من المتوقع أن يحدث الأمر السامي القاضي بالسماح للمرأة بقيادة السيارة والذي صدر يوم الثلاثاء 26 سبتمبر2017، وسيدخل حيز النفاذ في 10 شوال 1439هـ الموافق 24 يونية 2018، آثاراً اقتصادية، ولكن قبل الخوض في هذه الآثار المتوقعة يجب النظر إلى البيانات المتوفرة عن الوضع القائم لاسيما ما يتعلق بعدد السيارات في المملكة وحجم تمويل المصارف للوردات من السيارات، وإجمالي الاستهلاك المحلي لوقود السيارات وخاصةً البنزين.

وتشير بيانات مؤسسة النقد العربي السعودي التي تنشرها “الرياض”، اليوم إلى أن المملكة استوردت نحو مليوني سيارة خلال العامين 2015 و2016 فقط، وبلغ إجمالي عدد السيارات المستوردة خلال الفترة من عام 2001 إلى 2016 نحو 10.6 ملايين سيارة، وهذا الرقم مقارب لتقديرات المركز السعودي لكفاءة الطاقة الذي يقدر إجمالي عدد السيارات في المملكة بنحو 12 مليون سيارة.

إلا أن الأرجح أن إجمالي عدد السيارات في المملكة لم يصل بعد إلى 10 ملايين سيارة وأنه عند نحو 8.5 ملايين سيارة أخذاً في الاعتبار العمر الافتراضي للسيارة وعدد الحوادث في المملكة، إضافةً إلى الدراسة التي أعدتها شركة Frost & Sullivan الأمريكية والتي توقعت أن يصل عدد السيارات في المملكة إلى نحو 10.03 ملايين سيارة بحلول العام 2020.

أما ما يتعلق بحجم تمويل المصارف للواردات من السيارات فقد بلغ نحو 34.7 مليار ريال خلال عام 2016، وبلغ إجمالي الاستهلاك المحلي من وقود السيارات (بنزين) نحو 203.4 ملايين برميل خلال عام 2016.

وفي الأجل القصير لا يتوقع أن يكون هناك تغيرات جوهرية على المستوى العام لقطاع النقل في المملكة، لكن في الأجل المتوسط سيكون هناك تحول تدريجي يتمثل في انخفاض الطلب على السيارات العائلية الكبيرة ذات الاستهلاك المرتفع للوقود إلى سيارات اقتصادية تتناسب مع احتياجات المرأة السعودية. وسيكون على وكالات السيارات الترقب والاستعداد لأي تطورات تطرأ على الطلب المحلي من السيارات بعد هذا القرار.

وهذا التحول التدريجي في نوعية السيارات في المملكة سيسهم في تقليل استهلاك المملكة من وقود السيارات لاسيما البنزين، وهذا مؤشر إيجابي للاقتصاد المحلي، حيث أن الطلب المحلي من البنزين يفوق الإنتاج المحلي منه منذ عام 2008، وقد بلغ إجمالي الكميات التي استوردتها المملكة من البنزين لتلبية الطلب المحلي نحو 196.7 مليون برميل خلال الفترة من عام 2008 إلى 2016.

ويتوقع في المرحلة الأولى من تطبيق القرار أن يكون إقبال المرأة السعودية على قيادة السيارة محصوراً في السيدات اللواتي مارسن القيادة خارج المملكة إضافة إلى السيدات غير السعوديات، وفي مراحل متقدمة سيتزايد الإقبال لاسيما في فئة الشباب. وهنا تجدر الإشارة إلى أن إجمالي عدد الطالبات الملتحقات في التعليم العالي بلغ نحو 792.8 ألف طالبة في عام 2015، وهؤلاء مرشحات لدخول سوق العمل خلال الثلاث سنوات القادمة. فإذا افترضنا أن طالبة واحدة من كل أربع طالبات ستمتلك سيارة، فإن حجم طلبهن على السيارات يقدر بنحو 198.2 ألف سيارة سنوياً على الأقل.

ويتوقع أن يتزامن مع ارتفاع طلب السيدات للسيارات ارتفاع في حجم الطلب على القروض الاستهلاكية من النظام المصرفي لغرض شراء سيارة. لكن ليس بالضرورة ارتفاع الحجم الكلي للقروض الاستهلاكية.

ووفقاً لبيانات مؤسسة النقد فقد بلغ حجم القروض الاستهلاكية لتمويل سيارات ووسائل نقل شخصية نحو 33.9 مليار ريال بنهاية النصف الأول من عام 2017، ويتوقع ألا تقل القروض الاستهلاكية لهذا الغرض عن 40 مليار في عام 2020.