خسارة كأس الخليج، اتحاد الكرة السعودي يقرر إقالة الأسباني لوبيز كارو، كأس آسيا على الأبواب والأخضر بلا مدرب، الاستعانة بالروماني أولاريو كوزمين معاراً لفترة آسيا فقط، مشاركة مخيبة للآمال، عقارب الساعة تتقدم نحو التصفيات الأولية والأخضر بلا مدرب، تكليف الوطني فيصل البدين مدرباً مؤقتاً لمباراة فلسطين الأولى، اتحاد الكرة يعلن أخيراً تعاقده مع الهولندي فان بيرت مارفيك، مجموعة أسئلة تنتشر في الشارع السعودي: منّ مارفيك؟ ما سيرته؟ هل سينجح؟ ماذا عن مقدم عقده؟ هل مرتبه الشهري ضخم؟.. تساؤلات كثيرة كانت تبحث في شخصيته وسيرته وطموحاته، من الصالة الدولية في مطار جدة، أطل الهولندي “65 عاما”، بشعر أبيض وعينين زرقاوين ، أمضى عقده في مؤتمر صحافي، انطلق إلى ملعب التدريبات ليشرف على الأخضر، وعلى الرغم من أن مارفيك كان وصيف بطل مونديال 2010 مع منتخب بلاده هولندا، لكن ذاكرة الجماهير تحفظ جيداً آخر تجربة هولندية في تدريب “الأخضر”، مواطنه فرانك ريكارد فشل فشلاً ذريعاً مع المنتخب السعودي وتقاضى مبالغ طائلة سببت صداعاً لميزانية اتحاد الكرة لأعوام طويلة، ابتدأ مشوار مارفيك ونجح بقيادته إلى التصفيات النهائية.
قرعة التصفيات باتت أقرب، وعقد مارفيك تنقضي صلاحيته يوماً بعد آخر، اتحاد الكرة مرةً أخرى يصمت من دون تحديد موقفه، التكهنات تملأ الشارع الرياضي حول مستقبل الهولندي، القرعة ترمي الأخضر بمجموعة الموت مع أستراليا واليابان والإمارات، أحلام التأهل تتلاشى أمام أعين السعوديين، لم يكن ثمة محفز لأن يصل الأخضر إلى روسيا، منتخب بلا مدرب واتحاد كرة غامض الموقف، أيام حتى أعلن الاتحاد وضوح الموقف ومدد عقد الهولندي لحين آخر مباراة في التصفيات.
كان مشوار مارفيك مع السعودية محفوفاً بالانتقادات، ومطالبات بضم لاعبين واستبعاد آخرين، لكنه كان كالأصم لا يسمع ذلك إطلاقاً، تمسك بمبدأ الاستقرار وأبقى بعض اللاعبين أساسيين في المنتخب على الرغم من وجوده على دكة البدلاء في أنديتهم، بين شوطي مباراة اليابان الأخيرة كان فهد المولد يجري عمليات الإحماء، الكثير من التوقعات كانت تظنه بديلاً لأحد لاعبي الوسط، مع بداية الشوط الثاني جميع اللاعبين يدلفون إلى أرضية الملعب، هداف المنتخب محمد السهلاوي مفقود من بين العائدين، لوحة الحكم الرابع ترتفع لتعلن مغادرة الهداف ومشاركة المولد، ارتفع صوت الاحتجاجات لماذا لم يكثف الهجوم؟ المولد لاعب مجتهد وسريع لكنه ليس هدافا، كيف يتجرأ هذا المدرب على سحب هداف المنتخب؟.. دقائق وشباك اليابان تهتز وفهد المولد ينطلق محتفلاً بهدفه التاريخي معلناً وصول الأخضر إلى “روسيا 2018″، كانت قراءة مارفيك واقعية حين قرر الاستغناء عن السهلاوي والاستعانة بمهاجم يمتلك سرعة أكثر وقدرة على مجاراة سرعة الدفاع الياباني.
الهولندي فان بيرت مارفيك ، تتجاوز حياته التدريبية 30 عاما، لم يصنع فيها نجاحاً باهراً ولا منجزات كبرى، بل على العكس كان سوء الحظ ملازماً له في الكثير من المناسبات، مع الأندية حقق منجزين فقط مع فينورد الهولندي لقب كاس الاتحاد الأوروبي ولقب كأس هولندا، خاض تجربة تدريبية في ألمانيا مع بروسيا دورتموند لكنها لم تكن ناجحة بالقدر الكافي، عام 2008 خاض أولى تجاربه مع المنتخبات، وكانت البداية مع منتخب بلاده هولندا، وبعدها بعامين وصل بمنتخب بلاده إلى نهائيات كأس العالم 2010 والتي خسرها بعد ذلك أمام أسبانيا 1-صفر، تنحى عام 2013 عن تدريب منتخب بلاده وقبل الوصول لقيادة “الأخضر” أشرف على تدريب هامبورج الألماني لعام، لا يبدو مارفيك من المدربين الذين يعشقون الحديث للإعلام، فمنذ وصوله لتدريب السعودية وحضوره مقتصراً على المؤتمرات الصحافية في الكثير من الأحيان، يمتاز بالواقعية في تعامله مع المباريات، بعد صافرة مباراة اليابان انطلق اللاعبون إليه وحملوه فوق الأعناق، ورددت الجماهير اسمه في مدرجات “ملعب الجوهرة”، انفض الحضور وغادر اللاعبون الملعب جماعات وفرادى، واستقل مارفيك الطائرة فجراً وغادر إلى بلاده، لم يعد هناك عقد يربطه بالمنتخب السعودي، لكن هناك الكثير من المطالبات بتمديد عقده ليكون مدرب الأخضر في المونديال المقبل، البوابة ذاتها التي أطل منها مارفيك في 15 نوفمبر عام 2015 كوجه مجهول على الرياضة السعودية، غادر منها بطلاً تاريخياً بعد أن ساهم في إعادة الأخضر إلى نهائيات كأس العالم.