أكد إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ الدكتور أسامة خياط في خطبة الجمعة أن من دلائل سعة رحمة الله بعباده، وإرادته الخير بهم وعموم فضله عليهم تبدو جلية في تعدد وتنوع أبواب الخير التي تدلهم عليها، ووجه أنظارهم إليها بما أنزل عليهم من البينات والهدى في محكم كتابه، وبما جاءهم بها نبيه المصطفى وحبيبه المجتبى صلوات الله وسلامه عليه في صحيح سنته، وما ثبت به النقل من هديه وسيرته.
وأبان فضيلته أن من أعظم أبواب الخير أن يفتتح المسلم عامه الجديد بالصيام الذي تروض فيه النفس على كبح جماحها إزاء الشهوات المحرمة والنزوات والشطحات وتسمو به لبلوغ الكمالات الروحية وتغدو به أقرب إلى كل خير يحبه الله ويرضاه وأبعد عن كل شر حذر منه ونهى عنه، مضيفاً أن للصيام في شهر الله المحرم مزية وفضلاً عظيماً أخبر عنه رسول الهدى صلوات الله وسلامه عليه بقوله:(أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم، وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل) أخرجه الإمام مسلم، والصوم حين يقع في شهر حرام فإن الفضل يقترن فيه بالفضل فيتأكد بشرفه في ذاته، وبشرف زمانه، وإن آكد الصيام في هذا الشهر صوم يوم عاشوراء.
وأوضح فضيلته أن هذا اليوم من أيام الله التي جعل لها من الفضل العظيم ما ثبت في الحديث الذي أخرجه الإمام مسلم في صحيحه عن أبي قتادة -رضي الله عنه- أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن صيام يوم عاشوراء فقال: (إني أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله).
وحث فضيلة الشيخ خياط جموع المصلين على شكر نعم الله عز وجلّ والحذر من البدع والخرافات قائلاً: احرصوا على شكر المنعم على نعمه بالعمل على مرضاته بطاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم وبالحذر من كل دخيل مخترع لا أصل له في كتاب الله ولا في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن ذلك الاكتحال في يوم عاشوراء والاختضاب والاغتسال فيه فكل ما روي في ذلك موضوع لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما بينه الإمام الحافظ بن رجب وغيره.
من جهة أخرى حذر إمام وخطيب المسجد النبوي الشريف الشيخ د. علي الحذيفي -في خطبة الجمعة- من الفرقة والاختلاف ومن زلات اللسان قولا وكتابة، داعياً إلى التلاحم والقوة والثبات أمام أعاصير الفتن لدحر كيد الأعداء ودفع فساد كل ذي شر.
وقال: إن مما حذر منه الإسلام زلات اللسان ومهلكاته فإن القول والكتابة الباطلة تفرق الصف وتشتت الشمل وتخالف بين الوجوه وتشعب الأهواء وتضل عن الحق وتوسع الخلاف، قال صلى الله عليه وسلم: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً ًأو ليصمت»، ولما حذر النبي من الفتن، بيّن أكثر من مرة أن القول بالباطل فيها هلاك، فقال: «اللسان فيها أشد من وقع السيف»، رحمة بالأمة وحفظاً للدين ودرءاً للفتنة وأسبابها.
وأضاف: استديموا نعمة الأمن والاستقرار والرخاء بالتقرب إلى المولى بالعبادات ومجانبة المحرمات، قال الله تعالى: «فليعبدوا رب هذا البيت، الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف»
وأردف: إن الترابط والتوافق والتكافل والتراحم ومناصرة الحق ونبذ الخلاف ونبذ التفرق حصن يأوي إليه المجتمع وموئل يسع الناس، ومأمن للجميع وقوة للدين وحفظ لمنافع الدنيا، وحرز من الفتن المضلة، وسلامة وعافية من كيد الأعداء وضررهم.