بلغت عدد شركات التأمين المدرجة في السوق السعودي 33 شركة، ومع أن تعدد شركات التأمين تعتبر ميزة لخلق بيئة تنافسية من المفترض أن تساهم في رفع مستوى الخدمة واستقطاب المزيد من العملاء ولكن هذا لم يحدث في الواقع فوجدنا شكاوى متزايدة من العملاء بسبب التأخر في صرف التعويضات مما حدا بمؤسسة النقد لإيقاف اصدار وثائق التأمين لعدد من الشركات التي تكررت لديها مثل تلك الشكاوى ويرجح أن يعود سبب التأخير في صرف التعويضات الى ضعف السيولة حيث ان بعض الشركات لديها ضعف في التسويق ولا تتجاوز الحصة السوقية لبعض تلك الشركات 2 %.

كما أن ضعف رؤوس الأموال أيضاً كان من أبرز الأسباب التي افرزت لنا شركات ضعيفة غير قادرة على المنافسة وفي الوقت الذي كنا ننتظر فيه دعم رؤوس الأموال برفعها لمواجهة التحديات الا أنه خلال العام الحالي قامت شركات التأمين بخفض رؤوس أموالها بحوالي 2 مليار ريال لتغطية الخسائر المتراكمة لكي لا يطبق عليها نظام الشركات الجديد وهذا الخفض في رؤوس الأموال سوف يخلق شركات أكثر ضعفاً وقد لا تستطيع مواجهة الاخطار خلال الفترة القادمة وقد تخرج من السوق، ليس هذا فحسب بل إن شركات كانت رائدة في قطاع التأمين مثل ميد غلف قد تكون عرضة للمخاطر بعد أن وصلت خسائرها المتراكمة 73 % مما دفع مجلس إدارة الشركة لاتخاذ قرار الى خفض رأس المال 60 % لتغطية جزء من الخسائر المتراكمة وتبقى 134 مليون خسائر متراكمة تمثل حوالي 33 % من رأس مال الشركة بعد التخفيض وقد تصل الى نسبة 50 % مع نهاية النصف الثاني ان لم تنجح إدارة الشركة في معالجة الاخفاقات المتتالية، كما أن HSBC باعت كامل الحصص البالغة 32.5 % في شركة “ساب تكافل” بسعر 10.66 ريالات للسهم مع أن سعره السوقي 26 ريالا وهذا التخارج يعطينا إشارات سلبية لسوق التأمين في السعودية.

في اعتقادي أن غياب دور الخبير الاكتواري وعدم الزام شركات التأمين بالاستعانة به الا مؤخراً ساهم أيضاً في تكبد الشركات خسائر ما كانت لتتحقق مع وجود الخبير الاكتواري لأن دور الاكتواريين في تطوير وإعداد نماذج عمل مالية تتيح تحديد السيناريوهات المستقبلية المحتملة والمخاطر التي تنطوي عليها الأمر الذي يساعد الشركات على تحقيق النمو إلى جانب تأمين تطبيق مبادئ الحوكمة.

تراجعت ايضاً أعداد وثائق التأمين المكتتب بها خلال النصف الأول بحوالي 23% وحقق التأمين الصحي اسوأ أداء بتراجعه حوالي 45 % بينما تراجع الاكتتاب في وثائق تأمين المركبات حوالي 9 % وهذه الأنشطة التأمينية من طبيعتها النمو وليس التراجع استنادا للنمو السكاني ولكن قد يكون رفع أسعار وثائق التأمين ساهم في عزوف العملاء وقد يكون لخروج الكثير من العمالة سبب آخر في تراجع الاكتتاب في الوثائق التأمينية وخاصة في التأمين الصحي.

ومع أن عدد الوثائق تراجع 23% الا أن المطالبات التي تحملتها شركات التأمين لم تتراجع الا 4% فقط بل زادت المطالبات في التأمين الصحي وساهم هذا التراجع في الاكتتاب في وثائق التأمين الى تراجع الأرباح المجمعة لشركات التأمين الى 517 مليون ريال متراجعة بحوالي 28 % مقارنة مع النصف الأول عام 2016 وسجلت 4 شركات خسائر أبرزها ميد غلف التي خسرت 535 مليون ريال وحققت شركة التعاونية أعلى أرباح في قطاع التأمين تجاوزت 372 مليون بنسبة 72 % من اجمالي الأرباح المجمعة للقطاع.

ولذا من الضروي لبقاء شركات التأمين أن تدمج في شركات على أكثر تقدير لتكون لدينا كيانات قوية قادرة على مواجهة التحديات المقبلة وتضمن استمراراية أعمالها بطريقة تحقق إيرادات عالية تعود بالنفع على المساهمين وتطوير الخدمات المقدمة للعملاء ومن أهمها صرف التعويضات في زمن قياسي.