لم يكن الإلزام الأخير من مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما) لجميع المصارف وشركات التمويل بضرورة إيضاح المخاطر قراراً فحسب، إنما تنشئة لثقافة الشفافية المالية الغائبة بين الجهة الممّولة والعميل، وخلق مفاهيم جديدة لهذه العلاقة حفاظاً في المقام الأول على الملاءة المالية للمواطن، وسداً للثغرات التي ربما قد تساهم في تأخير التنمية الاقتصادية الوطنية، وأوضح مختصّون ضرورة تعزيز مفاهيم الشفافية بين العميل والمصرف والدفع بها نحو أرضية صلبة تضمن الحقوق لكلا الطرفين، وتوعية المواطن بخطورة التمويل إن وجدت في بعض الأحيان.

يقول المحلل الاقتصادي الدكتور صلاح الشلهوب تتحمل المصارف مسؤولية كبيرة تجاه تثقيف العملاء بمخاطر التمويل، كما أن عليها عبئاً يتمثّل في ضرورة الشفافية أمام العميل في كل ما يتعلق بالتمويل، وتعدّ المصارف الجهة المستفيدة من التمويل وقد تغفل الجانب المتعلق بتوعية المستفيد بمخاطر التمويل، كما أنها قد لا تجد نفسها أمام مسؤولية فعلية لدى تغييب مخاطر التمويل عن العميل حال طلبه لمنتجات التمويل والأمر الآخر أن غالبية موظفي المصارف قد لا يكونون بالأهلية الكاملة في جانب تثقيف العملاء بمخاطر التمويل؛ لانعدام أو قلّة البرامج والدورات المختصّة في هذا الشأن، كما أن المصارف أيضاً تفتقر للمواد المكتوبة عن مخاطر التمويل التي يتم عرضها وتقديم للعملاء.

وعن سؤالٍ حول إمكانية تعمّد المصارف تغييب مخاطر التمويل عن العميل قال من الممكن أن يكون هذا أحد الأسباب، فلربما كان ذا أثرٍ سلبي على سمعة المصرف، ولكن هنالك الكثير من الأمور المختلفة قد ساهمت في ذلك كقلّة وجود البرامج المتخصصة والموجّهة لموظفي هذه المصارف كي يكونوا على دراية تامّة، فمن الضروري الحصول على هذه الدورات التأهيلية في هذا المجال، وأن لا يسمح بممارسة النشاط إلا بالحصول عليها، فنجد على سبيل المثال وزارة التجارة والاستثمار ألزمت المحال التجارية بوضع إعلانات موجهّة للعملاء وأرقام مباشرة للجهات الرقابية في الوزارة.

بدوره قال الدكتور محمد بن دليم القحطاني – خبير ومفكر اقتصادي – نعاني من غياب واضح للشفافية في التعامل بين المصارف والعملاء، وذلك لأسباب منها ما يتحمّله المصرف عبر موظفه الذي يقوم بجزئية محددة من إتمام عملية التمويل ثم تنتقل لموظف آخر وهكذا، وفي مجمل الأمر يعدّ العملاء أسرى للمصارف فغالباً ما نجدهم بين المطرقة والسندان وتحت رحمة هذه المصارف، إذا لا بدّ من التحلّي بأخلاقيات العمل وكسب العملاء لا سيمّا أن بقاء هذه المصارف يعتمد كلياً على بقاء العملاء وبالتالي فإن الشفافية مطلوبة، والمرحلة القادمة لا تتحمل أية أخطاء فغالبية المواطنين بما نسبته على وجه التقريب 80 % يعيشون في دوامة القروض بمنتجاتها المختلفة، وهذا الأمر ليس في صالح التنمية الاقتصادية ولا يساعد كذلك على خلق ثقافة الادّخار لدى الفرد أو تعزيز الشفافية المالية لدى كل الأطراف.