أعلن بلد عربي عن عمليات إصلاح كبيرة لاقتصاده.. كان لزاماً على مواطنيه أن يشدوا الأحزمة استعداداً لقرارات قاسية متضمنة بعض الضرائب والرسوم، ومظاهر التقشف التي يدفع الناس جزءاً من ثمنها في أغلب البلدان، إلا أن الاتكاء على دخل الفرد واقتطاع جزء منه لمواجهة تبعات الإصلاح التي تتم في سنوات الركود، ليس الخيار الصحيح في عقيدة أغلب الاقتصاديين، حتى وإن كان هذا الإجراء أسهل الطرق لأي حكومة لتحقيق ما تصبو إليه من الاستقرار المالي.
لكن الاقتصاديات الحيوية سرعان ما تتعافى سريعاً، والحكومات النشطة سرعان ما تكيف قراراتها مع التطورات والمسارات التي يسلكها اقتصادها، فبعد بضعة أشهر من قرار حجب البدلات عن موظفي القطاع العام، حتى صدر أمر ملكي ليعيدها كاملة وبأثر رجعي، مما يوحي بقناعة أصحاب القرار أن عمليات الإصلاح الاقتصادي ليس بالضرورة أن تُحمل المواطنين جزءاً من تبعات ذلك الإصلاح، خاصة وأنه ثبت أن المساس بدخل الفرد ينعكس سلبياً على أداء القطاع الخاص، ذلك القطاع الذي يعول عليه في المرحلة القادمة كشريك أساسي في رؤية 2030.
وقال المحلل الاقتصادي أحمد الشهري أن تحييد القطاع العائلي عن التبعات القاسية للإصلاح الاقتصادي يمثل النجاح الحقيقي في عملية اصلاح أي اقتصاد، مبيناً أن تحمل المواطنين تبعات مباشرة لعمليات الإصلاح الاقتصادي كالضرائب والرسوم تصيب القوة الشرائية للقطاع العائلي بالخمول والضعف، مما يلقي بظلاله على نشاط القطاع الخاص، وقال: إن النجاح في عمليات إصلاح الاقتصاد ألا يُمس دخل القطاع العائلي، وأن تركز الجهود على عملية رفع أداء القطاع الخاص ليصبح موازياً لأداء القطاع العام، مما ينعكس بشكل إيجابي على الاقتصاد الوطني.
وشدد على أنه رغم اعتبار صندوق النقد الدولي عمليات الرسوم والضرائب جزءاً من أدوات إصلاح الاقتصاد، إلا أن ذلك ليس على إطلاقه، مبيناً أن لكل اقتصاد ظروفه، ولكل بلد امكانياته التي يجب أن تنطلق منها القرارات المناسبة تجاه عملية اصلاح الاقتصاد.
واستشهد الشهري بمبادرة الحكومة بإعادة البدلات إلى موظفي القطاع العام في وقت وجيز منذ استقطاعها، مبيناً على أن ذلك يدلل على قراءة سليمة لأهمية دور القطاع العائلي في استقرار الاقتصاد وتعزيز موقف القطاع الخاص الذي يجب أن تعمل كل الخطط لتعزيز دوره ومساهمته في الاقتصاد الوطني.