شهدت المملكة خلال السنة المالية الأخيرة بعض الانخفاض في حركة قطاع الإنشاءات، تجلى ذلك في وفرة كبيرة في المعروض من المنشآت السكنية بأنواعها المتعددة، والواضح أن حجم العقارات المعروضة كبير جداً، وكان لانعكاسات ذلك أثره المباشر على قطاع صناعة الإسمنت حيث بدأ الحديث لدى بعض الشركات عن إغلاق بعض خطوط الإنتاج، أو إلغاء الكثير من الطاقات الإنتاجية الزائدة.
ولعلي ألفت في هذا المجال إلى أن بداية صناعة الإسمنت بالمملكة كانت متواضعة فبعد افتتاح شركة الإسمنت العربية كانت معدلات الإنتاج لا تزيد عن 94 ألف طن سنوياً، ثم توالت قفزات الإنتاج لتلبية الاحتياجات المتزايدة والحقيقة أن زيادة الطاقة الإنتاجية تعتبر ثروة وطنية يجب الحفاظ عليها وعدم التفريط فيها، تحسباً لأي طلب زائد محتمل، نتيجة للتوجه نحو زيادة معدلات تملك المواطنين للمساكن في الفترة المقبلة.
وفي تقديري أن أفضل وسيلة لمعالجة الوضع القائم يتمثل في اتباع أمرين هما:
الأول يتمثل في استخدام الإسمنت المسلح في تشييد شبكات الطرق، وخاصة في الجانب الأيمن من الطرق والمخصص للشاحنات، والذي تراه واضحاً في طرق المملكة لتحمل الثقل الكبير لحمولة الشاحنات أو لطبيعة الأرض الرملية أو الطينية.
والثاني يتمثل في اقتراح بإنشاء طرق وطنية قوية خاصة للاستخدامات العسكرية، تعتمد كذلك على الإسمنت المسلح، أسوة بما شاهدناه في أرجاء كثيرة في دول أوروبا وأمريكا الشمالية، حيث ترى لافتات تشير للدبابة ووزنها على معظم الجسور والكباري هناك.
ونحن في المملكة لدينا مساحات شاسعة ومتباعدة الأطراف، والنقل الجوي قد يكون مكلفاً ولهذا فالتوجه لربط شبكة الطرق بالمملكة شمالها بجنوبها، وشرقها بغربها هو أمر ضروري جداً، فما حصل في الحدود الجنوبية يتطلب نقلاً عسكرياً كثيفاً، ومن هنا فأنا أطرح هذين الاقتراحين أمام أصحاب القرار لدراستهما كحل لامتصاص فائض منتجات الإسمنت بدلاً من التفكير في إغلاق بعض خطوط الإنتاج، وحتى لا نجد أنفسنا أمام أزمة إنتاج حال حدوث أية تطورات في سوق استهلاك الإسمنت المحلي.