أكد اقتصاديون، بأن إيرادات الحج والعمرة التي يمكن تحقيقها تصب في صالح القطاع الخاص، وليس في خزينة الدولة، مشيرين بأنها لا تمثل سوى مستوى بسيط من الناتج المحلي لايتجاوز 4٪، مقارنة بما تنفقه الدولة من مليارات الريالات، والتي تتجاوز ميزانيات بعض الدول في تطوير المشاعر المقدسة كل عام، وما تقدمه من خدمات في سبيل الوصول إلى راحة وخدمة الحجيج من شتاء بقاع الأرض.

وقال د. باسم الحشاد الاقتصادي والاستشاري الدولي: إن قدوم الحجاج وإقامتهم في مكة المكرمة، ينشئ أنماطاً متعددة من الإنفاق، وبالتالي طلب في أسواق السلع، مثل شراء الهدايا والأطعمة، والخدمات مثل الإنفاق على الإسكان والمواصلات وغيرها، مشيراً إلى أن الطلب المباشر ينشئ أنماطاً متعددة من الطلب المشتق في أسواق مساندة أخرى، وهو ما يمكن الإشارة إليه كبعد اقتصادي جزئي.

وأبان بأن متحصلات وحوالات رسوم الحج الفعلية لكل عام، وأنصبة القطاعات المختلفة من عوائد الحج، وكذلك الطلب على الريال السعودي خارجياً خلال فترة الحج، وهو ما يمكن الإشارة إليه كبعد اقتصادي كلي، يلزمه العديد من الإضافات لمزيد من دقة التحليل وقياس الآثار المترتبة عليه، إذ لا يوجد على الرغم من أهمية الحدث أية مصادر لبيانات وأرقام دقيقة، وموثوقة لقياس هذه الآثار والتي من خلالها يمكن قياس الآثار الاقتصادية للحج بقدر معقول من الدقة والثقة.

ونوه د. باسم، بأن الحج لا تقتصر آثاره الاقتصادية المباشرة على مدينة مكة المكرمة فقط، بل تشمل كافة المناطق التي يمر أو يمكث بها الحجاج مثل المدينة المنورة وجدة والطائف وغيرها من المناطق، التي تنتعش اقتصاداتها أثناء الحج وتستحوذ مكة المكرمة على النصيب الأكبر من عوائد الحج الكلية بلا منازع.

وقال: إن هناك ارتباطاً بين حجم إجمالي عوائد الحج والتكلفة الكلية لأداء الحج، مؤكداً أن هذه التكلفة تبدأ من بلد أو من قرية الحاج القادم إلى أداء الحج، سواء كان من خارج أو داخل المملكة، وتشمل تكاليف التذاكر والنقل والمواصلات والإقامة والإعاشة، قبل وبعد الوصول إلى مكة والإقامة فيها والمكوث في المشاعر المقدسة وحتى انتهاء المناسك، وبين بأنه يمكن تقدير العوائد الكلية للحج من خلال تقدير هذه التكاليف التي يدفعها الحجاج مقابل أداء مناسك الحج، وكذلك من خلال نفقاتهم ومشترياتهم من الهدايا وغيرها أثناء إقامتهم.

وأشار إلى أنه بمزيد من الدقة وحسب أحد الدراسات المتخصصة في هذا الشأن، وحسب الإحصائيات المتاحة التي استخدمتها الدراسة، فإن متوسط تكلفة الحاج من الخارج 8351 ريالاً أعلى منها بالنسبة لحاج الداخل 4500 ريال مع الأخذ في الاعتبار بالظروف السائدة مثل معدلات التضخم الأخيرة، إضافة إلى تضاعف الخدمات الإسكانية بمكة المكرمة، كما أشارت الدراسة إلى أن الإنفاق على الإسكان يتصدر ميزانية الحاج 35% يليه إنفاقه على الهدايا 25% ثم المواصلات 28% ثم الإنفاق على الغذاء 9%، وتأتي في الأخير الخدمات 3 %.

من جانب آخر أكد المستشار المالي وعضو جمعية الاقتصاد السعودي محمد بن فريحان، أن الدولة السعودية هي أكثر من خدم الحرمين سواء من حيث التوسعات أو الصيانة أو التشغيل، والتي تقدر بأكثر من 100 مليار ريال.

وقال: نعلم أن الدولة وهبت نفسها كخادمة للحرمين وضيوف الله، حيث أنها لا تتحصل اي رسوم على من أراد الحج للمرة الأولى.

وأشار إلى أنه قد تكون إيرادات الحج والعمرة تتجاوز 40 ملياراً سنوياً، لكننا نرد عليه بأن هذه الإيرادات هي تصب في صالح الاقتصاد السعودي للقطاع الخاص وليس في خزينة الدولة، ولا تمثل من الناتج المحلي أكثر من 4%، كذلك لا ننسى التكاليف التي تخسرها الدولة في موسم الحج خاصة والعمرة عامة حيث تسخّر كل طاقاتها لخدمة ضيوف الرحمن من موظفيها في القطاع الحكومي، وصرف رواتبهم ومكافآتهم ومواردها من غذاء وعلاج ووسائل نقل وراحة وغيرها.

وقد رأينا العام الماضي الأمير خالد الفيصل عبر مؤتمر صحفي ينفي الادعاءات باستفادة الدولة اقتصاديا من الحج والعمرة وتوضيح أنها خادمة للإسلام والمسلمين وراعية للحرمين الشريفين.

وقال فواز الفواز الاستشاري الاقتصادي: إنه تاريخياً لم تنظر الحكومة للحج والعمرة من منظار اقتصادي، ولكن في المدى البعيد لابد أن يكون الحج والعمرة ذات مردود اقتصادي كبير، مؤكداً أهمية الاهتمام بالمواقع التاريخية والقيمة التراثية حتى تزيد فرصة بقاء الزوار مدداً أطول، وتكرر زيارتهم مما سوف يرفع مستوى إنفاقهم في المملكة.