يطالب مصنعو البتروكيماويات في المملكة في ظل مناقشات مستمرة حول مستويات أسعار اللقيم الجاف والسائل، بالمحافظة على سعر مناسب للغاز وذلك على الرغم من التداعيات الكبيرة والمهمة لسيناريوهات هذه الأسعار هبوطاً أو ارتفاعاً على الاقتصاد الوطني وقطاعاته المختلفة، حيث يعني المحافظة على سعر مناسب للغاز استمرار تنافسية وقوة قطاع الكيماويات وإمكانية الاعتماد عليه كمصدر رئيس لتنويع الدخل، في حين أن أي تطورات غير مواتية على صعيد الأسعار قد تلقي بظلالها المعتمة السالبة على القدرة التنافسية للكيماويات في الأسواق الخارجية، في وقت تضل هذه الصناعة موجهة في الغالب للتصدير وليس للاستهلاك المحلي.

وأكد الأمين العام للجنة مصنعي البتروكيماويات في مجلس الغرف السعودية عبدالله بن صالح الحقباني في حديث لـ”الرياض” بأن قطاع الكيماويات يعد شريكاً رئيساً لرؤية 2030، ودوره كمساهم أساس في التنمية باستثمارات تزيد على 150 مليار دولار وتوظيفه 200,000 عامل بشكل مباشر وغير مباشر، ومساهمته بما نسبته 33 % من الناتج المحلي للصناعة التحويلية، وخلاف دعمه للاقتصاد بما قيمته نحو 260 بليون ريال سنويا. وأشار إلى من أهداف هذه الإستراتيجية الوطنية، تنويع مصادر الدخل للمملكة، وتوليد نحو 100 بليون دولار من الإيرادات غير النفطية بحلول عام 2020، وتوفير 6 ملايين وظيفة بحلول العام 2030 من خلال التركيز على الصناعات التحويلية وغيرها. كما تستهدف “الرؤية” رفع نسبة المحتوى المحلي في قطاع النفط والغاز من 40 % إلى 70 % بحلول العام 2030.

وأضاف وتبعاً لذلك يقدر أن يلعب الغاز بشقيه الجاف والسائل، إلى جانب النافثا والبترول، دوراً حاسماً في الاقتصاد في المستقبل المنظور. ومازال قطاع الكيماويات يحافظ على موقعه كثاني أكبر مصدر للدخل في المملكة بعد النفط بحصة تزيد على 70 % من إجمالي الصادرات غير النفطية، وبمقدوره بالتالي المساهمة في تنويع مصادر الدخل. وهكذا فإن توفر اللقيم وبالسعر المناسب ربما يكون القرار الحاسم في تعزيز أو إضعاف تنافسية هذه الصناعة واستمرارها. ولكن تحديد أسعار اللقيم على أهميته لم يعد مجرد شأن محلي وبخاصة مع دخول منافسين جدد لديهم المخزون، ولديهم التقنية، وتتوفر لهم كافة أدوات السيطرة على الأسواق وتحديد مساراتها.

وذكر بوجود تحولات مهمة ومتسارعة يشهدها العالم قد تعيد صياغة واقع أسواق الغاز الطبيعي وتعيد توزيع الأدوار، بحيث يصبح بعض كبار المستوردين الحاليين للغاز ومنها أميركا مصدرين ومنافسين، ما يفرض الحذر عند التخطيط لسياسات جديدة. ومن المهم مراقبة مثل هذه التطورات حتى تظل المبادرة دائماً بيد صانع القرار الوطني.

ومن التطورات المهمة على المشهد العالمي، الانتعاش غير المسبوق للغاز في الولايات المتحدة حالياً، بعد أن أصبحت منتجاً كبيراً للغاز بفضل الغاز الصخري، حيث تستثمر نحو 180 بليون دولار لاستكمال مشاريع جارية، أو أخرى تحت التخطيط. ويرى اقتصاديون أن أميركا على أعتاب نهضة صناعية جديدة قادمة، وأنها مرشحة لتحقيق معدلات نمو صناعية كبيرة.

في حين حظي قطاع الكيماويات السعودي لسنوات طويلة من أواخر القرن الماضي وحتى 2015 بالاستقرار بدعم من استقرار اللقيم عند مستوى 0.75 دولار، وظل القطاع يحافظ على ميزته النسبية وقدرته التنافسية عالمياً. ولاحقاً تكيفت الصناعة مع تعديلات في سعر اللقيم انتهت برفعه إلى 1.75 دولار للمليون وحدة حرارية، كما حافظ القطاع على أهميته حتى في ظل ارتفاع أسعار المواد الأولية.

إلا ان قطاع الكيماويات يعاني في الوقت الراهن رغم كل ذلك جملة من التحديات التي خلقت له عيوباً هيكلية وفي مقدمتها ظروف المنافسة المتغيرة، وبالتالي تأثر نمو الصناعة سلباً، حيث يلاحظ الركود على صعيد الاستثمار منذ ما يقارب العقد من الزمان. وما يؤكد ذلك هو غياب أي استثمار صناعي جديد خلال السنوات القليلة الماضية ما يعزز حقيقة الشكوك حول مستقبل هذه الصناعة ببعدها الإستراتيجي المهم.

ويمثل تسعير الغاز العامل الأكثر تأثيراً على منافسة الكيماويات كونها تشكل 80 % من مدخلات تكاليف الإنتاج، إلا أن الضبابية وعدم الوضوح في سياسة التسعير تزيد الأمور تعقيداً في ظل استمرار الحديث حول رفع الأسعار إلى المستويات العالمية والتي تتطلب ضرورة التعامل مع هذه المتغيرات وفق خطط استباقية متقنة وذلك للحد من تداعياتها على الاستثمارات وجاذبيتها محلياً.