أكد عدد من الاقتصاديين والمحللين الماليين أن الأرقام التي تضمنها التقرير الربعي لأداء الميزانية العامة للمملكة للربع الثالث من العام 2017م، تعكس بشكل كبير حسن أداء وسير عمليات الإصلاح الاقتصادي التي باشرتها الدولة، وتوقعوا أن يتواصل التحسن خلال الربع الأخير من العام والتقدم على المديين المتوسطي والطويل في تحقيق نجاحات أخرى ضمن خطط الإصلاح المستمرة.

وتحدث رئيس مجلس الغرف السعودية المهندس أحمد بن سليمان الراجحي عن التقدم الملحوظ في الأداء الاقتصادي والذي ظهر جلياً من خلال الإعلان عن أرقام أداء الميزانية العامة للدولة للربع الثالث من العام الجاري الذي أظهر تحسناً في مجمل البنود، ما انعكس على تحسن الإيرادات غير النفطية التي ارتفعت بنسبة 80 %.

وأشار الراجحي إلى أن تقرير الميزانية لهذا الربع وما تضمنه من أرقام بخاصة الإيرادات التي بلغت 142 مليار ريال بزيادة 11 %، يؤكد المسار الصحيح الذي انتهجته الدولة في معالجة الأوضاع الاقتصادية في أعقاب انخفاض أسعار النفط خلال العامين الماضيين، وذلك من خلال الاعتماد على الإصلاحات الاقتصادية التي ساهمت في رفع كفاءة الإنفاق العام وتراجع العجز وتنويع مصادر الإيرادات الحكومية وتنويع مصادر الإيرادات غير النفطية، لافتاً أيضاً إلى المساهمة الفاعلة التي حققتها مشروعات رؤية 2030 في دعم الإيرادات، فضلاً عن جذب مستثمرين دوليين وهو ما ظهر من خلال حجم المشاركة في مبادرة مستقبل الاستثمار التي أعلنها مؤخراً صندوق الاستثمارات العامة.

وأوضح رئيس مجلس الغرف السعودية أن بنود الميزانية لهذا الربع كشفت الكثير من النقاط الإيجابية، حيث ركزت بشكل أساسي على أولويات المواطن في مجال الخدمات الأساسية كالتعليم والصحة والخدمات البلدية، والتنمية الاجتماعية وهو ما يؤكد حرص واهتمام حكومة خادم الحرمين الشريفين –حفظها الله – بالإنسان السعودي.

منوهاً بما حملته الميزانية من تطلعات ومحفزات لكافة القطاعات الاقتصادية خاصة القطاع الخاص الذي يعد شريكاً استراتيجياً للدولة خصوصاً في مجال التنمية الاقتصادية، حيث يعمل بجانب الدولة في تحقيق أهداف الرؤية المستقبلية والمشاركة في مشروعاتها الطموحة من أجل رفع مساهمة هذا القطاع في الناتج المحلي الإجمالي.

معادلة المحافظة

على وتيرة المصروفات

بدوره قال محمد العمران رئيس المركز الخليجي للاستشارات المالية إن الأرقام التي تضمنها التقرير جاءت أفضل من المتوقع بكثير، ونجحت الدولة في تخفيض العجز المتوقع، فالتوقعات المسبقة كانت تشير إلى عجز بمقدار 200 مليار ريال في حين بلغ العجز فعلياً في هذه الفترة 121،5 مليار ريال مسجلاً نسبة انخفاض 40 %، مقارنة بالفترة المماثلة من العام الماضي، والربع القادم مؤهل لمزيد من النجاح في خفض قيمة العجز في ظل هذا الأداء الممتاز من طرف الأجهزة المعنية في الدولة.

وأشار محمد العمران إلى أن التقرير بين بوضوح نجاح وزارة المالية ومهارتها في إدارة معادلة المحافظة على وتيرة المصروفات المناسبة لخدمة أولويات المواطن ومستقبله وساعدها على ذلك ارتفاع الإيرادات سواء النفطية أو غير النفطية، وجميع ذلك انعكس بشكل إيجابي على فعالية الاقتصاد الوطني وتقييمه وشاهدنا وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيفات الائتمانية في بيان لها تصنيف السعودية عند “A-/A-2” مع نظرة مستقبلية مستقرة.

سياسة الوضوح والشفافية

كما بين الدكتور سليمان بن إبراهيم العييري رئيس اللجنة التنفيذية للجنة الوطنية التجارية بمجلس الغرف السعودية، أن نتائج تقرير الميزانية للربع الثالث والتي جاءت أفضل من المتوقع بكثير تعكس بوضوح نجاح الدولة في خططها الإصلاحية، كما أنها مؤشر على حال الاقتصاد السعودي الراهن وأنه ثابت وقوي.

وأشار الدكتور سليمان العييري إلى أن سياسة الوضوح والشفافية الممارسة من وزارة المالية وبقية أجهزة الدولة في مثل هذه التقارير وغيرها من الأمور نجحت بشكل كبير في كسب ثقة المراقب والمستثمر الدولي وإظهار قدرات الاقتصاد الوطني ومن المؤكد أن المستقبل يحمل الكثير من النجاحات للمملكة وأبنائها.

توليد الإيرادات من داخل الاقتصاد

وقال الاقتصادي أحمد الشهري، ما زالت وزارة المالية ومجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية يديرون تحديات تراجع أسعار النفط وفق منهجية تعتمد على عدد من المرتكزات والتطلعات من خلال التوازن المالي والمتعمد على توليد إيرادات من داخل الاقتصاد مثل الرسوم بالإضافة إلى إدارة التكاليف الرأسمالية للمشروعات الجديدة وقد ظهرت نتائج ذلك في الربح الثالث لعام 2017 من خلال تحسن الإيرادات غير النفطية فقد بلغت 50 % من إيرادات النفط للربع الثالث 2017 حيث وصلت الإيرادات النفطية إلى 94 مليار ريال، وهذا يمثل نجاحاً لإدارة ميزانية البلاد في الوقت الراهن إذا ما تم مقارنة أداء الميزانية مع الدول التي تدهورت مراكزها المالية بسبب تراجع أسعار النفط وأسعار المواد الأولية عالمياً.

‏وأضاف: استمرت المملكة ضمن سياساتها المالية الحصينة في تمويل الصحة والتعليم والأمن والخدمات الاجتماعية، مما أبعد المواطنين عن أي مخاطر تبعات الدورات الاقتصادية عالمياً ولا سيما أن معدل النمو العالمي ما زال منخفضاً.

‏وقال ملامح الربح الرابع ستكون ضمن نطاق المقاربة في المصروفات والإيرادات المقدرة في بداية العام 2017، ولكن مؤشرات تحرك أسعار المواد الأولية عالمياً تبشر بتحسن النمو، مما يجعل وضع النفط يستمر فوق 62 دولاراً، ويجعل إدارة ميزانية البلاد أكثر مرونة.

‏مشيراً إلى أن نتائج التوازن الاقتصادي، والمتمثل في الاستثمارات العامة المباشرة وغير المباشرة، بالإضافة إلى الصناعات الإستراتيجية الخاصة بالمحتوى المحلي ستظهر خلال 24 شهراً القادمة، إذا ما تحرك النمو العالمي بشكل إيجابي.

‏وقال: نثمن كل الجهود الكبيرة التي يبذلها القائمون على شؤون الاقتصاد والميزانية، ونتطلع إلى عودة النمو الداخلي خلال عام 2018، وهنالك الكثير من المؤشرات على عودة النمو داخلياً.

العجز سيكون أقلمن جهته قال الاقتصادي محمد السويد: بأن أبرز ما يميز إعلان الميزانية، هو أن أرقام المصروفات والإيرادات قريبة من التوقعات ومن المرجح أن يكون العجز نهاية السنة الحالية قريباً من المتوقع بحدود 198 مليار ريال حيث وصل حتى الآن 121 مليار ريال.

والأمر الآخر الجيد، أن تكلفة تمويل العجز تعتبر قليلة جداً حتى الآن حيث تشكل أقل من 1% من المصروفات بحدود 5.4 مليارات ريال، ولكن ما زالت تعويضات العاملين تشكل أكثر من نصف حجم المصروفات، وستبقى كذلك حتى يتم خصخصة المشروعات التشغيلية المخططة.

مشيراً إلى أن الإيرادات النفطية، ما زالت تشكل أكثر من ضعفي الإيرادات غير النفطية، والذي يعتبر أمراً طبيعياً بسبب استمرار ارتفاع أسعار النفط عالمياً، وبحسب تصوري أن الإيرادات غير النفطية سيستمر نموها لتوازي الإيرادات النفطية بعد سنة 2020 خاصة مع التعديلات الأخيرة المزمع عملها لبرنامج التوازن المالي.