زرعت السلطات في ميانمار ألغاماً أرضية في قطاع من حدودها مع بنغلادش للحيلولة دون عودة الروهينغا المسلمين الذين فروا من العنف الذي يمارسه جيش ميانمار.
وقال مصدران بحكومة بنغلادش أمس إن ميانمار تقوم منذ ثلاثة أيام بزرع ألغام أرضية في قطاع من حدودها مع بنغلادش. وأضافا أن الغرض من ذلك قد يكون للحيلولة دون عودة الروهينغا المسلمين الذين فروا من العنف في ميانمار.
وأكد المصدران اللذان على معرفة مباشرة بالموقف لكنهما طلبا عدم الكشف عن هويتيهما بسبب حساسية الأمر أن بنغلادش ستتقدم باحتجاج رسمي على زرع الألغام الأرضية على مسافة قريبة جداً من الحدود.
وقال أحد المصدرين: “إنهم يضعون الألغام الأرضية في أراضيهم على امتداد سياج الأسلاك الشائكة” بين سلسلة من الأعمدة الحدودية.
وذكر المصدران أن بنغلادش علمت بأمر الألغام في الأساس من خلال أدلة تصويرية وأفراد مراقبة.
وأضاف أحدهما: “رأت قواتنا أيضاً ثلاث أو أربع مجموعات تعمل بالقرب من سياج الأسلاك الشائكة وتضع شيئاً في الأرض.. تأكدنا بعد ذلك من خلال مراقبينا بأنهم كانوا يضعون ألغاماً أرضية”.
وتحولت ولاية راخين الفقيرة والتي تقع عند الحدود مع بنغلادش إلى بؤرة للاضطرابات على مدى سنوات، لكن أعمال العنف التي شنها جيش ميانمار على الأقلية المسلمة في 25 أغسطس هي الاسوأ منذ 2012 عندما قتل عدداً كبيراً من الروهينغا وأجبر عشرات الآلاف على النزوح.
وأسفرت الحملة الأخيرة عن مقتل ما لا يقل عن 400 شخص وفرار قرابة 146 ألفاً من الروهينغا إلى بنغلادش المجاورة مما أدى إلى حدوث كارثة إنسانية كبيرة.
وقال مصدر بالأمم المتحدة أمس إن نحو 146 ألفاً من الروهينغا فروا من العنف في ميانمار إلى بنغلادش، وبذلك يرتفع العدد الإجمالي للروهينغا الذين سعوا للجوء إلى بنغلادش إلى 233 ألفاً منذ أكتوبر.
والروهينغا أكبر أقلية في العالم بدون دولة، يعيشون في ظروف تشبه نظام الفصل العنصري ويخضعون لقيود على تحركاتهم ومحرومون من الجنسية منذ سنوات.
وفي وقت سابق، أفاد الضابط بقوات حرس الحدود في بنغلادش منذر الحسن خان أنه تم سماع انفجارين الثلاثاء على الجانب الخاص بميانمار بعد أن أثار انفجاران الاثنين تكهنات بأن قوات ميانمار زرعت ألغاماً أرضية.
وأشار خان إلى أن صبياً فقد ساقه اليسرى الثلاثاء قرب معبر حدودي ثم نقل إلى بنغلادش للعلاج في حين تعرض صبي آخر لإصابات طفيفة، مضيفاً أن الانفجار ربما ناجم عن لغم.
وقال لاجئان لـ”رويترز” إنهما شاهدا أعضاء من جيش ميانمار حول الموقع في الفترة التي سبقت مباشرة الانفجارين اللذين وقعا في حوالي الساعة 2.25 مساء.
وقضى خمسة أطفال على الأقل عندما غرقت مراكب محملة باللاجئين الروهينغا، في ساعة مبكرة أمس، بحسب ما أكد خفر السواحل البنغلادشي لوكالة فرانس برس.
وقالت السلطات إن ثلاثة أو اربعة مراكب غرقت في مصب نهر ناف الذي يفصل بنغلادش عن ولاية راخين، وسط مخاوف من احتمال وقوع المزيد من الضحايا.
وقتل عشرات الاشخاص خلال محاولة عبور نهر ناف الحدودي منذ تفجر دوامة العنف الجديدة في راخين في 25 اغسطس، إذ يستخدم كثيرون مراكب صيد صغيرة غير صالحة لعبور مياه هائجة.
وقال الضابط في حرس الحدود البنغلادشي الويسيوس سانغما: “عثرنا حتى الآن على جثث خمسة أطفال في مواقع مختلفة”.
وأثارت مسألة اضطهاد الروهينغا غضباً في العالم العربي والإسلامي، وتواجه حكومة ميانمار إدانات دولية متزايدة في ظل حملة العنف التي يشنها الجيش ضد المدنيين، إضافة إلى روايات اللاجئين عن عمليات قتل واغتصاب وإحراق قرى بأيدي الجنود البورميين.
ودانت عدد من الدول العربية والأجنبية الجرائم المرتكبة بحق مسلمي الروهينغا، واستخدام السلطات في ميانمار القوة والعنف ضد الأقلية المسلمة، ما أودى بحياة آلاف الأبرياء وتشريد عشرات الآلاف منهم.
وفي إندونيسيا، تظاهر آلاف الإندونيسيين أمس أمام سفارة ميانمار في جاكرتا للمطالبة بوقف العنف ضد الروهينغا.
وردد المتظاهرون الذين نظموا مسيرة في شوارع العاصمة وصولاً إلى مقر السفارة هتافات “الله أكبر” وحملوا يافطات كتب عليها “أوقفوا قتل المسلمين الروهينغا”.
بدوره، دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش السلطات في ميانمار لوضع حد للعنف في ولاية راخين واتخاذ إجراءات لمنح الروهينغا المسلمين “حياة طبيعية”.
وقال غوتيريش إن “المظالم والمحن المتواصلة للروهينغا تقيحت لفترات طويلة جداً وأصبحت عاملاً لا يمكن إنكاره في عدم الاستقرار الاقليمي”.
وأضاف أن “السلطات في بورما ينبغي أن تتخذ إجراءات محددة لوضع حد لهذه الدوامة من العنف وتقديم الأمن والمساعدات لكل من يحتاجون إليه”.
وسبق للأمم المتحدة أن أشارت بداية هذا العام في تقرير لها أن القوات الأمنية شنت حملات كبيرة من القتل والاغتصاب والتعذيب في ولاية راخين.