مازال ملف التحكيم في الدوري السعودي يحضر دوماً كأبرز المعضلات التي يسعى اتحاد الكرة لوضع حلول لها، مع تعاقب الإدارات عليه منذ أعوام طويلة، ما فتح الباب على مصراعيه هذا الموسم كحل مؤقت يشبه المسكن لوجود الحكام الأجانب بكثافة في مباريات الدوري وفي كأس الملك، في غياب كبير للحكام المحليين، إلا في مباريات تعد على أصابع اليد الواحدة، وحتى مع مبادرة هيئة الرياضة هذا الموسم بتعميم الاستعانة بالحكام الأجانب، وفق طلبات إدارات الأندية، مع تكفل الهيئة بقيمة إحضار الطواقم التحكيمية الأجنبية، لم يكن ذلك منقذاً أخيراً من أخطاء التحكيم المحلي الماضية، خصوصاً مع حضور المستوى ذاته للحكم الأجنبي الذي كان يقدمه الحكم المحلي أو أقل بكثير في بعض المباريات.
على اتحاد الكرة وبالتنسيق مع هيئة الرياضة استثمار الوقت المتبقي للحكام المحليين دون تكليفهم بإدارة المباريات قبل انطلاق الموسم المقبل، وذلك بالعمل على إلحاقهم ببرامج معززة لخبراتهم، ولتطوير مستويات الثقة لديهم، أمام الضغوط المحيطة، وتكريم البارزين منهم محلياً وخارجياً إذ لا يمكن أن تتناسى الجماهير الرياضية تألق الكثير من الحكام السعوديين في المحافل الدولية، لمجرد إخفاق البعض منهم على الصعيد المحلي، المحاط بالكثير من الضغوط الإعلامية والجماهيرية مع ضرورة مواكبة الاحتراف في التحكيم كعنصر أساسي من عناصر نجاح هذا المشروع التطويري، وهذا يتطلب من اتحاد اللعبة النظرإلى دائرة التحكيم كوحدة تطوير تتشكل من خبراء التحكيم القادرين على تنمية العاملين في هذا الحقل، والتخطيط لتحسين طرق التدريب النظري والعملي، وتحسين روابط العلاقة بين هذه الفئة مع اتحاد اللعبة والأندية الرياضية، وكذلك المدربين واللاعبين والجمهور، ما يشكل المادة الأساسية لتقدم اللعبة.
سيظل تطور وتقدم كرة القدم مرهون بتطوير جميع عناصر اللعبة وتوفير أفضل السبل لهذه الغاية، ومن هذا المنطلق يقع على كاهل اتحاد الكرة السعودي مسؤولية تطوير قدرات حكامه والارتقاء بمستوياتهم بطريقة عصرية، تمكنهم من أداء دورهم بصورة مميزة؛ ليكونوا عنواناً لمستقبل أفضل للتحكيم السعودي بمواهب واعدة في هذا المجال، إذ لا يخفي الوسط الرياضي
حتى في ظل أزمة الثقة السائدة تجاه التحكيم المحلي، اعتزازه وابتهاجه برؤية الحكم السعودي عندما يبرز في حضوره القاري والدولي، لذا يبقى تكاتف جهود الجميع والتحلي بالمسؤولية الوطنية في قمة الحلول لتجاوز معضلة الحكام المحليين بنجاح، ويبقى الرهان على الحكام السعوديين أن يكونوا على صعيد الطموحات المنتظرة بعيداً عن أي ضغوط محيطة، والعمل على الظهور بأفضل المستويات التي يمتلكها الحكم السعودي متى ما عادت إليه الفرصة في المستقبل القريب، مع تكثيف وعقد الدورات وبإشراف محاضرين متخصصين على المستويين الآسيوي والدولي، سيكون كل ذلك له مردود إيجابي ومفيد لمراجعة القوانين والشرح المستفيض للحالات والمواقف وكيفية التعامل معها باحترافية، إضافة للمحاضرات النظرية والطرق التطبيقية لأساليب التحكيم الحديثة، إذ إن قضاة الملاعب سيبقون الجزء الأصيل والمهم في مكونات كرة القدم السعودية وجزء رئيس وأساس من النهوض بمستوى اللعبة.