لاقت مقابلة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع لصحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية ردود فعل واسعة لدى الأوساط السياسية والإعلامية على المستوى الدولي، مؤكدين على إدارة ترمب وخبراء الأمن القومي والسياسة الخارجية في الولايات المتحدة الأميركية دراستها والتعامل معها بأسلوب جيد؛ لأنها ترسم ملامح مهمة وإستراتيجية جديدة للمملكة والمنطقة.
رجل الإصلاحات
وقال أستاذ العلوم السياسية في جامعة جورج واشنطن نبيل ميخائيل لـ»الرياض»: بأن حديث ولي العهد السعودي لصحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية مهم؛ لأنه رسم ملامح إستراتيجية جديدة للمملكة والمنطقة، وعلى إدارة ترمب وخبراء الأمن القومي والسياسة الخارجية في الولايات المتحدة الأميركية دراستها والتعامل معها بأسلوب جيد، لأن هذه المقابلة تستطيع أن تؤدي إلى سياسات سليمة ومهمة.
وأضاف بأن حديث ولي العهد عن اليمن وعن لبنان والأحزاب الإرهابية هو عملية لمواجهة الإرهاب والبحث عن استقرار الدول تحت حكومات شرعية، وأن حرص ولي العهد على مكافحة الإرهاب تكشف إستراتيجية محلية وإقليمية ودولية تسعى لانتشال العالم من هذا الوباء، والمملكة ومصر وعدد من الدول العربية الرائدة تتخذ مواقف حاسمة لمواجهة الإرهاب، وتتوافق مع إدارة أميركا الحالية برئاسة ترمب على عكس الرئيس السابق أوباما.
وأشار إلى أن المقابلة تكشف بأن مستقبل الدول العربية مستقبل مُبشر بالخير مع رجل سياسي بحجم شاب طموح، وخاصة بأن ولي العهد السعودي رجل مخلص يعمل بكل جهده، رجل يحاول أن يعالج المشاكل من جذورها، وندعو الجميع إلى التعاون ويكون هناك إجماع حوله؛ لأنه رجل الإصلاحات التي تخدم جميع العرب والمسلمين، وشدد على أن المقابلة كشفت عن قضية مهمة بأن ولي العهد السعودي لا ينظر لإيران فقط أنها تتدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية، لكنها دولة لها طموح نووي وسياستها لا تؤدي إلى الاستقرار.
وضع الأمور في نصابها
من جانبه أكد أستاذ العلاقات الدولية في الجامعة الأردنية د. حسن المومني بأن مقابلة ولي العهد مع صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية جاءت لتضع الأمور في نصابها، وتؤكد عزم -وليس هناك لين- في التعاطي مع القضايا الداخلية الملحة ودور المملكة الحاسم والنشط على المستوى الإقليمي والدولي في سياق السياسة الخارجية، ووضعت حداً لكثير من اللغط الذي أثير حول جملة من القضايا والمبادرات التي اتخذتها المملكة في سياق مكافحة الفساد وتعزيز التنمية، إضافة إلى ذلك تأكيد دور المملكة في الإقليم وعلى الصعيد العالمي وسعيها الدائم لمكافحة الإرهاب ومواجهة التمدد الإيراني سواء كان في العراق أو سورية أو لبنان أو اليمن، ولا يخفى على الجميع أن هذا التمدد الإيراني قد سبب كثيرا من القلق وعدم الاستقرار في المنطقة، ومنذ سنوات والمملكة تعمل جاهدة على احتواء هذا التهديد، وبالتالي هذه المقابلة وضّحت كثيراً من الأمور وأظهرت الفكر المتقدم والرؤية الواضحة التي يتمتع بها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد السعودي في التعاطي مع الكثير من القضايا المحلية وإصراره على نقل المملكة إلى الحداثة وإلى تنفيذ رؤيته المتعلقة بالمملكة 2030، وقال: بتحليل موضوعي ورؤية ثاقبة يستطيع الباحث أو المحلل أن يقرأ هذه المقابلة وبالتالي يتحدث بمجموعة أفكار تحدث بها ولي العهد السعودي في هذا الجانب، ففي القضية الأولى كانت مسألة مكافحة الفساد وبيّن من خلالها شرط وضرورة من أجل تحول المملكة تحولا سليما باتجاه الازدهار والنمو والاقتصادي؛ حيث إن هذه العملية تمت على أسس قانونية ورؤية واضحة وجلية، ورسالة واضحة بأن لا مكان للفساد والفاسدين في بلد يملك رؤية قادرة على نقلهم إلى مصاف الدول المتطورة اقتصادياً وتنموياً، كما أن هذه الحملة رسالة داخل المملكة عقدت العزم على مكافحة الفساد وانتزاعه، وكذلك هي رسالة للمستثمرين السعوديين والأجانب بأن سيادة القانون هي التي تسود مما يسهم في تعزيز العدالة والاستقرار وجذب الاستثمار، والذي بدوره سيساعد على الرؤية الشاملة للمملكة بأنها تنتهج خطوات ثابتة قائمة على سيادة القانون، كما أن ولي العهد أكد في سياق المقابلة على أن المملكة تملك رؤية ثاقبة على أن استرجاع الإسلام بصورته الاعتدالية القائم على الانفتاح على العالم وكافة الأديان، وهذا يساعد كثيراً على تغيير النظرة العالمية للإسلام على اعتبار المملكة هي مهد الإسلام ولها دور رئيسي في صيانة الدين الإسلامي من هذا الجانب.
وأشار إلى أن ولي العهد أوضح بشكل جلي السياسة السعودية والتصميم السعودي القائم على مكافحة إيران، وأن السعودية لن تتسامح ولن تتهاون حول التوسع الإيراني، وهذا الخطاب الذي نحتاجه حازم وجازم ضد إيران، ويهدف إلى استنهاض الحالة العربية لمجابهة هذه الخطر الإيراني الذي يحاول التوسع على حساب الدول العربية، وشدد على أن هنالك جرأة غير مسبوقة في المقابلة عندما قال ولي العهد السعودي بتشبيه خامنئي بهتلر الشرق الأوسط، فهي رسالة للقارئ الغربي بأن ما نواجهه في المنطقة لا يقل خطراً عن ما واجهته أوروبا أبان الحرب العالمية الثانية من هتلر وأتباعه.
النظرة التحولية
وقال عضو مجلس الشورى السعودي د. فهد حمود العنزي: بأن الصحفي الأميركي كتب مقدمة نادرة عن شخصية صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد، ونادراً ما يتحدث فريدمان عن شخصية قيادية بهذا الشكل المُبهر، ولا شك أن هذا يدل على أن الانطباع غير العادي الذي خرج به فريدمان عن شخصية سمو ولي العهد، مما يؤكد أن هذه الشخصية الشابة القيادية المُقنِعة ذات النظرة التحولية تتمتع بوضوح في الرؤية والهدف وعزيمة في العمل وصراحة غير معهودة، وقدم سموه من خلالها وصفة حاسمة لمكافحة الفساد ورد بشكل قاطع وبحجة لا يمكن دحضها من قبل المشككين حول أسباب هذه الحملة على الفساد، كل ذلك جعل الكاتب فريدمان يصف ما يحدث في المملكة بأنها حركة إصلاح أكثر أهمية من أي مكان في الشرق الأوسط.
وأضاف بأن ولي العهد قدم حلولاً غير اعتيادية وفتح تسويات مالية لمصلحة الدولة من أجل إبراء ذمم الفاسدين واسترداد الدولة للأموال الناتجة عن ممارسة الفساد وهي النسبة الأغلب 95 % في حين أن القضاء سينظر القلة القليلة الباقية؛ لأن الهدف المصلحة العليا للدولة ومحاربة الفساد وحرمة المال العام، واستطاع سموه خلال هذه المقابلة أن يلخص كل ما حصل في كلمات مقنعة ذات أسانيد منطقية وقانونية مع إدراك كامل لواقع المملكة، فقد ذكر سموه بأنه منذ عهد الثمانينات والمملكة تعاني من الفساد وحدد مصادر هذا الفساد ومن يقوم به، وكان صريحاً جدا لأن الهدف هو العلاج واستئصال الفساد، وذكر سموه بأن 10 % من الإنفاق الحكومي تعرض للاختلاس والهدر بواسطة الفساد، كما بين سموه عزم خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- على اجتثاث الفساد، وأن المملكة غير مقبول فيها هذه الممارسة باعتبارها أحد مجموعة العشرين وهي ذات سمعة اقتصادية عالية، كما أن التقصي عن الفساد استغرق عامين من جمع للمعلومات والتقصي عن الفاسدين، ومن ثم القاء القبض عليهم بغض النظر عن مكانتهم الاجتماعية ومواجهتهم بتلك المعلومات والملفات، ولا شك أن هذا الإجراء سيعزز من مكانة المملكة في المؤشرات الدولية، لاسيما في مكافحة الفساد والشفافية خصوصاً وأنه تم الإعلان عن مشاريع عملاقة في المملكة كمشروع نيوم وغيرها، وهذا سيضفي مناخا آمنا على البيئة الاستثمارية بالمملكة من خلال اطمئنان المستثمرين على استثماراتهم، ويعزز من كذلك سيادة النظام وتوفير الحماية اللازمة لرؤوس الأموال، والحد من مشاركة الفاسدين وانتفاعهم غير المشروع من هذه المشاريع، كما أنه سيعزز من مستوى النزاهة والقيم المتعلقة بالوظيفة العامة.
مرحلة مبشّرة
وذكر المحلل السياسي السعودي د. أحمد حسن الشهري بأن حديث ولي العهد في مواضيع متعددة تبشر الوطن بمرحلة من التقدم والازدهار، وقد أوجزها في عدة محاور عن الإصلاحات الداخلية في مجال الأنظمة والقوانين والتشريعات التي تنظم الشأن الاقتصادي وتجلب الاستثمارات وتعطي الثقة للمستثمر الأجنبي والمحلي منها محاربة الفساد والضرب على أيدي المفسدين؛ لأن سفينة التطور التي ستبحر لخطة التحول 2020 ورؤية المملكة 2030 لن تتسع إلا للمخلصين نظيفي اليد والباطن، أما من تلطخت أيديهم بالفساد والعبث بأموال الدولة فلن يكون لهم مكان على متن هذه السفينة، ثانياً تحدث سموه -حفظه الله- عن منهج المملكة في تبني الوسطية والاعتدال ونبذ التطرف بكل أنواعه وأساليبه، وهذا بلا شك سيعيدنا إلى الإسلام الصافي الوسطي الذي جاء به محمد عليه الصلاة والسلام وبشر به في قوله تعالى (وجعلناكم أمة وسطا)، ومن لوازم هذه الوسطية نبذ ومحاربة كل فكر متشدد يحاول أن يعتسف القرآن أو السنة، ليأتي بفكر وتشريعات تأخذ البلاد والعباد الى أتون النزاعات والخصومات الطائفية والمذهبية، والتي نهى عنها الدين الإسلامي بل أمر بمحاربتها وعزلها لما لها من آثار تدميرية وتخريبية على عقول الشباب ومنهج حياتهم، وثالثا تحدث سموه عن تعزيز حقوق المرأة كما جاءت به الشريعة الإسلامية وما كفله الدين الصحيح للمرأة من حقوق وواجبات في المشاركة في بناء الوطن ودفع عجلة التقدم والرقي في كافة المجالات بما لا يؤثر على حشمتها وعفافها وكرامتها، كما تحدث سموه عن السياسة الخارجية للمملكة وأنها تسعى دائما للم الشمل العربي والإسلامي وتسعى لإرساء دعائم الأمن والسلام العالميين انطلاقاً من رسالتها التي منحها الله إياها كقبلة للعالم وحاضنة وحامية وخادمة للحرمين الشريفين، الأمر الذي جعلها لا تحمل هم وطموحات شعبها فحسب بل تسعى لتحقيق آمال وطموحات الشعوب العربية والإسلامية، ومن هذا المنطلق فهي ستقف ضد كل من يحاول المساس بأمن وسلامة الشعوب العربية والإسلامية سواء عبر جهودها أو من خلال المنصات العربية والإسلامية والعالمية.
شفافية ووضوح
وأشاد النائب في مجلس النواب البحريني جمال بوحسن بما تضمنه تصريح ولي العهد حول جميع القضايا على الصعيد الداخلي والإقليمي والعالمي؛ حيث تحدث سموه بكل شفافية ووضوح وكعادة سموه تألق في تناول جميع القضايا على كافة الأصعدة والمستويات.
وأضاف بوحسن بأن سمو ولي العهد يفاجئ الجميع بما يحمله من رؤية واضحة وحسن اطلاع على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي والعسكري ويضع الأمور في نصابها، وقال: بأن تصريح صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي ينم عن وعي وإدراك سياسي للواقع المعاصر سواء في إدارة أمور الحكم بالسعودية أو الإقليمي وما يحاك للمنطقة من مخططات القصد منها النيل من وحدتنا ومن كياننا الخليجي والعربي أو على المستوى العالمي، وأثنى النائب بوحسن على تعاطي سمو ولي العهد مع القضايا الحساسة والمهمة بكل جدارة واقتدار؛ حيث يعكس ذلك الخلفية السياسية والخبرة في إدارة الأمور على كافة المستويات وعلى كافة الأصعدة والتعاطي معها بالحكمة والحنكة السياسية المعهودة للسياسة السعودية المتزنة والمعتدلة في التعامل سواء على الصعيد المحلي أو الخارجي، وقد أثبت سموه بما لا يدع مجالا للشك كفاءة وقدرة سموه على إدارة الأمور كما عرف عنه بأنه سليل بيت الحكم والحكمة السياسة.
وأكد عضو المكتب الإعلامي لحركة النضال العربي لتحرير الأحواز محمد حطاب بأن شفافية ولي العهد في المقابلة واضحة وصريحة تبين الدور التخريبي التي تقوم به إيران الإرهابية في منطقة الشرق الأوسط، وتبرز المقابلة رؤية المملكة للأوضاع في المنطقة وعلى رأسها إيران.
وأضاف بأن وصف ولي العهد في المقابلة لخامنئي كان دقيقاً عندما شبهه بهتلر؛ حيث إن خامنئي ونظامه يسيران بالمنطقة إلى المزيد من الدمار والفوضى، وقال: بأن ولي العهد وجه عبر هذا اللقاء رسالة مهمة إلى العالم أجمع مفادها أن المملكة تواجه الإرهاب في منطقة الشرق الأوسط المتمثل في نظام الملالي والحرس الثوري، وأن على الدول العظمى تحمل مسؤولياته في هذا الإطار وتضع حدا لمغامرات حكام طهران حتى لا تصبح منطقة الشرق الأوسط كما كانت أوروبا في عهد هتلر، كما يؤكد حديث الأمير محمد بن سلمان أن المملكة ذاهبة بكل قوة وعزيمة لمواجهة الأطماع الإيرانية والعهد السعودي الجديد لن يتهاون في ردع حكام طهران.