كشفت البيانات الصادرة من وزارة العدل عن قيمة الصفقات العقارية التي تمت خلال شهر جمادى الآخرة لهذا العام 1439، بلغت 21.1 مليار ريال، بانخفاض بلغ 38 % مقارنة بنفس الشهر من العام الماضي.
وإذا ما قورنت بشهر جمادى الأولى من العام الماضي 1438، فقد سجلت الصفقات العقارية تراجعاً بنحو 3 % أي ما يعادل 400 مليون ريال، كما أوضحت البيانات أن قيمة الصفقات العقارية سجلت ارتفاعاً قدره 2 % منذ بداية عام 1439، ما يعادل 1.7 مليار ريال مقارنة بنفس الفترة من عام 1438، لتصل إلى 114.7 مليار ريال.
واستحوذت الصفقات العقارية التي تمت على قطع الأراضي السكنية والتجارية على الحصة الأكبر خلال شهر جمادى الآخرة من العام 1439هـ، حيث بلغت قيمتها 10.76 مليارات ريال وبنسبة تصل إلى حوالي 89 % من القيمة الإجمالية، تلتها صفقات الشقق بقيمة 691.7 مليون ريال.
وتعليقاً على ذلك قال الدكتور علي بوخمسين “باحث أكاديمي في الشأن العقاري الرئيس التنفيذي لمركز التنمية والتطوير للاستشارات الاقتصادية والإدارية” إنه في الثلاث السنوات الأخيرة حدث انخفاض حاد في أسعار العقار، وكان المكون الأكبر وهي الأراضي البيضاء والسكنية وهي تمثل في المتوسط نحو 80 % من حجم التداول في السوق العقارية، وهذا أثر على أسعار السلع العقارية الأخرى.
وأشار إلى أن نسبة الانخفاض في قطاع الأراضي لكونها أكبر كتلة تراوح من 50 % إلى 28 %، وانخفاض المباني وصل إلى 13 % في المتوسط في السوق السعودي، وانخفاض في الأراضي الصناعية والتجارية والزراعية، واصفاً هذا الانخفاض بأنه مبرر معزياً ذلك إلى أن الارتفاع أسعار السلع العقارية بلغ مستويات قياسية ومتضخمة، بحيث أصبح معه من العسير التداول في هذه السلع في ظل الظروف المستجدة على الاقتصاد الوطني، ومع دخول رؤية 2030 ومعها ما سنت من قوانين كثيرة، وقلة الإنفاق الحكومي، وانخفاض القدرة على الاستفادة من القروض السكنية بسبب تغيير التشريعات المتعلقة بقطاع الإقراض السكني من قبل مؤسسة النقد، وكل ذلك أثر على قدرة المواطن على التملك، فشكل جميعها عوامل ضاغطة ومنها فرض رسوم الأراضي البيضاء التي كانت عاملا مؤثرا في تجارة الأراضي، فخلق نوع من الضغط على أسعار الأراضي وخفض كثيراً من القيمة وحد منها وأعادها إلى نصابها، وفعلاً نجحت السياسة الحكومية في الحد من ارتفاعات أسعار الأراضي، كما نجحت وزارة الإسكان في إطلاق مجموعة من البرامج التمويلية غير الربحية التي أسهمت كذلك في الحد من ارتفاع المساكن والأراضي السكنية فأتت ثمارها في تخفيض السلع العقارية بشكل كبير وصل في المتوسط إلى 30 %، ومعها تمكن شريحة من المواطنين من الحصول على أرض أو مسكن وفقاً لإمكاناته.
وبخصوص توقعاته قال خلال الثلاث سنوات المقبلة سيصل السوق العقاري إلى مستوى تعادل بين السعر الحقيقي للسلعة وبين السعر المقبول لدى المستهلك ومعها سيحدث انتعاش في السوق العقاري، وسيبدأ بشكل تدريجي وتوقع أن يبدأ هذا في منتصف العام الجاري 2018، ومطلع 2019 سيكون هناك بداية الانتعاش في السوق العقاري للثلاث أعوام المقبلة لأنه بتطبيق الرؤية 2030، معزياً ذلك إلى بروز مفاهيم جديدة ومعها حدث تغيير في مفهوم الفكر العقاري، فكان الفكر السائد أن يشتري التاجر أرض ويحتفظ بها لعدة سنوات ثم يعيد تخطيطها ثم بيعها، مستدركاً بأن هذا النوع من الفكر انتهى وسيحل محلها الاستثمارات العقارية متعلقة بالمشروعات العملاقة التي ستطلقها الدولة في مجموعة مشروعات استثمار عقاري وترفيهي وسكني وتجمعات سكنية ضخمة سواءً أكانت تابعة لوزارة الإسكان أم غيرها ونحن بصدد نقل بؤر الاستثمار العقاري من أواسط المدن التقليدية إلى المناطق الجديدة.
أيضاً إطلاق فكر الاستثمار العقاري الحديث المتمثل في تأمين قناة استثمار يسيره يستطيع المواطن الدخول بمبالغ محدودة تملك مشروعات استثمارية عقارية بمئات الملايين عبر صناديق الريت العقارية.
كما توقع بوخمسين إلى أنه وفي الخمس سنوات التالية ابتداءً من العام 2022 – 2023 سينتقل السوق العقاري بشكل كامل من السوق العقاري التقليدي إلى الفكر الاستثماري الحديث القائم على رؤوس الأموال الضخمة والمؤسسات العلمية التي تخضع للفكر الإداري الحديث والحوكمة، وبالتالي من المتوقع سيتم إعادة تأهيل السوق العقاري بشكل جذري سنشهد معه خروج أسماء عقارية لامعة عبارة عن شركات استثمارية عقارية.
أما نبيل الفوزان “عقاري” فيرى أن هبوط العقار في الوقت الراهن هو وضع طبيعي وتصحيحي، مشيراً إلى أن كان لتدخل وزارة الإسكان عبر فرض الرسوم على الأراضي البيضاء والمخططات، ودخولها في تنظيم المساكن كان أمراً مطلوباً ومهماً، وأدت إلى ما اسمها بتصحيح أسعار العقار، وأعرب عن اعتقاده بأن الأسعار سوف تصحح إلى أسعار معقولة ليتمكن من خلالها المواطن والمستثمر من شراء الأراضي. وتوقع أن تتحسن أسعار العقار في 2020، وستعمل الأنظمة والقوانين الجديدة التي اتخذتها الدولة إلى تصحيح الأوضاع وتعزيز السوق العقاري المتين.