لطالما نُظر إلى الإسكان على أنه مشكلة مؤقتة “فإما أن الأسعار تفوق قدرة الناس أو أن العرض أقل من الطلب” بينما الحاجة دائمة إلى مدن كبيرة تستوعب احتياجات ساكنيها.. إنه التمدن حين يحرك الطلب على المساكن، فالمملكة تشهد تسارعاً كبيراً في عملية التمدن وصل إلى 93% بالنسبة للمتجاورات الكبرى في المملكة، بينما يعيش حوالي 67% من سكان البلد الآن في المدن، كما ذكر وزير الاقتصاد والتخطيط السابق الدكتور محمد الجاسر في منتدى جدة الاقتصادي 2003م.

وقد أظهرت بيانات التعداد العام للسكان والمساكن لعـام 1425هــ (2004، أن نحـو (60%) من إجمالي الأسر السعودية البالغ عددها 7,2 ملايين أسرة تمتلك مسـكنها، كمـا أن البحث الديموغرافي لعام 1428هـ (2007م) لم يكشف عن تغير ملحوظ في هـذا المعـدل، وأظهرت نتائج التعداد في المقابل، أن نحو (35%) من الأسر السعودية تقـيم فـي وحـدات مستأجرة، ونحو (5%) منها تقيم في وحدات يوفرها أرباب العمل. وبلغ إجمالي الوحدات السكنية في نهاية خطـة التنمية السابعة، وطبقاً للتعداد العام للسكان والمساكن لعـام 1425هــ (2004م) نحـو 4 ملايين وحدة سكنية، ويقدر عدد الوحدات السكنية التي تم إنشاؤها خلال خطة التنمية الثامنة استنادًا إلى عدد رخص البناء الصادرة خلال الخطة نحو 600 ألف وحـدة سـكنية، بزيـادة (34%) عن ما تم إضافته خلال خطة التنمية السابعة ليبلغ إجمالي عدد الوحدات السكنية فـي نهاية خطة التنمية الثامنة نحو 6,4 ملايين مسكن، كما تحسّن معدل كثافة الإشغال والمتمثلة بمتوسط عدد الأشخاص لكل وحدة، إذ انخفضت من 1,6 فرد إلى نحو 7,5 فرد خلال الحقبة نفسها.

وتستهدف الاستراتيجية طويلة المدى للاقتصاد السعودي، رفع معدل ملكية المساكن لدى المواطنين إلى نحو (80%) بحلول عام 45/1446هـ (2024م) ويشار إلى أن نتائج التعداد العام للسكان والمساكن لعام 1413هـ (1992م) ولعام 1425هـ (2004م) والبحث الديموغرافي للعام 1428هـ (2007م) قد أظهرت استقرار معدل الملكية للأسر السعودية عند نحو (60%) حسب خطة التنمية التاسعة.

وقد رصد تقرير صندوق النقد الدولي (2011م) تأثر المقدار المتاح من الوحدات السكنية ذات التكلفة الميسرة بندرة الأراضي القابلة للبناء ومحدودية التمويل المتاح للمطورين العقاريين مما حدا من قدرتهم على القيام بمشروعات كبيرة وحول تركيزهم نحو سوق المساكن عالية التكلفة، وإسهام البنوك بدور محدود في أنشطة التمويل العقاري، مسجلاً دور صندوق التنمية العقارية في سد الفجوة عن طريق القروض الخالية من الفوائد، غير أن هذا الصندوق الذي يساهم بنسبة 80 % في قروض الإسكان القائمة لم يتمكن من مواكبة زيادة الطلب على المساكن، كما ساهم نقص الأراضي المتاحة للبناء في رفع أسعار العقارات، مما كثف النقص في المساكن ذات التكلفة الميسرة.

وقد أجرت المملكة عدة تدابير لمعالجة قيود العرض والتمويل حيث أنشأت وزارة الإسكان محل الهيئة العامة للإسكان لتركيز الجهود المبذولة في هذا القطاع تحت مظلة واحدة وخصصت 250 مليار ريال سعودي لوزارة الإسكان من أجل إنشاء 500 ألف وحدة سكنية جديدة على مدار فترة تتراوح بين خمس وعشر سنوات كما ذكر تقرير صندوق النقد الدولي.

وضمن رؤية 2030 لايزال السكن متطلباً للبنية التحتية لذا فإن خططها للإسكان تهدف لتوفير الحياة الكريمة للأسر السعودية من خلال تمكينهم من تملك منازل تتماشى مع احتياجاتهم وقدراتهم المالية، متضمنة تطوير القطاع السكني والإنشائي بأحدث تقنيات البناء وتعظيم الأثر الاقتصادي وتعزيز جاذبيته للقطاع الخاص مما يؤدي لخلق مزيد من فرص العمل وتمتين القاعدة الاقتصادية للمملكة، حاملة هدفها المباشر التمثل في إتاحة فرص تملك السكن الملائم للأسر السعودية.

الطلب في سوق الإسكان يعضده كون الشباب يشكلون نحو 70% من الشعب السعودي يتطلب سعي وزارة الإسكان إلى رفع نسبة التملك بما لا يقل عن نسبة 52% بحلول عام 1442 هـ/ 2030 م، وذلك عبر سنّ عدد من الأنظمة واللوائح وتحفيز القطاع الخاص وبناء شراكة فعّالة مع المواطن وتوفير مسكن ملائم وفق مسارات التملك بحلول تمويلية وادخارية تتناسب مع احتياجات المواطن السكنيّة.

فيما تواجه الوزارة تحديات ليست جديدة تتمثل في محدودية الوحدات السكنية المناسبة لشرائح المجتمع وصعوبة الحصول على تمويل سكني مناسب وعدم كفاءة القطاع العقاري والاعتماد الكبير على التمويل الحكومي.