على بعد خطوتين من الوصول إلى مونديال روسيا 2018، تعثر المنتخب السعودي الأول لكرة القدم أمام شقيقه الإماراتي، وجاءت الخسارة مصحوبة بأداء سيء وروح غائبة عن اللاعبين، بعدما قطعنا طريقاً طويلاً وشوطاً شاقاً من التصفيات المؤهلة، ولم يكن الكثير من السعوديين متفائلين حين أطاحت القرعة بـ”الأخضر” في هذه المجموعة، وتوقع الكثيرون أن يكون بعيداً عن التأهل إلى روسيا، لكن المدرب الهولندي بيرت مارفيك بقائمته المختارة تمكن من تحويل مسار المنتخب، وتقديمه كمنافس شرس وقوي على بطاقتي المركز الأول والثاني، وكان بإمكانه قطع مسافة لضمان إحدى هاتين البطاقتين لو تجاوز الإمارات، لكن حدث عكس ما كان متوقعاً، وخسر أمام الإمارات، وكان الأداء الذي ظهر عليه لاعبو المنتخب طيلة دقائق المباراة مخجلاً للغاية، ولم يكن هو الأداء المنتظر من لاعبين يمثلون شعار الوطن في إحدى مباريات الحسم. ولا يبدو الكلام والتحليل عن أسباب خسارة نقاط الإمارات مجدياً اليوم، لاسيما وأننا نقف على بُعد أيام قليلة من آخر المواجهات، وهي بمثابة النهائي للتصفيات الآسيوية.

قبل مواجهة اليابان الثلاثاء يجب أن يدرك اللاعبون جميعهم، أنها مباراة العُمر بالنسبة لمعظم جيلهم، والوصول إلى روسيا بات أقرب من أي وقت مضى، ولن يتمكن أغلب اللاعبين المتواجدين حالياً بالقائمة من اللعب في كأس العالم 2022 بسبب تقدمهم بالعمر، ومباراة اليابان فرصتهم الأخيرة ليظهروا في محفل عالمي بقيمة كأس العالم، سيكون إنجازاً تاريخياً يسجل في صفحاتهم الرياضية، وسيبقى جيلهم حاضراً في ذاكرة الرياضة السعودية، ولا يجب أن يغفل اللاعبون عن هذه الحوافز والتي تفوق كثيراً الحوافز المادية، فهناك تاريخ عليهم أن يقاتلوا أمام اليابان ليدخلوه من أوسع أبوابه، والعودة براية الوطن إلى كأس العالم.

“الأخضر” وصل مرحلة من التقدم في مسيرته بالتصفيات، لا يجب أن يعود من دون الوصول إلى روسيا 2018 ، واللاعبون أصبحوا على عتبة واحدة من المجد، ننتظر منهم قتالاً الثلاثاء المقبل حتى يعبروا هذه العتبة نحو أكبر محافل كرة القدم، ولـ”الأخضر” فرصة أخرى وهي الذهاب كمركز ثالث نحو الملحق، ثم خوض تصفيات أخرى والبقاء لأشهر طويلة ننتظر حلم التأهل إلى “المونديال”، هذا الطريق مرهق نفسياً وذهنياً للاعبين والأجهزة الفنية والإدارية، بل إنه مرهق حتى للجماهير التي ستبقى لفترات زمنية أخرى تترقب حلم الوصول إلى روسيا، لا يجب أن يفكر اللاعبون بهذا الخيار قبل النزول لميدان المواجهة مع اليابان، للحصول على نقاط ثلاث، ربما فنياً يبدو المنتخب الوطني أقل من الياباني لكن ذلك لا يعني أبداً إظهار اليأس والكلمات المثبطة لعزائم اللاعبي، وكرة القدم لا تعرف المستحيل إطلاقاً.

مثلما يتطلب التغلب على اليابان أداءً مشرفاً داخل الميدان، وروحاً قتالية طيلة مجريات المباراة، فإنه يحتاج لمدرج يكتظ بأبناء هذا الوطن لمؤازرة منتخبهم، وعلى جماهير المنطقة الغربية مسؤولية كبرى للوقوف مع “الأخضر” ومؤازرته في مهمته التاريخية، فالجماهير تلعب دوراً رئيساً في نتائج مباريات كرة القدم، فهي عامل أساسي في تشتيت لاعبي الفريق الخصم، والنهوض بمعنويات لاعبي فريقها ومنحهم مزيداً من الثقة والقوة، وهذا الدور مطلوب من الجماهير السعودية قبل مواجهة اليابان، فالوقت لم يعد مناسباً لتوجيه النقد للاعب معين، أو انتقاد تشكيلة المدرب أو خياراته الفنية، لن يكون بالإمكان استبعاد لاعب أو تغيير تشكيلة قبل اليابان، لكن بالإمكان أن يقف الوسط الرياضي بيد رجل واحد جماهيره وإعلامه ومنسوبيه وراء هذا المنتخب ودعم لاعبيه جميعاً، بعدما وصل إلى مرحلة متقدمة تحفزه للعبور إلى المونديال.