ناقش مختصون خلال الملتقى الرابع للاوقاف الذي افتتحه صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر أمير منطقة الرياض مساء الأربعاء ونظمته غرفة الرياض ممثلة بلجنة الأوقاف واختتم أعمال يوم أمس الخميس، العديد من المحاور التي تناولت واقع وتطوير قطاع الأوقاف على كافة المستويات.
وكان قد تحدث خلال الورشة الاولى الاستاذ عبدالله النمري المشرف العام على الاسكان التنموي بوزارة الاسكان عن برنامج الاسكان التنموي واستعراض دور الأوقاف في التنمية الاقتصادية، كما تحدث عن تأسس صندوق الاسكان التنموي لتسهيل الاستفادة من الأوقاف في برامج الإسكان التنموي وذلك بمشاركة لجنة الاوقاف بغرفة الرياض والبنك الاسلامي ووزارة الاسكان.
فيما تحدث الشيخ سليمان بن علي أبا الخيل قاضي الاستئناف بمنطقة الحدود الشمالية حول حقيقة الوقت، وعن وقف المنازل كأحد الممارسات المعاصرة في الوقف الذري، مستعرضا أنواع الوقف “صور الوقف الذري”، والفروق بين الوصية والوقف تطبيقات على المنازل في الوقف أو الوصية.
وعن الاوقاف التعليمية واوقاف الجامعات قدم د.عبدالحميد بن عبدالرحمن العبدالجبار أمين أوقاف جامعة الملك سعود سابقاً ورقة تناولت الأطر التنظيمية والحوكمة والعلاقات الوظيفية ومنها الأسس النظامية لبرامج الوقف التعليمي وأوقاف الجامعات، حوكمة برامج الوقف في ظل النظام الجديد للجامعات، كما تحدث عن استخدام الأصول الثابتة للجامعة أو المؤسسة التعليمية: الضوابط والإمكانات، تحديد خيارات ونوع المحافظ الاستثمارية الوقفية، وتحديد نسب الإنفاق على المصارف المحددة للأوقاف مقابل المحول للاستثمار، كما استعرض مسؤولية البرامج الوقفية ضمن موارد المؤسسة التعليمية.
فيما تحدث د. حامد ميرة خبيرة في الصناعة المالية الاسلامية عن هيكلة الوقف ومكانتها الدولية والمراحل الفنية لإصدار المعايير ومظاهر تأثيرها، كما تحدث الدكتور اسماعيل الجريوي عن مفهوم الالتزام، قواعد تطبيق الالتزام ومبادئه في إدارة الكيان، خلال الورشة النسائية تحدثت ليلى بنت احمد العلي حول التميز المؤسسي في المؤسسات الوقفية.
الأوقاف والتنمية:
تحدث الدكتور محمد بن سعود العصيمي أستاذ الاقتصاد المشارك والمشرف العام على مركز مقاصد للاستشارات بورقة عمل بعنوان “الأوقاف شريك التنمية وفق رؤية2030″، حيث عدّ صناعة القطاع الوقفي في السعودية متخلفة إلى حد كبير، باعتبار أن ممارسات القطاع ضمن الاقتصاد الخفي، مما أضعف إنتاجيته وتسبب بأضرار له وللعاملين به وللدولة.
وأكدت ورقة العمل أن رؤية 2030 والتحول الاقتصادي في السعودية تعد تغيير جوهري هيكلي وليس شكليا، والقطاع الوقفي ليس مستعداً لاستيعاب مثل ذلك، حيث أن التغيرات الجديدة ستقلل من العوائد المالية التي تصرفه له، إلا أن دور القطاع الثالث حيوي جداً في الرؤية.
وحول أبرز التحديات التي يواجها القطاع الوقفي أكد العصيمي أن “القطاع الوقفي يعاني مما عانى منه القطاع المالي والبنكي من التغيرات الكبرى في طرق الاستثمار والادخار والانفجار في الهندسة المالية، وأنه ليس هناك شهادات مهنية خاصة بالأوقاف، ولا مسار في الكليات المالية، ولا كتاب جامعي منهجي مفصل على الاحتياجات الخاصة للقطاع”.
وطالب العصيمي بفرض حصة إلزامية للأوقاف في الاكتتابات العامة الكبرى، مضيفاً “نحن مقدمون على اكتتاب أرامكو، وفي اكتتاب الأوقاف فيها توطين لها وسحب سيولة كبيرة لديها لعمل خلاق”، وأضاف العصيمي “يجب إلغاء الرسوم والضرائب على الأوقاف، وتكون مساهمة من الحكومة في النشاط الوقفي”.
بعد ذلك قدم صالح بن عبدالله الحناكي الرئيس التنفيذي لشركة الإنماء للاستثمار ورقة عمل بعنوان “صناديق الاستثمار الوقفية”، ركزت على توضيح آلية عمل صناديق الاستثمار الوقفي الذي يعتمد رأس مال متغير ويتيح الفرصة لشريحة كبيرة من أفراد المجتمع لوقف أموالهم. وحددت ورقة العمل للحناكي أبرز التحديات للقطاع غير الربحي والمؤسسات الوقفية بما فيها صناديق الاستثمار في أربع تحديات وهي تطبيقات الحوكمة والكوادر المتخصصة وقلة مرونة أصول الوقف وحفظ سجلات المشاركين في الوقف.
عقب ذلك طرح الدكتور محمد بن إبراهيم السحيباني عضو هيئة التدريس بكلية الاقتصاد والعلوم الإدارية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ورقة عمل استعرض فيها تقرير اقتصاديات الوقف الصادر عن لجنة الأوقاف بالغرفة التجارية الصناعية بالمنطقة الشرقية، حيث أكد التقرير أن الأوقاف العامة الخاضعة لإشراف الجهات الحكومية في المملكة، تبلغ قيمته 54 مليار ريال، وتعاني هذه الأوقاف من ضعف حجمها مقارنة بحجم الاقتصاد السعودي؛ حيث لم تتجاوز نسبة إسهام القطاع غير الربحي إلى إجمالي الناتج المحلي 0.3%، مقارنة بالمتوسط العالمي الذي يبلغ 6%، وذلك بحسب رؤية 2030، والتي تستهدف رفع نسبة إسهام القطاع غير الربحي ليصل إلى 5% بحلول 2030. فيما تتجاوز أصول الأوقاف الأهلية التي يديرها الأفراد أو المؤسسات والشركات غير الربحية والجمعيات الخيرية 300 مليار ريال سعودي، وتسهم في 49% من الموارد المالية للمؤسسات الخيرية في المملكة.
الأوقاف الصحية
واستعرضت ورقتا عمل، بدأها الدكتور إبراهيم بن سليمان الحيدري المشرف على برنامج المشاركة المجتمعية بوزارة الصحة، والذي تحدث عن “الإسهام الوقفي في المجال الصحي في المملكة العربية السعودية”، حيث كشف عن دراسة مسحية استنتجت عدم وجود منظمات وقفية متخصصة في المنح على المجال الصحي في السعودية، رغم وجود المجال الصحي كأحد البنود في وثيقة الوقف أو الخطة الإستراتيجية في 65% من عينة الدراسة.
واستعرضت ورقة العمل الثانية نماذج وتجارب عالمية في الأوقاف الصحية قدمها الدكتور خالد بن إبراهيم القميزي استشاري طب الأسرة بكلية الطب بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، ومن بينها مؤسسة كيزر فاملي وصندوق الملك ووقفية ويلكوم ومنظمة باث وصندوق إعانة المرضى في السودان.
الأوقاف المعاصرة
وفي الجلسة الثالثة التي أدارها الشيخ صالح بن حميد عضو هيئة كبار العلماء وتناولت محور الأوقاف المعاصرة، وألقيت خلالها ثلاثة أوراق عمل بدأها الشيخ الدكتور يوسف بن عبدالله الشبيلي عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بورقة عمل عنوانها “وقف النقود”، حيث ركزت على التفريق بين الأوقاف الاستثمارية العينية وغير العينية، وعن البدائل المعاصرة للأوقاف الاستثمارية غير العينية، التي تمكن الناظر من استثمار الأموال الموقوفة بالطرق التجارية التي تحقق المصلحة للوقف.
تلى ذلك ورقة عمل ألقاها الشيخ سليمان بن عبدالله الماجد عضو مجلس الشورى سابقاً حول المنح وفق المقاصد الشرعية، حيث استعرض دراسة علمية رؤيتها توجيه المنح إلى أفضل مصارفه رتبة وقدرا، وفق مقاصد الشريعة وجهات ترجيحها.
واختتمت الجلسة الثالثة بورقة عمل بعنوان نماذج للأوقاف المبتكرة ألقاها الدكتور العياشي الصادق فداد، كبير خبراء المعهد الإسلامي للتدريب والبحوث.
استدامة الأوقاف
تناولت الجلسة الرابعة محور استدامة الأوقاف، مستعرضةً ثلاثة أوراق عمل قدمها أنس بن فهد الضويان العضو المعتمد والمدرب في الهيئة السعودية للمقيمين المعتمدين حول التقييم السنوي لأصول الوقف، فيما تناولت ورقة عمل إدارة المخاطر التي ألقاها أحمد المنيفي تحديد المخاطر المتعلقة بالأوقاف ومن بينها مخاطر تنظيمية متعلقة بالتشريعات والانظمة، ومخاطر استثمارية، ومخاطر السيولة النقدية، ومخاطر إدارية تتضمن في عدم توفر كادر إداري تنفيذي كفؤ ذو خبرة قادر على رسم استراتيجية.
كما استعرض أيمن بن أمين سجيني الرئيس التنفيذي لمصرف إبدار، ورقة عمل عن استثمار الأوقاف، أما في الجلسة الأخيرة التي تناولت استشراف مستقبل الأوقاف، طرح خلالها ثلاثة أوراق عمل ألقى أولاها الدكتور حسن بن محمد آل شريم مساعد أمين مؤسسة محمد وعبدالله إبراهيم السبيعي الخيرية، وتناول ممكنات قيام قطاع وقفي فاعل، حيث كشف عن دراسة بحثية أعدتها لجنة الأوقاف بالغرفة التجارية في الرياض خلصت إلى أن القطاع الوقفي بحاجة إعداد تشريعات وتنظيمات مطمئنة للواقفين والجهات الوقفية، وضرورة نشر الوعي الشرعي والنظامي بالوقف ووضع معايير واضحة ومنضبطة باختيار إدارات الأوقاف. فيما ركزت الورقة الثانية التي ألقاها الدكتور سامي تيسير سلمان العضو المنتدب للمعهد الدولي للوقف الإسلامي على الأوقاف الريادية والذي استعرض نماذج ريادية لأوقاف عالمية ومحلية من بينها مشروع الباطن الوقفي الزراعي والدواجن الوطنية وجنى للأسر المنتجة.
وفي ورقة العمل الأخيرة بالملتقى التي ألقاها الدكتور رجاء بن مناحي المرزوقي المستشار سابقاً في صندوق النقد الدولي، استشرفت مستقبل قطاع الأوقاف في الاقتصاد السعودي، حيث أكد على أن الأوقاف ستسهم في رأس المال البشري والتنمية المستدامة مشيراً إلى تأثيرها في هيكل الاقتصاد المحلي خصوصاً في تغيير تركيبة الإقتصاد من خلال زيادة مساهمة الاستثمار في الدخل المحلي الإجمالي.