النسخة الـ19 من كأس العالم البلد الذي سيستضيف منافسات البطولة، سيكون أفريقياً، وفقاً لاتجاه الاتحاد الدولي لكرة القدم “الفيفا”، والذي يرى أن جميع القارات يجب أن تنال حظها من الاستضافة، تقدمت مصر والمغرب وجنوب أفريقيا، وقدمت ليبيا وتونس طلباً مشتركاً لاستضافة البطولة، لكن الاتحاد الدولي رفض الملف المشترك وانسحبت تونس وتم رفض الملف الليبي لعدم استيفائه شروط الاستضافة، وفي قاعة الاقتراع بزيوريخ السويسرية اكتسب ملف جنوب أفريقيا نصيب الأسد من أصوات اللجنة التنفيذية بـ14 صوتاً بمقابل 11 للمغرب، ولم يحصل ملف مصر على أي صوت، ليعلن “الفيفا” أن كأس العالم سيكون مقره جنوب أفريقيا.
التصفيات التمهيدية المؤهلة إلى نهائيات كأس العالم، شهدت مشكلة بين فرنسا وإيرلندا، فقد احتكم المنتخبان إلى خوض مباراة الملحق لتحديد أيهما المتأهل للمونديال الأفريقي، وفي دقائق المباراة الأخيرة سجل قائد فرنسا تيري هنري هدفاً بيده، أدى إلى إثارة غضب الإيرلنديين الذين قدموا طلباً رسمياً لإعادة المباراة، لكن الاتحاد الدولي رفض الطلب، ونتيجة لما حدث أعلن مراجعة إمكانية الاستعانة بالتكنلوجيا أو إضافة حكام وهو الأمر الذي لم يحدث، وفي قارة أميركا الجنوبية شهدت مباراة كوستاريكا والأوروغواي احتجاجاً على هدف فوز الأوروغواي باعتباره غير شرعي.
المعاناة تجتاح أفريقيا
معاناة التصفيات اجتاحت القارة الأفريقية، ففي الجولة الأخيرة انتصرت مصر على الجزائر 2-صفر في القاهرة ، مما كان الأمر يستوجب إقامة مباراة فاصلة بينهما، وقد شهدت أحداث شغب من أنصار المنتخب المصري ضد الجزائريين، كانت هذه الأحداث مدعاة قلق بالنسبة لرئيس الاتحاد الدولي جوزيف بلاتر الذي ناشد الجميع بالهدوء واحترام الانظمة والقوانين، المباراة الفاصلة أقيمت في السودان وانتهت بفوز الجزائر 1-صفر لتتأهل بالبطاقة الأفريقية إلى نهائيات كأس العالم.
غياب المنتخب السعودي عن نهائيات كاس العالم 2010، وإن لم يكن حدثاً لفت أنظار الكثير من متابعي الرياضة العالمية، إلا أنه حدث مهم بالنسبة للرياضة العربية، والتي فقدت ممثلها الدائم على مدى أربع نسخ ماضية، كان خلالها “الأخضر” يحمل راية تمثيل العرب في المحافل العالمية، جاءت البداية من مونديال أميركا عام 1994 وانتهت في مونديال ألمانيا عام 2006.
اكتمال النصاب
المنتخبات الـ32 اكتمل نصابها، واقتسمت هذه المنتخبات على ثماني مجموعات، وانطلقت مباريات البطولة بمواجهة المنتخب المستضيف للمكسيك، وتقدمت جنوب أفريقيا بالهدف الأول لكن المكسيك استطاعت أن تعادل النتيجة، لينتهي اللقاء الافتتاحي 1-1 ، وفشل المنتخب المستضيف أن يتأهل إلى دور الـ16، وترك المقعدين للمكسيك والأوروغواي، عن المجموعة الثانية تأهلت الأرجنتين وكوريا الجنوبية، وحقق المنتخب الأميركي مفاجأة البطولة بتأهله بصدارة المجموعة الثالثة ورافقه منتخب إنجلترا، وتأهل منتخب ألمانيا وغانا عن المجموعة الرابعة، واستطاعت هولندا واليابان التأهل من خامس المجموعات، وبعد أن قدم مستوى مخيباً للآمال غادر منتخب إيطاليا متذيلاً مجموعته السادسة، وترك للباراغواي وسلوفاكيا التأهل إلى دور الـ16، وترافق منتخبا البرازيل والبرتغال عن المجموعة السابعة، ومن ثامن المجموعات جاءت إسبانيا وتشيلي.
منتخب نيوزلندا هو المنتخب الوحيد الذي لم يخسر طوال مباريات البطولة، لكنه ودع سريعاً من الدور الأول، بالتعادل في جميع مبارياته الثلاث ولم تشفع له هذه النتائج من الاستمرار في البطولة التي انقسم منتخباتها إلى متأهل لدور الـ16 ومغادر إلى بلاده.
كوريا تحرج الأوروغواي
انطلق دور الـ16 من البطولة التي أقيمت في تسعة ملاعب، وخلافاً لما كان يعتقد منتخب الأوروغواي من أن مواجهة كوريا الجنوبية ستكون سهلة، فبعد أن تقدم سواريز لأوروغواي بهدفه الأول، استطاعت كوريا أن تعادل النتيجة عن طريق لي تشونج يونج، ولم يستطع “السيليستي” إحراز هدف الفوز إلا قبل صافرة النهاية بعشر دقائق عن طريق هدافه سواريز، وبمباراة ماراثونية تأهلت غانا على حساب أميركا بعد هزيمتها 2-1 ، ولم تجد ألمانيا صعوبة في إقصاء إنجلترا من طريقها، إذ ألحقت بها هزيمة تاريخية 4-1، واستطاعت الأرجنتين أن تعبر إلى ربع النهائي بعد هزيمة المكسيك 3-1.
ومن دون أي معاناة تجاوزت هولندا نظيرتها سلوفاكيا 2-1 ، واستعرضت البرازيل قوتها أمام تشيلي بفوزها 3-صفر ، وحققت إسبانيا فوزاً صعباً على البرتغال 1-صفر، وبعد 120 دقيقة فشلت خلالها اليابان والباراجواي من تسجيل أي هدف، ابتسمت ركلات الترجيح للباراغواي .
في ربع النهائي واجهت الأوروغواي خصماً شرساً ، فمع نهاية الشوط الأول تقدمت غانا بهدف سولي مونتاري، ومع انطلاقة الشوط الثاني عادل دييغو فورلان النتيجة ، وفي الدقيقة الأخيرة من زمن الشوط الإضافي الثاني كانت الكرة تتجه إلى مرمى “السيليستي” لكن يد مهاجمه سواريز اعترضتها وتم إقصاؤه بالبطاقة الحمراء، وأضاعت غانا هذه الركلة ليحتكم المنتخبان إلى ركلات الترجيح والتي تأهل عن طريقها الأوروغواي.
وفي المباراة الثانية تقدمت البرازيل أولاً عن طريق روبينيو، وعادلت هولندا وتقدمت عن طريق ويسلي شنايدر، لتتأهل إلى نصف النهائي بعد فوزها 2-1 ، وتحت قيادة الأسطورة دييغو مارادونا تلقت الأرجنتين هزيمة تاريخية من ألمانيا بنتيجة 4-صفر، فيما انتظرت إسبانيا حتى الدقائق الأخيرة لتسجل هدف المباراة الوحيد أمام الباراغواي بأقدام ديفيد فيا.
هولندا أول المتأهلين
في نصف نهائي البطولة، تأهلت هولندا إلى المباراة النهائية بعد فوزها على الأوروغواي بمباراة مثيرة انتهت 3-2 لصالح الطواحين الهولندية، وفي مباراة ألمانيا وإسبانيا واصل الإسبان تحقيق انتصاراتهم بذات النتيجة 1-صفر عن طريق مدافع المنتخب كارلوس بويول .
المباراة النهائية شهدها ملعب سوكر سيتي في جوهانسبورغ، وابتدأت حامية الوطيس فقبل أن تنقضي الدقائق العشرين الأولى، كان الحكم الإنجليزي هاورد ويب قد أشهر بطاقتين صفراوين لمدافع إسبانيا كارلوس بويول ومهاجم هولندا فان بيرسي، واستمرت المباراة خالية من الأهداف على الرغم من الندية التي ظهرت طوال مجرياتها، وفي منتصف الشوط الإضافي الأول ظهرت البطاقة الحمراء، إذ غادر مدافع هولندا جون هيتينغا بعد حصوله على البطاقة الصفراء الثانية في المباراة، وقبل أن يعلن الإنجليزي ويب نهاية الشوط الإضافي الثاني استطاع اندريس انيستا أن يخطف هدف الفوز لإسبانيا ويمنحها الفوز 1-صفر في نهائي مونديال أفريقيا.
نهائي الكروت الملونة
النهائي الذي قاده الإنجليزي هاورد ويب ورافقه طاقم تحكيم ياباني، شهد أكثر بطاقات ملونة تم إشهارها في نهائي كأس العالم، إذ ظهر اللون الأصفر 14 مرة ، كان لمنتخب هولندا تسع بطاقات صفراء، ولمنتخب إسبانيا خمس مثلها، فيما ظهر اللون الأحمر مرة واحدة كانت من نصيب قلب دفاع هولندا جون هيتينغا.
بلغ عدد الأهداف المسجلة طوال منافسات البطولة 145 هدفاً، كان لمنتخب ألمانيا الذي احتل المرتبة الثالثة نصيب الأسد ، فقد سجل لاعبوه 16 هدفاً، فيما المنتخب الوصيف هولندا بثاني أقوى خط هجوم بـ12 هدفاً، وسجل منتخب إسبانيا الذي توج بطلاً ثمانية أهداف فقط، فيما خرج منتخبا الجزائر وهنداروس دون أن يسجل لاعبوهما أي هدف طوال مبارياتهما .
وتساوى أربعة لاعبين بعدد الأهداف، هم الألماني توماس مولر والهولندي ويسلي شنايدر والإسباني ديفيد فيا والأووغوياني ديغو فورلان، بواقع خمسة أهداف لكل واحد منهم، لكن الاتحاد الدولي أعلن تتويج الألماني مولر بلقب الهداف باعتباره الأكثر صناعة من بين هؤلاء اللاعبين، إذ استطاع أن يصنع ثلاثة أهداف، فيما جاء بالمرتبة الثانية الذين سجلوا أربعة أهداف وهم الأرجنتيني غونزالو هيغواين وميروسلاف كلوزه والسلوفاكي روبرت فيتيك .
وحصل لاعب الأوروغواي دييغو فورلان على جائزة افضل لاعب بالبطولة، وظفر حارس إسبانيا إيكر كاسياس بالقفاز الذهبي وحقق توماس مولر جائز أفضل لاعب ناشئ ، فيما جمع منتخب إسبانيا جائزة اللعب النظيف مع لقب المونديال.
تسببت الكرة الرسمية للبطولة بالكثير من المشاكل لحراس المرمى، فالكرة التي انتجتها شركة أديداس الشهيرة، واختارت لها اسم كرة “الجابولاني”، كانت خفيفة الحركة وتتغير اتجاهاتها بشكل مباغت، وقد لاقت الكثير من النقد وعلى وجه الخصوص من حارس إسبانيا إيكر كاسياس .
فيما اشتهرت هذه البطولة بـ”الفوفوزيلا”، وهي عبارة عن آلة نفخ يستخدمها الجماهير في المدرجات ، وتعتبر مشتهرة في ملاعب جنوب إفريقيا، إلا أنها أحدثت ضجيجاً حينما ذاعت في كأس العالم، وطالب عدد من مدربي المنتخبات المشاركة أن يتم منع دخولها، لكن السويسري جوزيف بلاتر دافع عنها وقال إنها جزء من الثقافة الأفريقية ويجب على العالم أن يحترمها.
فيما اشتهر “الأخطبوط بول”، والذي كان يقبع في بحيرة بمدينة أوبرهاوزن الألمانية، وقبل المباريات كان يجد في حوضه صندوقين يحمل كل واحد منهما علم أحد المنتخبين، والحوض الذي يتجه إليه بول هو الفائز، وقد أصابت توقعاته في الكثير من المباريات مما كان له بالغ الأثر في شهرته وانتشار اسمه حول العالم.