‏‫أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ د. سعود الشريم المسلمين بتقوى الله عز وجل، والعمل على طاعته واجتناب نواهيه، وقال في خطبة الجمعة يوم أمس من المسجد الحرام: إن هناك استخفافاً يقع فيه كثير من الناس إلاّ من رحم الله، وهو استخفافهم بالذنوب والمعاصي والتهوين من شأنها واستسهال ارتكابها باحتقار عظمها وخطورتها وتسويغ ذلك بعفو الله والتغافل عن حليم عقابه وشديد عذابه لمرتكبيها والمُصرّين عليها، ويعملون أعمالاً لا يبالون فيها، فهي في أعيونهم أدق من الشعر وليست ذات شأن عندهم ولا يتهيبون عند عملها والقيام بها، والمرء الواعي لا يستخف بصغيرة لعلمه أن الجبال من الحصى وأن السيل باجتماع النقط وأن من لا يستعمل الرجاء أسرف بالتقصير، ومن لا يستعمل إلا الخوف أسرف بالتضييق والله جلا وعلا يقول: «إن الله شديد العقاب»، و «إن الله غفور رحيم».

وأضاف فضيلته أن الخوف والرجاء كالجناحين للطائر يحميانه من السقوط لقول الله -صلى الله عليه وسلم- (إياكم ومحقرات الذنوب).

وبين الشيخ الشريم أنه ما استخف بالناس أحد عرف حق الله وحق الناس عليه، لأن من استخف بك فقد خانك فاستخفاف المرء بالشيء استخفاف بصاحب الشيء نفسه، وإن أخطر ما يكون الاستخفاف حينما يتجاوز حدود الممارسة الفتية ليصبح ثقافة يتبارز بها المستخفون، وسبقاً مزرياً للمتهورين به أيهم يبلغ من الاستخفاف ذروته.

وأكد الشريم أن الاستخفاف نتيجة شعور بنقص في صورة كمال زائف فيداري سوأة نقصه بالاستخفاف بغيره ليوهم نفسه والآخرين بكمال مزور وتفوق على من سواه، ومثل هذا لا يقع منه الاستخفاف بغيره إلا إذا استحكمت فيه خفة العقل والمنطق، والناس لن يوقروا مستخفاً، ولن يمدحوه ولن يأنسوا قربه فضلاً عن أن يكون عنصراً إيجابياً في مجتمعهم ومحيطهم، بل على المستخف تدور الدوائر.

وأشار فضيلته إلى أنه لا يكثر الاستخفاف إلا عندما تغيب أمانة القلم وأمانة اللسان وأمانة الإنصاف ليبقى المكان فارغاً لحاضناته وهي العجب والغرور واللامبالاة فيرضع منها حتى يفطم بالكبر الذي هو بطر الحق وغمط الناس، وقد حذر سلفنا الصالح من الاستخفاف، وبينوا أن مثلث الأخلاق يشمل أمور المروءات، وأمور الدنيا، وحاصل الأمر أن الاستخفاف صفة مرذولة تعيب صاحبها، فربما أتلفت مروءته أو دنياه أو أخراه، والمسلم الصادق لا يستخف بأحد مهما كان وضعه، فلا يستخف بنسب ولا وظيفة ولا فقر ولا ضعف ولا جهل.