أكد إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ الدكتور فيصل غزاوي أن ما شهده التاريخ منذ بزوغ فجر هذا الدين العظيم من مؤامرات للقضاء عليه أمر لم يتعرض له أي دين آخر وأي ملة أخرى من محاولات الاجتثاث والإقصاء والتشويه، ومع ذلك نرى هذا الدين – بفضل الله – يزداد انتشاراً وقبولاً لأنه هو دين الفطرة الذي ارتضاه الله للناس. ومهما سعى أعداء الإسلام جاهدين في محاربته، وطمس معالمه، والصد عن سبيله وأذية أهله، فلن يقف دوره، وسوف يظهر نوره، ويمتد أثره، ويبقى ما بقي الليل والنهار، وهذا ما أخبر عنه صلى الله عليه وسلم بقوله: (ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين بعز عزيز أو ذل ذليل عزاً يعز الله به الإسلام وذلاً يذل الله به الكفر).

وقال في خطبة الجمعة يوم أمس من المسجد الحرام بمكة المكرمة يا أمة محمد صلى الله عليه وسلم كونوا على يقين أن أمر الله غالب ودينَه منصور وغربتَه زائلة فأقيموا دين الله وتمسكوا به وكونوا من أنصاره.

ويا شباب الإسلام ويا فتيات الإسلام اعتزوا بدينكم وتمسكوا بتعاليمه القائمة على الوسطية والاعتدال ولا تَبعُدوا عنه وتسلكوا غير سبيله فتكونوا سبباً في غربته. ويا نساء المسلمين استشعرن المكانة المرموقة لَكُنّ في الإسلام فتمسكن بتعاليمه السمحة وتجملن بآدابه وقمن بدوركن في التربية والإصلاح واحذرن دعاة الضلالة والهوى. والنبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً كما بدأ، فطوبى للغرباء)، قيل: من هم يا رسول الله؟ قال: “الذين يَصلُحون إذا فسد الناس” وفي رواية أخرى، قيل: ومن الغرباء يا رسول الله؟ قال: “ناس صالحون قليل في ناسِ سوء كثير، ومن يعصيهم أكثرُ ممن يطيعهم”.

وأشار الشيخ الغزاوي إلى أن ما يصيب الأمة من أزمات وضعف ونكبات، وما يمر بها من محن وهزائمَ وابتلاءات ما هو إلا تذكير وتنبيه لها لتُفيق من رقدتها وتستيقظَ النفوسُ من سباتها وغفلتها، لأن هذه الأمة المباركة قد تمرض وقد تضعف وتتردى أوضاعها وتعصف بها الفتن وتشتد أزمتها، كما هو الحال في الأزمنة المتأخرة، لكنها بالرغم من ذلك كله لا تموت ولا تبيد، بل تظل كما وصفها الله (خير أمة أخرجت للناس)، فهي الأنفع والأصلح لأمم الأرض لأنها تحمل رسالة عالمية، تفيد كل الناس، مهما كانوا، وأينما كانوا، ومقدار أفضليتها مرتبط بمقدار نفعها لغيرها.