أصدر مركز سمت للدراسات، قراءة موسعة للعلاقات السعودية الأميركية بعنوان «السعودية وأميركا.. عقود من الصداقة»، تطرق فيه أكثر من 11 كاتباً وباحثاً إلى تاريخ العلاقات بين البلدين الصديقين في مختلف المجالات السياسية والدبلوماسية، والعسكرية، والاقتصادية.
وقال الزميل أمجد المنيف، مدير عام المركز، في مقال له في الإصدار إن التحالف السعودي – الأميركي يرقى ليكون «تحالفاً ناضجاً» تجاوز كل العقبات والظروف التي طالته على مدى القرون الماضية، وتوج أخيراً باختيار الرئيس الأميركي دونالد ترمب لاختيار الرياض كأول عاصمة يزورها في العالم، باعثاً من خلاله رسالة على عمق العلاقات، ودور الرياض كعاصمة قيادية في منطقة الشرق الأوسط.
وشدد المنيف على الدور المحوري الذي شكلته إدارة الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، لملف العلاقات الخارجية خلال الفترة الماضية، والتي توجت بزيارته التاريخية إلى واشنطن والتي أزال خلالها كثيراً من الغموض حول تردد الإدارة الأميركية السابقة، واستطاع أن يقدم للإدارة الأميركية الصورة الحقيقية لبلاده، كواحدة من أهم البلدان في المنطقة والشرق الأوسط، فضلاً عن دورها العالمي في استقرار أسواق الطاقة، وأمن الامدادات.
وبين مدير عام مركز سمت للدراسات، أن اختيار المركز لموضوع مسار العلاقات السعودية الأميركية، يأتي إيماناً بأهمية تسليط الضوء على أهم التحولات التي شهدتها خلال الفترة القليلة الماضية، خاصة بين إدارتي أوباما وترمب، ودور المملكة في الاستقرار العالمي، خاصة في منطقة مضطربة، تعاني من أطماع خارجية، وتشكل للعالم أهمية بالغة.
وتناول الباحثون وقادة الرأي في الإصدار مواضيع عدة حول العلاقات السعودية الأميركية، بدأها سعيد الوهابي بقراءة بعنوان «التعاون والعلاقات العسكرية بين السعودية وأميركا» تناول فيها مسار هذه الجزئية من التعاون الاستراتيجي منذ العام 1945 عندما اتفق الطرفان على تأسيس قاعدة الظهران الجوية، وصولا إلى صفقات التسلح الضخمة التي وقعت أخيراً بين البلدين. وتوقع الوهابي استمرار التعاون في جميع الملفات التي تتعلق بمكافحة الإرهاب خصوصاً دور واشنطن في توفير الدعم اللوجستي للقضاء على إرهاب القاعدة.
وتطرقت الباحثة منيرة الغدير -وهي أكاديمية سبق أن درست في جامعتي كولومبيا وهارفارد- إلى أهمية الثقافة والقوة الناعمة، قائلة في قراءة بعنوان «هل يعرفون السعودية في الوسط الأميركي الغارق في عزلته؟» إن الثقافة الدبلوماسية الثقافية السعودية لم تعمل حتى الآن بشكل كبير، مذكرة بتعرض علاقات البلدين للخطر خلال فترة أوباما، بسبب مواقف ورؤى الإدارة التي تدير البيت الأبيض، مشددة على خطر اختزال العلاقات في ظرف سياسي تحكمه اتفاقيات معينة يمكن أن تخفي بتغير الإدارة. وخلصت الغدير إلى أهمية بلورة العلاقات واستدامتها من خلال غرس المصداقية عبر التبادل الثقافي لتحقيق المصلحة الوطنية على المدى البعيد.
وعرج هادي فقيه على أهمية العلاقات الاقتصادية بين البلدين، معتبراً أنها تمثل أهمية بالغة، مشدداً على «مصالح القوة، وقوة المصالح»، هي التي يمكن أن تنقل الشراكة بين البلدين إلى آفاق أرحب، خاصة أن العمل الاقتصادي والتجاري لا ينبى إلا على الثقة.
زيد الشكري، الباحث في الصحافة ورسائل الاتصال، تطرق إلى أهمية الدبلوماسية الشعبية، خاصة من الجانب السعودي، لافتا إلى أنه في كل مرة يحدث تعثر في العلاقات بأي سوء تفاهم بين البلدين، فإن «الاتصال» المستخدم بين الطرفين يتولاه الجانب الرسمي، في حين يهمل الجانب الثقافي والشعبي الذي يمكن أن يرتق ما يعجز عنه السياسيون.
أما غادة الغنيم -مستشار أول في مركز الانجاز والتدخل السريع لتحقيق الرؤية- تطرقت إلى كون ولي العهد يمثل الشباب في الوطن، مبينة أنها كمواطنة شابة ترى انعكاساً لأفكارها ورغباتها وتوجهاتها متثملة في قيادة المملكة الطموحة. وبيت «أرى لها الاستقرار المحلي والاقليمي من خلال الأعمال التي شهدناها للامير محمد بن سلمان خلال السنتين الماضيتين».
صفقات التسلح السعودية – الأميركية وتحولها من قوة الترسانة العسكرية إلى محركات الاقتصاد، كان عنوان قراءة حبيب الشمري -الكاتب والصحافي- للعلاقات بين البلدين، مشدداً على أن هذه الرؤية تبلورت منذ تولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز مقاليد الحكم في البلاد، وتعززت بتولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ملف العلاقات السعودية الأميركية، وتوجهاته في تحويل الصفقات العسكرية إلى عامل نمو في اقتصاد المملكة، والذي تمثل في دخول صندوق الاستثمارات العامة بهذا المجال، من خلال تأسيس شركة خاصة بالتصنيع العسكري، وإعلان سموه عن رفع مستوى المحتوى المحلي إلى 50 %، وهو ما سيوفر عشرات الآلاف من الفرص الوظيفية للشباب، بالإضافة إلى قرار ربط الصفقات بالتوطين ونقل التقنية.