قال وزير المالية محمد بن عبدالله الجدعان: «إن المملكة استمرت في سعيها لرفع كفاءة الإنفاق عن طريق مكتب ترشيد الإنفاق الرأسمالي والتشغيلي، وذلك بتحقيق وفورات تقدر بحوالي 12 مليار ريال سعودي للربع الأول لهذه العام؛ ليصل إجمالي الوفورات التراكمية إلى 68 مليار ريال سعودي»، وأكد، استمرار النهج المؤسسي لتحقيق كفاءة الإنفاق من خلال تأسيس وحدة تختص بالشراء الاستراتيجي، واعتماد نظام جديد للمنافسات والمشتريات الحكومية يدعم المحتوى المحلي، والمنشآت الصغيرة والمتوسطة ويرفع كفاءة الإنفاق، إضافة الى تعزيز الشفافية والمنافسة.

وبين خلال افتتاح الدورة 13 لمؤتمر يوروموني، أمس الذي تنظمه «مؤسسة يوروموني العالمية» بالشراكة مع وزارة المالية، «أن هذه الدورة تنعقد وقد مضت سنتان من التقدم الإيجابي في الإصلاحات الشاملة، التي تشهدها المملكة نحو تحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030 بقيادة خادم الحرمين الملك سلمان بن عبدالعزيز، ومتابعة وإشراف صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الدفاع، ورئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، منوها بما يشهده العالم من توقعات إيجابية لمعدلات النمو في الدول المتقدمة والأسواق الناشئة، كما يتعزز التفاؤل بنمو اقتصادي أفضل في المملكة، رغم وجود بعض المخاطر حول بعض الأسواق العالمية، فضلاً عن التغيرات الكبيرة والمتسارعة في سوق النفط».

وشدد على أن الاقتصاد السعودي يتمتع بثقل اقتصادي كبير على المستويين الإقليمي والدولي، وفرص استثمارية ضخمة وواعدة، ويظل محط الأنظار والمتابعة من قبل كبرى الشركات والمستثمرين، مستشهدا بالتقرير الأخير لصندوق النقد الدولي حول مشاورات المادة الرابعة للمملكة بحجم الإصلاحات الاقتصادية الهيكلية، التي تقوم بها المملكة، والتقدم المحرز لتحقيق أهداف تلك الإصلاحات في إطار رؤية 2030، خاصةً ما يتعلق بتعزيز الوضع المالي للمملكة، الذي بدأ يؤتي ثماره حسب وصف التقرير. كما أثنى الصندوق أيضاً على التقدم المحرز في تحسين بيئة الأعمال، إلى جانب الإجراءات المتخذة لتعزيز الشفافية والمساءلة الحكومية، والتخطيط المالي الأمثل على المدى المتوسط.

وأوضح الجدعان أن هذا التقدم الإيجابي الذي أحرزته وتحرزه الحكومة ببرامج الإصلاح الاقتصادي والهيكلي بما فيها التدابير المالية أكدّه إعلان الميزانية العامة للدولة للعام الجاري، التي بُنيت ضمن إطار متوسط المدى وفق أفضل الممارسات الدولية، التي تُعد أكبر ميزانية توسعية مخططة في تاريخ المملكة، حيث بلغ إجمالي الإنفاق الحكومي المخطط 978 مليار ريال سعودي. إضافةً إلى الإنفاق عن طريق صناديق التنمية الصناعية والعقارية، وكذلك من خلال صندوق الاستثمارات العامة، الذي خصص لها لهذا العام 133 مليار ريال سعودي تركز على القطاعات الاستثمارية الاستراتيجية مثل: «قطاعات الإسكان، والمواصلات، والصناعات، والبنى التحتية، وقطاع الخدمات الأساسية، ويضاف إلى ذلك كله اهتمام كبير بالقطاع الخاص، الذي تستهدف الرؤية أن يكون المحرك الأساس للنمو والتقدم الاقتصادي.

واستطرد قائلاً «تؤكد نتائج أداء الميزانية العامة للدولة للربع الأول لهذا العام، التي ستعلن قريبا، أننا سائرون بعزم وثبات نحو تحقيق مستهدفات المالية العامة والاقتصاد الكلي لهذا العام وعلى المدى المتوسط، حيث عكست مؤشراتها تقدماً مهماً في مسيرة إصلاحنا الاقتصادي نحو تحقيق أهداف برنامج تحقيق التوازن المالي متوسط المدى حتى العام 2023م، خاصةً في ظل تحقيق معدل ملحوظ في نمو الإيرادات غير النفطية، والاستمرار في وتيرة رفع كفاءة الإنفاق، ما يعطي تفاؤلا بتحقيق هدف تعزيز الاستدامة المالية، كما استطعنا خلال عامين بين 2015م و2017م تخفيض العجز في الميزانية بنسبة (40 %) لتصل إلى (9 %) من الناتج المحلي الإجمالي بنهاية العام 2017م، وسينخفض -بمشيئة الله- إلى (7 %) تقريباً بنهاية العام الجاري 2018م، في سيرٍ حثيث لتحقيق الاستدامة المالية، حيث أكد تقرير وكالة (موديز) للتصنيف الائتماني الأخير الثقة في برامج الإصلاح في المملكة العربية السعودية.

وقال الجدعان: «إن نجاح وزارة المالية من خلال مكتب إدارة الدين العام في إعادة تمويل القرض المجمع، والإقبال الاستثنائي من المؤسسات المالية الدولية وتخفيض هامش تكلفة التمويل (30 %) ومد فترة القرض، بالإضافة إلى رفع حجمه إلى 16 مليار دولار أميركي. يؤكد فاعلية برنامج التوازن المالي، والإصلاحات الاقتصادية خلال السنتين الماضيتين، إضافة إلى ذلك؛ تمكنت المالية من خلال المكتب من إصدار سندات دولية هذا العام بقيمة 11 مليار دولار في فترة قياسية، حيث بلغ إجمالي الطلبات أكثر من 52 مليار دولار. وعلى الصعيد المحلي، تم في السوق المالية السعودية (تداول) إدراج وتداول أدوات الدين الصادرة عن حكومة المملكة بعدد 45 إصداراً بقيمة 204 مليارات ريال سعودي. حيث إن إدراج أدوات الدين الحكومية سيسهم في تعميق سوق الصكوك والسندات، الذي بدوره سيساعد في زيادة السيولة في السوق الثانوية، مما سيزيد من جاذبية أدوات الدين والتمويل للمستثمر والمصدر على حد سواء، ويساعد المصدرين من القطاع الخاص على إيجاد مصادر تمويل إضافية من خلال السوق المالية، وتحقق هذه الخطوة جزءا من مستهدفات رؤية المملكة 2030، الرامية إلى بناء سوق مالية متطورة ومنفتحة على العالم.

ونوه الى أن تدشين منصة (اعتماد) الرقمية للتعاملات المالية بين وزارة المالية والوزارات والمصالح الحكومية والقطاع الخاص، يوفر مزيدا من الشفافية والتسهيلات في الإجراءات، والعدالة في المنافسات، والحفاظ على المال العام، إضافة إلى ذلك استمرت الحكومة في دعم برنامج (حساب المواطن) للأسر المستحقة لمعالجة الآثار السلبية التي قد تنتج من الإصلاحات المالية، حيث تم تخصيص 32 مليار ريال في ميزانية هذا العام لهذا الغرض. وبدأت الحكومة في الصرف للقطاع الخاص من حزم التحفيز، التي سبق الإعلان عنها، والتي تصل إلى 200 مليار ريال حتى العام 2020، وتركز على الإسكان، والصناعة، والتقنية، ودعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة، والمحتوى المحلي، مبيناً أن ما يعزز التفاؤل ما نجده من تفاعل من قبل المواطنين (خاصة الشباب)، مع مسيرة الإصلاح، حيث يسعى الشباب إلى التغيير للأفضل في أعمالهم، كما يسعون إلى تحسين جودة حياتهم، وهذا ما تعمل عليه حكومة المملكة، فلقد تفضل خادم الحرمين الشريفين قبل أربعة أيام بوضع الحجر الأساس لمشروع (القدية)، الذي يُعد الوجهة الترفيهية والرياضية والثقافية الجديدة بالمملكة، ويتوقع الانتهاء من مرحلته الأولى 2022.

وكان جون أورتشارد، المدير الإداري لـ «يوروموني» قد افتتح المؤتمر بكلمة أكد أنه يشهد حضور مستثمرين ومسؤولين من 28 دولة، منوها بالشراكة مع وزارة المالية لإنجاح المؤتمر ومواكبته لمختلف المتغيرات الاقتصادية المحلية والعالمية.