في الوقت الذي تتجدد فيه محاولات بائسة من الميليشيات الإرهابية في اليمن “الحوثي الإيرانية” لإحداث الخسائر بأي شكلٍ كانت، أكدت قوات التحالف العربي اليقظة التامّة والجاهزية الاستباقية لأي أحداث تخريبية إرهابية في اليمن أو مضيق باب المندب الذي يعد من أهم الممرات الملاحية لإمدادات الطاقة عالمياً، ولا غروَ في ذلك فالضغوط التي تعانيها هذه الميليشيات على الصعد كافة محلياً ودولياً وقرب أجلها يدفعها نحو طلب الانتحار دون مقابل، ولا أدلّ على ذلك من استهداف ناقلة النفط السعودية بالمياه الدولية غرب ميناء الحديدة.

وللأهمية البالغة التي تمثلها المضائق والممرات البحرية للتجارة الدولية ومنها مضيق باب المندب فإنه يستحيل تركه تحت وطأة مخاوف التهديد كالقرصنة البحرية أو الهجمات الإرهابية، لا سيما أن باب المندب يعدّ رابع أكبر الممرات المائية من حيث أهميته الاقتصادية والاستراتيجية، حيث يقوم بتمرير أكثر من خمسة ملايين برميل يومياً من النفط ومشتقاته وحوالي 10 % من مجموع تجارة الغاز الطبيعي المسال عالمياً.

وحول ذلك قال المستشار في شؤون الطاقة وتسويق النفط مدير دراسات الطاقة في “أوبك” سابقاً د. فيصل مرزا لـ “الرياض” إن هجوم الحوثي الإيراني الذي استهدف ناقلة نفط سعودية غرب ميناء الحديدة اليمني يعد تهديداً صارخاً للملاحة البحرية وأمن الطاقة العالمي، ونظراً للأهمية الاستراتيجية لمضيق باب المندب في البحر الأحمر الذي يبلغ طوله حوالي 20 كم فقط، حيث يلتقي البحر الأحمر بخليج عدن في بحر العرب، مما يجعل المئات من السفن هدفاً سهلاً وهذا ما تستهدفه إيران وهو عرقلة ممر الشحن الذي يعد واحدًا من أهم الطرق التجارية لناقلات النفط التي تمر عبره بعد تحميل شحنات النفط ومشتقاته من الخليج العربي في طريقها إلى البحر الأحمر لعبور قناة السويس إلى أوروبا والدول المطلة على البحر الأبيض المتوسط.

وذكر مرزا أن عرقلة طريق الشحن الحيوي هذا الذي يربط البحر الأبيض المتوسط ببحر العرب والمحيط الهندي سوف يؤثر على الملاحة البحرية ويمثل تهديدًا خطيرًا لحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية في مضيق باب المندب والبحر الأحمر وقد يؤدي إلى ارتفاع الأسعار نظراً إلى إضافة تكاليف التأمين على الناقلات النفط والشحن.

وأوضح أن النقل الآمن للنفط أمر بالغ الأهمية للتجارة العالمية والنمو الاقتصادي فتجارة النفط تتطلب استخدام طرق التجارة البحرية، حيث يتم من خلالها نقل غالبية صادرات النفط العالمية، وللمرات المائية ترتيب من حيث أهميتها وتأتي تباعاً كالتالي (مضيق هرمز، مضيق ملقا، قناة السويس، مضيق باب المندب، مضيق البسفور، قناة بنما)، ويعتبر مضيق باب المندب شرياناً رئيساً للحركة الاقتصادية والتجارية العالمية ورابع أكبر الممرات من حيث عدد براميل النفط التي تمر به يومياً، حيث يمر خلال المضيق أكثر من خمسة ملايين برميل يومياً من النفط الخام ومشتقاته، وحوالي 10 % من مجموع تجارة الغاز الطبيعي المسال في العالم، هذه الخصائص جعلت باب المندب يحتل المرتبة الرابعة عالمياً بعد قناة السويس، ولكنه الشريان الأساسي، فهو بمثابة بوابة عبور السفن عبر قناة السويس، فإغلاق مضيق باب المندب يمنع الناقلات والسفن من الوصول إلى قناة السويس وخط أنابيب (سوميد) الذي ينقل النفط إلى أوروبا والدول المطلة على البحر الأبيض المتوسط، فتجارة النفط العالمية سوف تتأثر مما يؤدي لارتفاع النفط وارتفاع تكاليف الشحن بالنسبة للناقلات التي ستعبره وفي الأخير تهديد أمن الطاقة العالمي.

إلى ذلك قال الباحث والكاتب السياسي فهد ديباجي إن أمن الممرات المائية جزء لا يتجزأ من الأمن القومي العربي الشامل، وأن التصدي لهذه المسألة ليس مصلحة سعودية خاصة وإنما مسؤولية عربية ونعتقد أن الحقائق تؤكد هذه القناعة ويؤيدها القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، مما يستلزم حمايتها من المتطرفين والجماعات الإرهابية وهو ما يؤكد أن أمن الممرات المائية عنصر لا بد من توفره ليس لحماية هذه الممرات وضمان سلامتها بل لتطويرها وتنميتها، واستثمارها بما يخدم المصالح العربية والدولية، ومن أمثلة ذلك الاستهداف المباشر من قبل الحوثيين للمياه الإقليمية اليمنية مما يعني التأكيد لحجم التهديدات المباشرة لأمن الملاحة الدولية في باب المندب، لذلك تدرك المملكة تماماً أن الأولوية القصوى الآن سياسياً وعسكرياً تنحصر في إنجاز الأهداف المحددة لعملية عاصفة الحزم وإعادة الأمل والمحافظة على أمن الممرات المائية، لذلك تعلم قوات التحالف العربي أن نشر السلاح في مضيق باب المندب أو مضيق هرمز وسيناء أمر لا يمكن القبول به إطلاقاً.