم عمل الاجتماعات الأخرى التي تسبق القمة وتتلوها لمحافظي البنوك المركزية، ووزراء المالية في الدول الأعضاء.. واستلام الإدارة من اليابان الدولة المنظمة لقمة 2019.
وتأتي استضافة قمة قادة مجموعة العشرين لعام 2020 بتوجيهات من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله-، حيث أعلن عن ذلك معالي وزير الدولة عضو مجلس الوزراء الدكتور إبراهيم بن عبدالعزيز العساف، عقب ترؤسه نيابة عن خادم الحرمين، وفد المملكة في أعمال قمة قادة مجموعة العشرين التي اختتمت أعمالها في مدينة هامبورغ الألمانية، مشدداً على أن المملكة تدعو الدول إلى مساعدة الدول النامية والأقل نمواً لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، ومواجهة التحديات المتعددة التي تعتريها، مشيراً في هذا الصدد إلى أن رؤية 2030 ركزت على دعم المرأة السعودية بوصفها أحد العناصر المهمة لبناء الوطن.
في الوقت ذاته أكد وزير المالية محمد بن عبدالله الجدعان، أن المملكة بذلت جهوداً كبيرة قادها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، بالتواصل مع دول المجموعة لتأييد طلبها باستضافة اجتماعات قمة قادة مجموعة العشرين في عام 2020م. وباحتضان المملكة لاجتماعات مجموعة العشرين للعام 2020، فهي تتسلم رئاسة أقوى عشرين اقتصاداً عالمياً ضمن المجموعة خلال العام 2020، واستضافة جميع اجتماعات محافظي البنوك ووزراء المالية بالإضافة إلى قمة رؤساء هذه الدول في الرياض.
إلى ذلك حملَ البيان الختامي، الذي صدر بعد قمة استمرت يومين في هامبورغ بصمات الخلافات بين الإدارة الأميركية الجديدة وسائر أعضاء المجموعة.
وفيما يتعلق بالمناخ، أخذت المجموعة علماً بانسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية باريس للتصدي للتبدل المناخي، لكنّها أكدت أن كل الدول الأخرى تعتبر أن “لا عودة” عن هذه الاتفاقية الدولية، في موقف هو بمثابة عزل لواشنطن.
وقالت المستشارة انغيلا ميركل “حيث لا مكان للتسوية، فإنّ البيان الختامي يُظهر الخلافات”. في الوقت نفسه، حظيت الإدارة الأميركية الجديدة بضوء أخضر من مجموعة العشرين لانتهاج سياسة مختلفة.
وأورد البيان الختامي أنّ المجموعة ستساعد دولاً أخرى في العالم “في الوصول إلى الطاقات الأحفورية واستخدامها”، ما يتنافى وسعي الأمم المتحدة إلى اقتصاد يكون أقل استهلاكا للكربون رغم أن المجموعة حرصت على توضيح أن هذه الطاقات الأحفورية ستستخدم في شكل “أكثر نظافة”.
وحاولت الولايات المتحدة خصوصا التقرب من دول شرق أوروبا الساعية إلى التعويل في شكل أقل على روسيا على صعيد الطاقة، وذلك بهدف بيعها الغاز الصخري الأميركي. على الصعيد التجاري، يثير الرئيس الأميركي منذ أشهر قلق شركائه الرئيسيين بسبب توجهاته الحمائية وتهديده بفرض رسوم جمركية على الصين وأوروبا في قطاعي السيارات والفولاذ. وفي القمة، وافقت واشنطن في نهاية المطاف على إدانة “الحمائية” في البيان الختامي فيما بات تقليدا تلتزمه المجموعة منذ أعوام.
ولكن في المقابل، أقرت مجموعة العشرين، للمرة الأولى، بحق الدول التي تدفع ضريبة الإغراق في اللجوء إلى “أدوات مشروعة للدفاع (عن نفسها) في مجال التجارة”. وتبقى قمة هامبورغ الأكثر توترا في تاريخ المجموعة سواء داخل قاعات الاجتماعات أو خارجها.
وهنأ ترامب ميركل التي تتولى الرئاسة الدورية لمجموعة العشرين بعمل “رائع” رغم التظاهرات، علما أن المستشارة الألمانية تتعرض لانتقادات حادة في بلادها لإصرارها على تنظيم هذه القمة في قلب وسط المدينة. وكتبت صحيفة بيلد الألمانية الأوسع انتشارا السبت “في هامبورغ الدولة فشلت”.