قال إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ د. عبدالمحسن بن محمد القاسم – في خطبة الجمعة – : لمكانة النبي صلى الله عليه وسلم وعظيم رسالته أسري به وعرج إعلاماً بفضله وعلو قدره من المسجد الأقصى الذي بناه الأنبياء فهو أول القبلتين وثاني مسجد أسس في الأرض بعد المسجد الحرام وهو أحد المساجد الثلاثة التي لا تشد الرحال إلا إليها وفيه صلى النبي صلى الله عليه وسلم إماماً بالأنبياء والمرسلين بارك الله فيه وفيما حوله وإلى بيت المقدس وما حوله يعود الخلق وهناك يحشرون ، حبه في قلوب المسلمين دين وإيمان ورجوعه تحت يد المسلمين ليس على الله بعزيز إن هم عادوا إلى ربهم .
وتحدث الشيخ القاسم عن التفكر في مخلوقات الله وأسمائه جل وعلا وقال : الخلق فعله وصفته ولا تجوز هذي الصفة لغيره ، قال ابن كثير رحمه الله : ((صاحب العرش العظيم العالي على جميع الخلائق )) وأضافه إلى نفسه تشريفاً وتكريماً فقال تعالى : (رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ) ، والعرشُ غيبٌ لا نراه في الدنيا , وقد أخبر الله ببعض صفاته لتحقيق الإيمان بالله وعلوه على خلقه فعرش الله عز وجل كالقبة فوق العالم ، كما اختص الله العرش ببقائه إذا فنى الخلق ,وليس داخلاً فيما يقبض ويطوى يوم القيامة ولا يفنى باتفاق أهل السنة ، ولئن كان العرش عظيماً كبيراً فالله سبحانه على عظيم واسع كبير , محيط بكل شيء .
وأضاف: إن الله تعالى موصوف بصفات الجلال منعوتٌ بنعوت الجمال كامل في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله لا سميّ له ولا نظير ولا شبيه ولا مثيل قال تعالى : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) ، والتفكر في مخلوقات الله عظة وعبرة وفيه حاد على تعظيم الخالق وموجب لزيادة الإيمان قال تعالى : (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَٰذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّار ) .
وتابع : إن أول ما خلق الله القلم أمره بكتابة المقادير وكان العرش قبله مخلوقاً قال عليه الصلاة والسلام : (كَتَبَ اللَّهُ مَقَادِيرَ الْخَلَائِقِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ ، قَالَ : وَعَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ).
وأردف : إن علو الله على خلقه مستقر في الفطر شاهدة به العقول الصحيحة وأدلة الكتاب والسنة الصريحة وهو مقتضى الكمال وعلى ذلك أكثر من ألف دليل فالله علي فوق عباده وهو في السماء تعرج الملائكة والروح إليه وإليه يصعد الكلم الطيب وقد استوى سبحانه بعد خلق السماوات والأرض على عرشه ونؤمن بما وردت به السنة من صفاته جل وعلا.