أجمع مختصون في الاستثمار السياحي، على أن إطلاق مشروع سياحي عالمي في المملكة تحت مسمى مشروع «البحر الأحمر»، والذي أعلن عنه نائب خادم الحرمين الشريفين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، (رئيس مجلس إدارة صندوق الاستثمارات العامة) مساء أمس الأول، سيحقق نقلة نوعية في مستقبل صناعة السياحة السعودية، لتوفر الأسس الطبيعة، والقدرة على دعم الاستثمار في المشروعات السياحية الكبيرة، ووجود توجه نحو وضع حزم تسهيلية تدعم الاستثمار، وأن أهم محصلة لمثل هذا المشروع الضخم توفير فرص العمل للشباب السعودي، في ظل توقع تزايد في عدد خريجي الجامعات والكليات المتخصصة يفوق الطاقة الاستيعابية لسوق العمل الحالية، كما أن ميزة القطاع السياحي حاجته للأيادي العاملة في كثير من المهن المرتبطة بتشغيل المنشآت ذات الطابع الترفيهي السياحي، منوهين في هذا الصدد بالرؤية الطموحة للقيادة السعودية نحو استثمار السياحة كمورد لخدمة الوطن والمواطن، وتحقق نهضة اقتصادية لها وفق أسس جديدة لا تعتمد على النفط كعائد معرض للتقلبات الاقتصادية العالمية.
أسس النجاح
بداية تحدث د. ناصر مؤسس مجموعة الطيار – وأحد أبرز المستثمرين بقطاع السفر والسياحة قائلاً «من النظرة الأولى للمشروع وخطوطه العريضة التي أعلنت رسميا، نرى أنه مشروع واعد وكبير، وسيكون الأول من نوعه ليس على مستوى المملكة ولكن على المستوى الخليجي، فالموقع واعد ومعروف ولهيئة السياحة والتراث الوطني بالمملكة مسوحات ودراسات كثيرة عن «سياحة البحر الأحمر» وفي مدينتي الغردقة وشرم الشيخ بمصر أمثلة سياحية نجحت في استقطاب نصف السواح الذي يأتون لمصر سنويا، وهي تقدم منتجا واحدا يتمثل في سياحة الاسترخاء والاستجمام على سواحل البحر الأحمر المشهورة بنقاوتها ونظافتها وهوائها المميز، ويوجد على غرارها العديد من المنتجعات المماثلة بمختلف مدن الخليج.
وأضاف الطيار، من المهم لمثل هذه المشروعات لتحقق النجاح والهدف المنشود، العمل على وضع امتيازات ومنها إلغاء الرسوم والضرائب، فلا تعامل مدينة صغيرة مثل ينبع والوجه وغيرها، مثلا بالمقارنة مع مدينة جدة، بحكم أنها كلها ساحلية، ووضع حوافز متعددة للمستثمر الخارجي والداخلي بالمدن الصغيرة، بسب أن هذه المشروعات مكلفة وذات عائد استثماري بعيد الأمد وبحد أدنى يترواح ما بين عشر إلى 15 عاما كحد أدنى، ومن المهم أن تدعم في جوانب رسوم المياه والكهرباء، وتقديم الدعم المالي المباشر من الدول بدون فوائد وتعود على دفعات ميسرة، ومن بداية التشغيل الفعلي للمنتجعات والمشروعات السياحية، فالبناء والتأسيس لها على السواحل تحديداً قد يحتاج وقتا مضاعفل، ومن المهم أن تعطى الأرضي برسوم رمزية أو إيجار ميسر طويل الأجل.
نقلة نوعية في مفهوم السياحة
من جانبه ثمن رئيس مجلس الغرف السعودية المهندس أحمد بن سليمان الراجحي إطلاق نائب خادم الحرمين رئيس مجلس إدارة صندوق الاستثمارات العامة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، مشروع البحر الأحمر السياحي العالمي في المملكة، لما سوف يحدثه من نقلة نوعية في مفهوم السياحة وقطاع الضيافة.
وأكد الراجحي أن هذا المشروع، الذي يقع على أحد المواقع الطبيعية جمالاً وتنوعاً في العالم، يشكل خطوة مهمة لدعم رؤية 2030 من خلال ابتكار استثمارات نوعية داخل المملكة، فضلاً عن تنويع مصادر الدخل الوطني ودفع مسيرة الاقتصاد السعودي. كما أنه يأتي ضمن إستراتيجية تطوير البنية التحتية في مجال الترفيه، خاصة وأن سيتم تطوير منتجعات سياحية استثنائية على أكثر من 50 جزيرة طبيعية بين مدينتي أملج والوجه، ما سيتيح للسياح والزوار فرصة التعرف على الكنوز الخفية في منطقة البحر الأحمر. ونوه إلى أن المشروع سيعكس الثقة الكبيرة في المناخ الاستثماري في المملكة وأهمية وتعدد الفرص الاستثمارية في المجالات المختلفة، الأمر الذي يعزز الاستثمارات واستقطاب المزيد من المستثمرين، مؤكداً استعداد القطاع الخاص السعودي لدعم كافة المشروعات التي تصب في مصلحة الوطن والمواطن.
وأشار رئيس مجلس الغرف السعودية إلى أن إقامة هذا المشروع الإستراتيجي من شأنه أن يساهم في جعل المملكة ومنطقة البحر الأحمر على وجه الخصوص من الوجهات الترفيهية الجاذبة ليس محلياً فقط، بل على مستوى منطقة الخليج والعالم العربي، خاصة وأن المشروع يقدم خيارات متنوعة ومفضلة لكافة شرائح وفئات المجتمع، ناهيك عن كونه يساهم في رقي وتقدم المجتمع، متوقعاً أن يحقق المشروع عائداً استثمارياً كبيراً، ما يجعل المملكة مركزاً مهماً لجذب الاستثمارات الأجنبية.
استغلال 50 جزيرة
من جانبه قال عبدالرحمن الصانع عضو لجنة السياحة والترفيه بغرفة الرياض، « لقد عملت الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني على مشروع البحر الأحمر السياحي، منذ بدأ نشأتها، وقبل أكثر من عقد من الزمن، على جوانب المسح الجغرافي (السياحي) لجميع مناطق المملكة، بأسلوب علمي وبحث ميداني في استحداث مكامن المواقع السياحية الملائمة بطبيعتها البكر وعرضها كفرص مناسبة للاستثمار، وكان من ضمنها، وأهمها مشروع البحر الأحمر السياحي، والآن وقد استلمت هيئة الاستثمارات العامة هذا المشروع الطموح، وفق توجيهات ومتابعة سمو ولي العهد، فهذا يعني أننا انتقلنا من الفكرة والدراسات إلى التنفيذ على أرض الواقع، وأضاف «تلك نقلة نوعية في هذا المشروع العالمي العملاق، فهو استغلال ما يقارب 50 جزيرة منتشرة قبالة الساحل، وفتح السياحة الخارجية لمن يرغب دون تأشيرات ميسرة ومخصصة لهذا الشأن، والمشروعات السياحية الكبيرة المتنوعة التي سيتم تنفيذها في مضمار المشروع ستأخذ بعداً عالمياً، علينا جميعا أن نفتخر بإنجازها، وبهذا التوجه الجديد، نستطيع القول، إننا دخلنا لميدان المنافسة العالمية في استقطاب السياح وأخذ نصيبنا منها اقتصادياً، بعد سنوات قليلة بإذن الله، ومعروف الجوانب الاقتصادية المفيدة في هذا المجال، فمثلاً الإنفاق العالمي على السياحة يصل إلى أكثر من 6 ترليونات دولار سنوياً، ولا ننسى أننا بهذا المشروع العملاق سوف نضرب عصفورين بحجر واحد توليد وتوطين الوظائف وتوطين السياحة المهاجرة، والتي تنفق خارجياً سنويا ما معدله 80 مليار ريال، ونجاحنا في مشروع البحر الأحمر، سيحقق لنا دخلا اقتصاديا قويا دائما، يساند بقوة دخلنا من النفط، ونأمن من جوانب تقلب الأسعار، وهو أيضا قابل للنفاد، حتى وإن كان ذلك بعد عقود طويلة، أو إيجاد البدائل عنه عبر السياحة وغيرها تخدم أجيالنا القادمة.
توفير فرص العمل
من جهته أكد مدير الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بمحافظة الطائف خالد بن حامد القهرة أن إعلان نائب خادم الحرمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، (رئيس مجلس إدارة صندوق الاستثمارات العامة)، عن إطلاق مشروع سياحي عالمي بالمملكة تحت مسمى مشروع البحر الأحمر، يأتي امتدادًا للقرارات والأوامر الملكية والنظرة الحكيمة لخادم الحرمين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وسمو ولي عهد -حفظهما الله- في السعي والعمل بدأب لا يكلّ في تحقيق رؤية المملكة 2030، التي ستسهم -بإذن الله- في بناء مستقبل واعد بسواعد المواطنين الأوفياء.
وأوضح القهرة أن مشروع البحر الأحمر وقربه من موقع مدائن صالح التي استمدت شهرتها التاريخية بموقعها على طريق التجارة القديم الرابط لجنوب شبه الجزيرة العربية، والمسجل ضمن قائمة مواقع التراث العالمي كأول موقع سعودي ينضم للقائمة، يؤكد إيمان القيادة الرشيدة بأهمية قطاعيّ السياحة والتراث الوطني كأحد العناصر الأساسية والمهمة في دعم الاقتصاد الوطني، التي تسهم في توفير فرص العمل للشباب، وهذا ما جعلها من أهم القطاعات الاقتصادية في رؤية 2030، التي تعمل على جعل المملكة محور ربط لقارات العالم الثلاث وبوابة للعالم مستفيدة من موقعها الجغرافي الإستراتيجي الذي تحيط به أكثر المعابر المائية أهمية، مما يفتح مجالاً أرحب للشراكة مع القطاع الخاص، بتسهيل أعماله، وتشجيعه، لينمو ويكون واحداً من أكبر اقتصاديات العالم، ويصبح محركاً لتوظيف المواطنين، ومصدراً لتحقق الازدهار للوطن والرخاء للجميع.
تنويع الاقتصاد
من جهته أوضح عضو مجلس إدارة غرفة جدة زياد البسام أن ما أعلنه صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء عن إطلاق مشروع سياحي عالمي في المملكة تحت مسمى مشروع «البحر الأحمر» بين مدينتي أملج والوجه، يجسد حرص المملكة على تنويع الاقتصاد الوطني وعدم الاعتماد على مصدر وحيد للدخل (النفط) فمثلا المملكة العربية السعودية تملك من الإمكانات والمقومات والثروات الطبيعية الكبيرة -ولله الحمد- في قطاعات متعددة من التعدين والسياحة والصناعة وغيرها من القطاعات الاقتصادية الحيوية.
وقال البسام إن قطاع الترفيه يعد موردا مهماً في تنمية الاقتصاد الوطني السعودي، لذا أصبح من الضروري العمل على منح المدن قدرة تنافسيّة دوليّة وفق رؤية السعودية 2030 وتطوير المراكز الترفيهية وتشجيع المستثمرين من داخل وخارج المملكة لإقامة المشروعات الترفيهية والتعاون في ذلك مع الشركات العالمية المعروفة في هذا المجال، مشيرا إلى أن المشروع يقام على أحد أكثر المواقع الطبيعية جمالًا وتنوعًا في العالم، لتطوير منتجعات سياحية استثنائية على أكثر من 50 جزيرة طبيعية وذلك على بُعد مسافات قليلة من إحدى المحميات الطبيعية في المملكة والبراكين الخاملة في منطقة حرة الرهاة وينسجم المشروع مع رؤية المملكة 2030 واستقطاب الفرص الاستثمارية التي تثري كل نشاط وتنوع مداخيله بشكل عام.
انتعاش قطاعات اقتصادية جديدة
كما قال رجل الأعمال محمد على بن ناصر الغيثي إن السياحة تُعدّ أحد أهم القطاعات الاقتصادية في رؤية 2030، سيسهم مشروع «البحر الأحمر» في إحداث نقلة نوعية في مفهوم السياحة وقطاع الضيافة مشيراً إلى أن المشروع الجديد سيسهم في انتعاش قطاعات اقتصادية جديدة مثل السياحة البحرية والغوص وسياحة الآثار في ظل ما تزخر به المملكة من شواطئ جذابة مما سيتاح للزوار فرصة التعرف على الكنوز الخفية في منطقة مشروع «البحر الأحمر»، ويشمل ذلك محمية طبيعية لاستكشاف تنوع الحياة النباتية والحيوانية في المنطقة ناهيك عن تنشيط هواة المغامرة من التنقل بين البراكين الخاملة الواقعة بجوار منطقة المشروع، وعشاق الغوص من استكشاف الشعاب المرجانية الوفيرة في المياه المحيطة به.
وأضاف الغيثي أن بعض دول العالم تعتمد في اقتصاداتها على قطاع السياحة في العالم وتنمية مداخيلها وتنشيط الناتج الإجمالي المحلي لها وتسخر طاقات ومقومات المملكة السياحية من أجل تعزيز مكانتها الريادية على خريطة الفعاليات السياحية والحرص على مراعاة عنصر التطور والتجديد في تقديم المنتج السياحي السعودي وتلبيته لمختلف الأذواق والشرائح الاجتماعية، مشيراً إلى الاهتمام الكبير من القيادة الرشيدة لتكون المملكة المقصد السياحي الأول في منطقة الشرق الأوسط ونموذجاً لسياحة مستدامة ذات طابع أصيل وجذاب حاضراً ومستقبلاً.
دخول صندوق الاستثمارات العامة
وبدوره شدد الاقتصادي المهندس رامي إكرام على أهمية المشروع السياحي العالمي مما يضع المملكة على خارطة السياحة العالمية وجذب استثمارات الشركات العالمية وضخ سيولة كبيرة مما يولد فرصا وظيفية للشباب السعودي ما ينعش الاقتصاد الوطني ودعا إلى تكاتف الجهود المبذولة من أجل الارتقاء بمستويات الأداء التنظيمي والتشغيلي للمهرجانات السياحية كنقلة نوعية متميزة في الحراك السياحي والترفيهي في المملكة بمراعاة عن الجودة في الأداء والتنويع لتلبية أذواق شرائح المجتمع والإسهام بشكل واضح في دعم السياحة الداخلية والعمل على نموها بما يرقى لتوجهات القيادة الحكيمة وعلى رأسها خادم الحرمين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- متوقعاً أن يكون المشروع مركزًا لكل ما يتعلق بالترفيه والصحة والاسترخاء، ونموذجًا متكاملًا للمجتمع الصحي والحيوي.
وأكد دخول صندوق الاستثمارات العامّة بضخّ الاستثمارات الأولية سيعطي المستثمرين والشركات العالمية دفعة قوية لجذبها وضخ سيولة مالية كبيرة في شريان المشروع مما يحقق مزيداً من القيمة المضافة للاقتصاد الوطني وتعظيم المكاسب الاقتصادية للمملكة.