أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ الدكتور سعود الشريم المسلمين بتقوى الله عز وجل والعمل على طاعته واجتناب نواهيه، وقال في خطبة الجمعة يوم أمس من المسجد الحرام أن التحذير من الهلع والأمر بمدافعته أو رفعه لا يعني أبدا التقليل من شأنه ولا أنه وهن على الدوام، فمن الهلع ما يوجب الحيطة والحذر وبذل أسباب الوقاية منه حتى لا يجذم التخذيل مكانه ولا الاستسلام ولا القعود أو يصبح عنصر سلبيا في مجتمع بأقصى درجات السلبية المبنية على احتكار الفرد ما يأتيه من الخير وعلى الاضطراب والجزع إثر كل بلية تحل به وإن صغرت والله جل شأنه استثنى من آفة الهلع المصلين والمتصفين بلوازمها، وأن مجتمعا يداوم على الصلاة وينفق مما آتاه الله ويصدق باليوم الآخر ويشفق من عذاب ربه ويحفظ أعراض ذويه ويؤدي أماناته ويقوم بشهاداته، فإن مجتمعا كهذا لن يحل به الهلع ولن يكون من بابته في ورد ولا صدر ولن يبدل الله آمنه خوفا، فكيف يشقى قوم أكرمهم الله في هذا الكتاب فتمسكوا به، وكيف يقع في التيه من اهتدى بهديه واستنار بنوره.
وأضاف فضيلته إن الحياة بلا أمل قنوط جاثم والأمل بلا عمل تمني كاذب وديننا الحنيف يدعو إلى الفأل والأمل الذين يستصحبان الجد والعمل وبذل الأسباب والحذر كل الحذر من مرجف يذكي بإرجافه الهلع ويأصل القناعة الوهمية بأن الزمان قد فسد برمته وأن المجتمعات قد هلكت وخراب دنياهم قاب قوسين أو أدنى وأنه لاخير باقي يرجى ليصدق فيه قول الرسول صلى الله عليه وسلم (إذا قال الرجل هلك الناس فهو أهلكهم).
ودعا فضيلته إلى العمل والاستبشار والتفاؤل، وأن المرء إذا جار على نفسه وأصرف في خوفه والهلع أتاح لأنفاسه حسرة تجلجل في قلبه وانخلع.
فيما أكد إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ د. عبدالمحسن القاسم – في خطبة الجمعة – أن الشكر حافظٌ للنعم مؤذنٌ بزيادتها قال الله تعالى: (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ)، مشددا على أن الله رازق لعباده برهم وفاجرهم : (وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا) ورزقه سبحانه بطاعته والتوبة إليه، (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ)
وقال: إن الله لطيف بعباده يلطف بهم من حيث لا يعلمون ويسبب لهم من مصالحهم مالا يحتسبون برٌ رحيم جوادٌ كريم، أسبغ علينا نعمه الظاهرة والباطنة، ونعمةٌ لا غنى للناس عنها بحال جعلها الله من دلائل ربوبيته.
وتحدث الشيخ القاسم عن نعمة الماء فقال: إن الماء عظمة ومجد وعز، وعرش الرحمن على ماء قال تعالى : (وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ ) وهو من نعم الله الغزيرة امتن الله به على من قبلنا فمن شكر منهم زاده ومن كفر عذبه، ومن رحمة الله بعباده أن يدخل الفرح والسرور على نفوسهم بنظرهم إلى ما يرونه من نعمه المتجددة، والماء جنسه واحد على اختلاف الأزمنة والأمكنة، خلقه الله بلا لون وأوجده بلا طعم وأنزله بلا رائحة لطيف يخالط الجوف، قوي يطغى على الأودية، ويبلغ الجبال، مخلوقٌ عظيم إن نزل عذاباً فلا يكشفه إلا الله،، يطهر الأبدان والقلوب، جعله الله مكفراً للذنوب والخطايا.
وقال: كما أن الماء نعمة فهذه النسمات اللطيفة والقطرات الصغيرة التي ينعم بها العباد قد تتحول بأمر الله إلى عذاب فأغرق الله بهذا الماء أقوماً أعرضوا عن الله وهو أول عذاب عذبت به الأمم، وقد جعله الله نصراً للمؤمنين في بدر، وهو النعيم الذي تسر به العين في جنات النعيم، قال تعالى: (فِيهَا أَنْهَارٌ مِّن مَّاءٍ غَيْرِ آسِنٍ)، وأهل النار يستغيثون طلباً له، قال سبحانه: (وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ).
وأضاف إن الماء من آيات الله الموجبة للإيمان، قال سبحانه: (وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ) آية، باهرة لا ينازع أحد بأنه من الله وأن لا موحد له سواه، وهو منة من الله عظيمة تصاحبنا في كل مكان وزمان فعلينا شكرها والتفكر فيها وطاعة خالقها وأن لا نغتر بفضل الله علينا بها وأن لا نسرف فيها ونتخذها عوناً على عمارة آخرتنا.