تواصل المملكة بقوة تنافسية هائلة ضخ استثمارات ضخمة في مشاريع النفط والغاز والبتروكيماويات وذلك على الرغم من انهيار أسعار الطاقة، حيث منحت المملكة بين الفترة 1 يوليو 2016 و30 يونيو 2017 عددا كبيرا من العقود الهندسية والمشتريات والإنشاءات في قطاع النفط والغاز والكيميائيات بلغ عددها 28 عقداً بقيمة 30.3 مليار ريال (8.1 مليارات دولار)، أي أكثر من ضعف القيمة التي وقعتها أي دولة أخرى في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
ويعكس هذا المستوى المرتفع من نشاط عقود الهندسة والإنشاءات في المملكة نظراً للوضع التنافسي للمملكة بامتلاكها أكبر سوق لمشاريع الهيدروكربونات في المنطقة. وفي بداية شهر أغسطس 2017، بلغت القيمة الإجمالية لمخططات المشاريع الأساسية النفطية في المملكة سواء قيد التنفيذ أو في مرحلة ما قبل التنفيذ أعلى مستوى لها في خمس سنوات على الأقل، عند 21.4 مليار دولار.
في حين كان السوق الثاني الأكثر نشاطا في الفترة قيد الاستعراض الجزائر والتي منحت ستة عقود بقيمة إجمالية بلغت 3.7 مليارات دولار. ويمكن اعتبار ذلك دليلا على أن الجهود التي تبذلها الحكومة الجزائرية لتشجيع تطوير المشاريع التمهيدية تشهد في الآونة الأخيرة بعض التقدم. وعلى مدى الأشهر الـ 18 الماضية، تمكنت الجزائر من عكس مسار الإنتاج وزيادة إنتاج النفط والغاز، والحصول على عائد أفضل من الحقول الناضجة.
ونالت سلطنة عمان ثالث أكثر الصفقات نشاطا من حيث التكلفة، حيث بلغت قيمتها 3.5 مليارات دولار، تليها الكويت بقيمة 3.4 مليارات دولار. وكان المقاولون الغربيون من حيث بلد المنشأ من المملكة المتحدة والولايات المتحدة، الأكثر نجاحاً في فترة 12 شهرا مرتفعة 2.5 مليار دولار و2.4 مليار دولار على التوالي. إلا أن شركة “بتروفاك” الإنجليزية التي تتخذ من الشارقة مقرا لها كانت المقاول الأكثر نجاحاً لشركة “غازتوب” الإنجليزية ولشركة “ماكديرموت” الأمريكية حيث بلغت قيمة صفقاتها 890 مليون دولار في المركز الثامن بشكل عام. وكان المقاولون الإيطاليون المجموعة التالية الأكثر نجاحا، حيث بلغ مجموع العقود 2.1 مليار دولار، تلتها شركات الهندسة والمشتريات والانشاءات من سلطنة عمان.
في حين كانت شركة “دودسال” من أكبر المتعاقدين المحليين في سلطنة عمان وهي الأكثر نجاحا خلال فترة الـ12 شهرا، وحققت 2 مليار دولار من الصفقات، بقيادة شركة الدقم العالمية للإنشاء (690 مليون دولار). مقارنة مع 1.9 مليار دولار في دولة الإمارات العربية المتحدة. وكان ثالث أفضل متعاقد منفرد هو الشركة الوطنية للبناء، التي حصلت على 585 مليون دولار من الصفقات، منها ثلاثة في المملكة العربية السعودية. وتعد الشركة واحدة من ستة مقاولين يشاركون في برنامج اتفاقية المدى الطويل لشركة أرامكو السعودية، والذي يمنح الشركات حقوقا حصرية لتقديم عطاءات لأعمال النفط والغاز غير البحرية في المملكة.
ومنحت شركة أرامكو السعودية بين بداية عام 2016 ومارس 2017، أكثر من 12 صفقة بقيمة إجمالية تبلغ 5 مليارات دولار في إطار برنامج اتفاقية المدى الطويل. وبالنظر إلى المستقبل، من المتوقع أن تستمر دول مجلس التعاون الخليجي، والمملكة العربية السعودية على وجه الخصوص، في توفير تدفق مستمر من منح عقود النفط والغاز على الرغم من تدني مستوى الإنفاق في هذا القطاع على المستوى العالمي.
وتصدرت شركات “بتروفاك” في المملكة المتحدة، و”سايبم” الإيطالية و”جي جي سي” اليابانية قائمة شركات المقاولات العالمية الأكثر نجاحاً في الدراسة السنوية التي أجرتها “ميد” لشركات الهندسة والمشتريات والبناء في قطاع الهيدروكربونات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. واستحوذت كل شركة على ما قيمته 1.9 مليار دولار من العمل في مشاريع النفط والغاز والبتروكيماويات في جميع أنحاء المنطقة باستثناء إيران وتركيا بين 1 يوليو 2016 و30 يونيو 2017.
وتحتل شركة “ريونيداس” الإسبانية، التي تصدرت الترتيب العام الماضي، المركز الرابع، حيث فازت بقيمة عقود بلغت 1.8 مليار دولار على مدى فترة 12 شهرا. فيما حلت شركة “دودسال” ومقرها دولة الإمارات في المرتبة الخامسة، على الرغم من فوزها بصفقة واحدة فقط خلال العام وحصولها على عقد بقيمة 1.2 مليار دولار من شركة سوناطراك الجزائرية لتطوير حقل حاسي مسعود.
وقد أثبت العام مرور فترة صعبة بالنسبة للمقاولين حيث انخفضت القيمة الإجمالية للصفقات المضمونة من قبل أكبر 10 شركات بنسبة 40 في المئة عن المسح الذي أجري في الفترة 2015 /2016 وبنسبة 23 في المائة أقل من 2014 /2015، في حين كانت الشركة التي تظفر بعقد بقيمة 1.9 مليار دولار تأتي في المرتبة الثامنة في الترتيب 2015 /2016، والسادس في 2014 /2015.
وعزي أحد الأسباب التي أدت إلى الانخفاض في منح العقود إلى التأخيرات في المشاريع وإلغاؤها بسبب استمرار انخفاض أسعار النفط منذ منتصف عام 2014. إلا أن هناك عاملا مهما آخر يكمن في أن عام 2015 /2016 كان عاما زخما وضخما لعقود الهيدروكربونات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من حيث عقد صفقات لعدد من المشاريع الكبرى. وشملت هذه المشاريع مصفاة الكويت الجديد الذي تبلغ تكلفتها 17 مليار دولار، وكان أكبر عقودها بقيمة 4.1 مليار دولار، وفاز بها اتحاد من شركة “ريونيداس” وشركة سينوبك الصينية، ومجموعة هانوا الكورية الجنوبية.
وشملت المشاريع الكبرى الأخرى الممنوحة خلال هذه الفترة مشروع توريد الغاز الطبيعي المسال في مصفاة الأحمدي بقيمة 2.9 مليار دولار، ومجمع عمان لوى للبلاستيك بقيمة 6.4 مليار دولار، ومعمل غاز الفاضلي بالمملكة بقيمة 6 مليارات دولار وتمثل آخر الصفقات الممنوحة لعقود الهندسة والمشتريات والإنشاءات.
وكانت أكبر صفقة خلال الفترة الأخيرة قيد الاستعراض بقيمة 1.3 مليار دولار لمركز تجميع النفط التابع لشركة نفط الكويت في حقل برقان والذي فاز به شركة “بتروفاك” الإنجليزية، في حين كان الفوز الآخر للشركة ذاتها صفقة بقيمة 600 مليون دولار لبناء معمل استخلاص غاز البترول المسال في عمان. فيما أتت جميع العقود الجديدة لشركة “جي بي سي” اليابانية من شركة سوناطراك الجزائرية بقيمة 1.2 مليار دولار لتطوير حقل غاز حاسي رمل و700 مليون دولار لتطوير حقل حاسي مسعود. في حين عقدت شركة “سايبم” الإيطالية ثلاث صفقات، وأكبرها بقيمة 900 مليون دولار في إنشاءات حقل زهر للغاز في مصر. في حين تم منح العقدين الأخرين لشركة رامكو السعودية.